إيلاف من بيروت: بعد طول انتظار، والكثير من الشعارات الحربية، والعديد من العمليات العسكرية من طعن بسكين إلى غارة جوية على المدنيين، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير ‏لابيد على المنبر الأممي ليقول إن تسوية المسألة الفلسطينية على اساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية هو "خيار صائب ويصب في مصلحة أمن إسرائيل ومستقبلها"، مضيفاً: "أي اتفاق سيكون مشروطاً بدولة فلسطينية مسالمة لا تهدد أمن إسرائيل".

تطور إيجابي.. ولكن!

أتى أول رد على لبيد من وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مرحبًا بالتبدل الإسرائيلي، وواصفاً هذا التصريح بأنه "إيجابي"، شريطة الأقوال الأقوال الإسرائيلية بالأفعال.

وأوضح وزير الداخلية السعودي أن تحقيق السلام يتطلب حواراً مباشراً بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مضيفًا في مقابلة له مع قناة "العربية": "معروف أنّ المملكة العربية السعودية طرحت مبادرة السلام العربي في عام 2002، ونحن ندعم مساعي السلام منذ زمن طويل، وإذا كانت تصريحات لابيد جادة، فهذا تطور إيجابي، والمملكة العربية السعودية حريصة على إرساء السلام".

موقف ثابت

في السياق نفسه، أكدت ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن المرحلة المقبلة تتطلب اتباع وسائل مبتكرة تعزز من فعالية نظامنا الدولي وتُحول الدول والمناطق التي تعج بها الأزمات إلى جهات لها دور بنّاء في معالجة تحديات العصر، وفقًا لما نقلت وكالة أنباء الإمارات.

وتعليقًا على ما قاله لبيد، قالت خلال كلمة ألقتها في الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "ونؤكد على موقفنا الثابت والداعي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وفقًا للمرجعيات الدولية المتفق عليها، ونرحب بما جاء في بيان رئيس وزراء دولة إسرائيل من على هذا المنبر بشأن دعم رؤية حل الدولتين"، لتلتقي بذلك رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الإطار مع موقف المملكة العربية السعودية الذي عبّر عنه الأمير فيصل بن فرحان.

النوايا لا تكفي

تزامن هذا الترحيب، الذي أتى سعوديًا وإماراتيًا، مع بعض الحذر الذي كان جليًا في تأكيد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، الذي أكد أن النوايا لا تكفي، ملتقيًا بذلك مع مطالبة الأمير فيصل بن فرحان بإقران إسرائيل أقوالها بألفعال.

ففي حوار مع موقع "المونيتور"، قال شكري: "أدرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد قد أشار علنًا إلى دعمه حل الدولتين. هذه مسألة دافعنا عنها دائمًا في مناقشاتنا مع الحكومة الإسرائيلية ومع الولايات المتحدة، وشركائنا في الاتحاد الأوروبي، ونأمل أن يتحقق هذ الحل. ونحن ندرك طبعًا أن ثمة انتخابات مقبلة في إسرائيل، وعلينا انتظار نتائح العملية الانتخابية وتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة نأمل أن تؤيد حل الدولتين وأن تستأنف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية".

أضاف شكري: "الإعلان عن النوايا لا يكفي. فبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على مؤتمر أوسلو، لم تتحقق رؤية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، تعيش جنبًا إلى جنب في أمن وسلام مع إسرائيل. وأستطيع أن أتفهم خيبة الأمل التي شعرت بها في خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس".

رأي آخر

هذا على المستوى العربي. فماذا في الجانب الإسرائيلي؟ قال لبيد في خطابه على المنبر الأممي إن أغلبية الإسرائيليين يؤيدون حل الدولتين مع الفلسطينيين. أضاف: "علينا أن نختار المستقبل بدلًا من الماضي، والسلام بدلًا من الحرب.. والفلسطينيون في إسرائيل ليسوا أعداء إنما شركاء.. والسلام ليس تنازلًا منا ولا ضعفًا".

إلا أن لصحيفة "تايمز أو إسرائيل" رأي آخر في هذه المسألة. فقد قالت على موقعها الإلكتروني إن استطلاعًا جديدًا للرأي نشر السبت يظهر أن "أغلبية الإسرائيليين اليهود يعارضون الدفع قدما بحل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، على الأقل في المدى القريب".

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، قال الاستطلاع الذي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية إن 31 في المئة فقط من الإسرائيليين اليهود يعتقدون أن الحكومة التي تشكلت بعد انتخابات الأول من نوفمبر الماضي يجب أن تحاول دفع حل الدولتين قدما. وقد انخفض هذه النسبة من 44 في المئة في فبراير 2021. وعارض 58 في المئة من الإسرائيليين اليهود حل الدولتين، بينما لم يحسم 11 في المئة منهم أمرهم.

أما عرب إسرائيل، فقد ارتفعت نسب تأييدهم لحل الدولتين، إذ وصلت إلى 60 في المئة.

نتنياهو يتهم

إلى ذلك، اتهم رئيس الوزراء الإسائيلي السابق بنيامين نتنياهو لابيد بمساعدة الفلسطينيين من خلال إثارة قضيتهم في الأمم المتحدة.

وقال نتنياهو إن رئيس الوزراء يضع "الفلسطينيين مرة أخرى في قلب المسرح الدولي ويعيد إسرائيل إلى الحفرة الفلسطينية".

أضاف: "اليوم يريد لابيد منح الفلسطينيين دولة إرهابية في قلب إسرائيل وهذه الدولة ستهددنا. لكن دعني أقول لك هذا يا سيد لابيد: أنا وشركائي لن نسمح لك"، في إشارة إلى المحافظين المتشددين والمشرعين الدينيين اليهود الذين يأمل أن يشكلوا ائتلافه المقبل، وهو الساعي جاهدًا للعودة إلى منصب رئاسة الوزراء.