كييف (أوكرانيا): تعهّد الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب في يوم عيد استقلال أوكرانيا الأربعاء بأن تواجه بلاده الغزو الروسي "حتى النهاية" وألا تقدّم "أي تنازل أو تسوية"، في أجواء من الضغط الشديد بعد ستة أشهر تماماً على بدء الحرب.

وتحتفل أوكرانيا في 24 آب/أغسطس بذكرى استقلالها عن الاتحاد السوفياتي. ويتزامن هذا اليوم مع مرور ستة أشهر على اندلاع الحرب التي أدت إلى سقوط آلاف القتلى وتسببت بدمار هائل.

ويأتي ذلك بينما تستعد الولايات المتحدة للإعلان عن مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة ثلاثة مليارات دولار، هي الأكبر التي تمنحها واشنطن لكييف، بينما سيعقد مجلس الأمن الدولي بطلب من واشنطن وباريس ولندن خصوصا جلسة صباح الأربعاء بمناسبة مرور ستة أشهر على غزو روسيا لأوكرانيا.

وقال زيلينسكي في خطاب مصوّر "لا يهمّنا الجيش الذي تملكونه، لا تهمّنا إلا أرضنا. سنقاتل من أجلها حتى النهاية. وأضاف "صمدنا بقوة على مدى ستة أشهر. كان الأمر صعبا لكننا حافظنا على عزمنا ونقاتل من أجل مصيرنا".

وتابع أن "كل يوم جديد يعطينا سببا لعدم الاستسلام، وبعد رحلة طويلة كهذه، لا يحق لنا بأن لا نستمر حتى النهاية"، مؤكداً "لن نحاول التوصل إلى تفاهم مع إرهابيين (...) وبالنسبة لنا، أوكرانيا تعني أوكرانيا كاملة بجميع مناطقها الـ25 من دون أي تنازل أو مساومة".

وكان زيلينسكي حذر مساء الثلاثاء من "استفزازات روسية وضربات وحشية" في ذكرى الاستقلال وكذلك مرور ستة أشهر على بدء الغزو. وقال "يجب أن ندرك أن يوم غد (الأربعاء) من الممكن أن تحدث استفزازات روسية مقيتة وضربات وحشية".

وأضاف "سنرد بالتأكيد على أي مظاهر للإرهاب الروسي".

قصف أوكرانيا

وفي الساعات الأولى من السبت، سمع دوي انفجارات في مدن عدة مثل خاركيف (شمال شرق) وزابوريجيا ودنيبرو (وسط)، حسب السلطات المحلية.

وصباح الثلاثاء بثت سفارة الولايات المتحدة في كييف أيضاً رسالة تحذر من أن روسيا قد تقصف أوكرانيا بشكل أكبر "في الأيام المقبلة" وأوصت المواطنين الأميركيين بمغادرة البلاد "على الفور".

منذ انسحاب القوات الروسية من محيط العاصمة الأوكرانية في نهاية آذار/مارس تركز الجزء الأكبر من القتال في الشرق حيث تقدمت موسكو ببطء قبل أن تتجمد الجبهة، وفي الجنوب حيث القوات الأوكرانية يقولون إنهم ينفذون هجوما مضادا وهو أيضا بطيء جدا.

مع ذلك، تواصل روسيا استهداف المدن الأوكرانية بصواريخ بعيدة المدى على الرغم من أن كييف والمناطق المحيطة بها نادرًا ما تتعرض للقصف.

تاريخ رمزي

وفي هذه الأجواء، لا تبدو كلمة "الاحتفال" مناسبة بينما يلزم السكان منازلهم. فقد حظرت سلطات كييف كل التجمعات العامة من الاثنين إلى الخميس في العاصمة، بينما فرض حاكم خاركيف (وسط الشرق) حظر تجول من مساء الثلاثاء إلى صباح الخميس.

وقالت نينا ميخائيلوفنا (80 عاماً) في ميدان الاستقلال في قلب كييف "خلال ستة أشهر دمرت الحياة الهادئة لكل أسرة"، متسائلة "ما هو حجم الدمار وكم عدد القتلى، ما هذا؟".

وفي هذا التاريخ الرمزي، ستعلن الولايات المتحدة عن مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا تبلغ حوالى ثلاثة مليارات دولار، حسب مسؤول أميركي.

وستكون هذه أكبر حزمة من المساعدات العسكرية الأميركية منذ بداية الحرب وستسمح لكييف بالحصول على أسلحة جديدة أو تمويل التدريب أو عمليات. وتأتي هذه الأموال من صندوق لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يمكن استخدامه لعمليات فورية أو للحصول على أسلحة.

وهو مختلف عن صندوق آخر يسمح للرئيس جو بايدن بأن يأمر بالنقل الفوري لأسلحة ومواد ومعدات من المخزونات الحالية إلى أوكرانيا.

وأعلن البنتاغون الجمعة الماضي عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا من هذا الصندوق بقيمة 775 مليون دولار. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية إن هذه الشريحة الجديدة من المساعدات تشمل صواريخ إضافية لأنظمة المدفعية الدقيقة الأميركية من طراز هيمارس التي "غيرت قواعد اللعبة في ساحة المعركة".

وأكد الأوروبيون الثلاثاء دعمهم لمدينة كييف خلال قمة "منصة القرم" التي تجمع الحلفاء الرئيسيين لأوكرانيا وكانت موجودة قبل غزو 24 شباط/فبراير.

وكررت ألمانيا الأربعاء تأكيدات من هذا النوع. وقال المستشار أولاف شولتس أن بلاده ستدعم كييف "طالما كان ذلك ضرورياً" في مواجهة الغزو الروسي.

وقال في رسالة فيديو بمناسبة العيد الوطني الأوكراني نشرت على حسابه على تويتر "ألمانيا تقف بقوة مع أوكرانيا اليوم وطالما أن أوكرانيا بحاجة إلى دعمنا". وأضاف شولتس "سنواصل تسليم الأسلحة (...) وتدريب الجنود الأوكرانيين على معدات أوروبية متطورة".

وهو يشير بذلك إلى شحنات أسلحة جديدة أعلنت عنها برلين الثلاثاء بقيمة 500 مليون يورو سيتم تسليم جزء منها في 2023. وبين الشحنات ثلاثة أنظمة للدفاع الجوي "آيريس-تي" ودبابات وقاذفات صواريخ وذخيرة وأجهزة مضادة للطائرات المسيرة.

وأكد شولتس "سنواصل عقوباتنا وسنقدم الدعم المالي لأوكرانيا وسنساعد في إعادة بناء البلدات والقرى المدمرة".

محطة زابوريجيا النووية

وبشأن التوتر حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية في وسط أوكرانيا، تبادلت روسيا وأوكرانيا الثلاثاء في اجتماع لمجلس الأمن، الاتهامات بتعريضها للخطر، بينما دعت الأمانة العامة للأمم المتحدة الجانبين إلى وقف جميع الأنشطة العسكرية حول الموقع.

وانتقد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا الغربيين الذين "يعيشون في واقع آخر يقصف فيه الجيش الروسي بنفسه الموقع الذي يحميه".

ورد السفير الأوكراني سيرجي كيسليتسيا "لا أحد يستطيع أن يتخيل أن أوكرانيا ستستهدف محطة للطاقة النووية مما يؤدي إلى خطر هائل بحدوث كارثة نووية على أراضيها".

وبحثت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية على موقع محطة الطاقة النووية.

وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي إن هذه الزيارة التي تهدف إلى "الحد من مخاطر وقوع حادث نووي خطير في أوروبا" يمكن أن تتم "في الأيام القليلة المقبلة إذا نجحت المفاوضات الحالية".