إيلاف من بيروت: تشتري روسيا ملايين قذائف المدفعية والصواريخ من كوريا الشمالية، وفقا للاستخبارات الأميركية التي رفعت السرية عن هذه المعلومات أخيًرا، في إشارة إلى أن العقوبات العالمية قيدت بشدة سلاسل التوريد وأجبرت موسكو على اللجوء إلى دول منبوذة للحصول على إمدادات عسكرية.

يأتي هذا الكشف بعد أيام من تلقي روسيا شحنات أولية من طائرات بدون طيار إيرانية الصنع، قال مسؤولون أميركيون إن بعضها يعاني مشاكل ميكانيكية. وقال مسؤولون حكوميون أميركيون إن قرار روسيا اللجوء إلى إيران والآن كوريا الشمالية علامة على أن العقوبات وضوابط التصدير التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا تضر بقدرة موسكو على الحصول على إمدادات لجيشها.

ولم تقدم الولايات المتحدة سوى القليل من المعلومات الاستخبارية التي رفعت عنها السرية حول الأسلحة الدقيقة أو توقيت أو حجم الشحنة، ولا طريقة حتى الآن للتحقق بشكل مستقل من عملية البيع. وقال مسؤول أميركي إنه إلى جانب الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية من المتوقع أن تحاول روسيا شراء معدات كورية شمالية إضافية في المستقبل.

قال ماسون كلارك، الذي يقود الفريق الروسي في معهد دراسات الحرب: "يجب أن يشعر الكرملين بالقلق من أنه يتعين عليه شراء أي شيء على الإطلاق من كوريا الشمالية".

قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأ البيت الأبيض في رفع السرية عن التقارير الاستخباراتية حول خطط موسكو العسكرية، ثم الكشف عن تلك المواد، أولا للحلفاء سرا ثم للجمهور. بعد شيء من الهدوء في الإفصاحات، بدأت الحكومة الأميركية مرة أخرى في رفع السرية عن المعلومات لتسليط الضوء على صراعات الجيش الروسي، بما في ذلك المعلومات الاستخباراتية الأخيرة حول شراء الطائرات الإيرانية بدون طيار ومشاكل الجيش الروسي في تجنيد الجنود.

لم تشل روسيا

العقوبات الاقتصادية الواسعة، على الأقل حتى الآن، لم تشل روسيا. وملأت أسعار الطاقة، التي ارتفعت بسبب الغزو، خزينتها ومكنت موسكو من تخفيف تداعيات انقطاع بنوكها عن التمويل الدولي والقيود المفروضة على الصادرات والواردات. كما فشلت العقوبات المفروضة على الأوليغارشية الروسية الفردية في تقويض سلطة الرئيس فلاديمير بوتين.

لكن مسؤولين أميركيين قالوا إنه عندما يتعلق الأمر بقدرة روسيا على إعادة بناء جيشها، فإن الإجراءات الاقتصادية لأوروبا والولايات المتحدة كانت فعالة. وقد حالت العقوبات الأميركية والأوروبية دون قدرة روسيا على شراء الأسلحة، أو الإلكترونيات لصنع تلك الأسلحة.

وكانت موسكو تأمل في أن تكون الصين مستعدة لمخالفة ضوابط التصدير هذه والاستمرار في تزويد الجيش الروسي. لكن في الأيام الأخيرة، قال مسؤولون أميركيون إنه في حين أن الصين مستعدة لشراء النفط الروسي بسعر مخفض، فإن بكين، على الأقل حتى الآن، احترمت ضوابط التصدير التي تستهدف الجيش الروسي ولم تحاول بيع معدات أو مكونات عسكرية.

وحذرت جينا ريموندو، وزيرة التجارة، الصين مرارا من أنه إذا انتهكت الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات، أكبر صانع لرقائق الكمبيوتر في الصين، أو غيرها من الشركات العقوبات المفروضة على روسيا، فإن الولايات المتحدة ستغلق هذه الشركات بشكل فعال، ما يقطع وصولها إلى التكنولوجيا الأمريكية التي تحتاجها لصنع أشباه الموصلات.

وإذ تخطو معظم الدول بحذر في مواجهة الضغوط الأميركية، ركزت روسيا في إبرام صفقاتها على إيران وكوريا الشمالية. فهاتان الدولتان معزولتان إلى حد كبير عن التجارة الدولية بفضل العقوبات الأميركية والدولية، ما يعني أن أيا من البلدين ليس لديه الكثير ليخسره بإبرام صفقات مع روسيا. وأي اتفاق لشراء أسلحة من كوريا الشمالية سيكون انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة التي تهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة من بيونغ يانغ.

لا علاقة

مع ذلك، من غير الواضح مدى علاقة الشراء من كوريا الشمالية بضوابط التصدير. لا يوجد شيء عالي التقنية في قذيفة مدفعية عيار 152 ملم أو صاروخ على غرار الكاتيوشا تنتجه كوريا الشمالية، كما قال فريدريك دبليو كاجان، الخبير العسكري في معهد أمريكان إنتربرايز. وقال مسؤول أمريكي إن الاتفاق الجديد مع كوريا الشمالية يظهر يأس موسكو. وقال كاغان إن التحول إلى كوريا الشمالية كان علامة على أن روسيا غير قادرة على ما يبدو على إنتاج أبسط العتاد اللازم لشن الحرب.

قال كاغان: "السبب الوحيد الذي يجعل الكرملين مضطرا لشراء قذائف مدفعية أو صواريخ من كوريا الشمالية أو أي شخص آخر هو أن بوتين كان غير راغب أو غير قادر على تعبئة الاقتصاد الروسي للحرب حتى على المستوى الأساسي".

يعد تقييد سلسلة التوريد العسكرية الروسية جزءا أساسيا من الاستراتيجية الأميركية لإضعاف موسكو، بهدف إعاقة جهودها الحربية في أوكرانيا وقدرتها المستقبلية على تهديد جيرانها. كما استنفدت المخزونات الروسية من تلك الأسلحة الدقيقة، ما أجبر الجنرالات الروس على الاعتماد بشكل أقل على الصواريخ وبناء استراتيجيتهم بدلا من ذلك حول هجوم مدفعي وحشي دمر بلدات في المنطقة الشرقية من أوكرانيا.

إن الكشف عن أن روسيا تسعى إلى الحصول على المزيد من ذخيرة المدفعية هو علامة على أن مشاكل الإمداد في موسكو من المرجح أن تكون أعمق من مجرد مكونات متطورة للدبابات المتطورة أو الصواريخ الدقيقة. وإذا كانت روسيا تسعى للحصول على المزيد من قذائف المدفعية من كوريا الشمالية، فإنها تواجه نقصا، وتكافح قاعدتها الصناعية لتلبية المطالب العسكرية للحرب.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية