كييف (أوكرانيا): أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء فرض الأحكام العرفية في أربع مناطق أوكرانية ضمّتها موسكو مؤخرا، فيما بدأت السلطات الموالية للكرملين في خيرسون الانسحاب من المدينة الواقعة في جنوب أوكرانيا.

ويسمح المرسوم الذي أصدره بوتين لفرض الأحكام العرفية في المناطق الخاضعة لسيطرة موسكو، بتعزيز صلاحيات السلطات المحلية في المناطق الحدودية الروسية.

وقال بوتين "نحن نعمل على حلّ المهمات المعقّدة جدا الواسعة النطاق لضمان الأمن وحماية مستقبل روسيا".

ويمنح المرسوم صلاحيات أوسع نطاقا للحد من حركة النقل إلى ومن وفي المناطق ويتيح إجلاء سكان هذه المناطق إلى "مناطق آمنة".

في الأثناء، بدأت السلطات الموالية للكرملين الانسحاب من مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا الأربعاء.

وأفاد سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف الاربعاء بأن "نحو خمسة ملايين من سكان" المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو، موجودون حاليا في روسيا.

وقال فلاديمير سالدو رئيس السلطات التابعة لروسيا مباشرةً على قناة "روسيا 24" التلفزيونية "اعتبارا من اليوم تنقل كل هيئات السلطة الموجودة في المدينة والإدارتان المدنية والعسكرية وكل الوزارات نحو الضفة الشرقية" لنهر دنيبر الذي يحد خيرسون.

استعراضٌ دعائي

لكن كبير الموظفين في الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك وصف التدابير بأنها "استعراض دعائي"، متّهما الروس بـ"محاولة تخويف أهالي خيرسون".

وكتب على تلغرام أن القوات الأوكرانية "لا تفتح النار على مدن أوكرانية".

من جانبه، قال النائب المحلي عن خيرسون سيرغي خلان في مؤتمر صحافي إن "الاجلاء المعلن هو بمثابة ترحيل. الهدف منه إشاعة نوع من الذعر في خيرسون (لتغذية) الدعاية" الروسية.

لكن استعادة كييف مساحات من أراضيها في الشرق وأجزاء من الجنوب أعقبتها ضربات صاروخية وهجمات بطائرات مسيّرة دمرت أجزاء كبيرة من شبكة الكهرباء في أوكرانيا قبل الشتاء.

وأعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو أن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت "صواريخ روسية عدة" فوق المدينة، وكان مراسلون من وكالة فرانس برس أفادوا بسماع دوي العديد من الانفجارات في وسط المدينة.

وتقع خيرسون على الضفة الغربية لنهر دنيبر، في الجانب نفسه الذي كانت القوات الأوكرانية تتقدم فيه عبر هجوم مضاد بدأ في آب/أغسطس.

وأوضخ سالدو أن الانسحاب والإجلاء المنظم للمدنيين من المدينة، كانا إجراءً احترازيا متعهدا أن تواصل القوات الروسية "القتال حتى الموت" ضد أوكرانيا.

وقال مسؤولون موالون لروسيا إن المدنيين لن يُسمح لهم بالمغادرة إلا باتجاه روسيا أو الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا.

واستهدفت القوات الأوكرانية جسورا عبر النهر لتعطيل خطوط الإمداد، لذلك تتم عمليات الإجلاء بالعبارات، على ما قال مسؤولون روس.

وعرضت قناة روسيا 24 التلفزيونية مشاهد لأشخاص ينتظرون ركوب العبارات لعبور النهر.

وقال مسؤولون محليون إنهم يخططون لإجلاء ما يصل إلى 60 ألف مدني من خيرسون في غضون ستة أيام تقريبا.

وقال قائد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفيكين الثلاثاء إن الجيش الروسي سيضمن "عمليات إجلاء آمنة للسكان".

وفي تصريح للتلفزيون الرسمي الروسي الثلاثاء اتّهم سوروفيكين أوكرانيا باستهداف بنى تحتية مدنية في المنطقة "ما يعرّض بشكل مباشر حياة السكان للخطر".

استعادت أوكرانيا السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي المحتلة في شرق البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.

وكان تقدمها على الجبهة الجنوبية أبطأ بكثير لكنه اكتسب زخما في الأيام الأخيرة.

كذلك، كان هناك بعض التقدم الروسي.

فقد أعلنت القوات الروسية الثلاثاء أنها استعادت أراضيَ من القوات الأوكرانية في منطقة خاركيف في شرق البلاد.

وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها موسكو استيلاء موسكو على قرية في تلك المنطقة منذ دفعها إلى الخروج منها الشهر الماضي.

تدعيم الدفاعات

وتعمل موسكو على تدعيم دفاعاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

من جانب آخر، قالت مجموعة "فاغنر" الروسية إنها تعمل على بناء خط دفاع محصن في منطقة لوغانسك في شرق أوكرانيا.

وقال مؤسس المجموعة يفغيني بريغوجين المقرب من الكرملين "بدأت مجموعة فاغنر شبه العسكرية بناء خط دفاعي محصن في منطقة لوغانسك بشرق أوكرانيا".

ونشر رجل الأعمال المقرب من الكرملين في حسابات شركته "كونكورد" على وسائل التواصل الاجتماعي "إنه دفاع متعدد المستويات والطبقات".

في السياق، تواصل القوات الروسية احتلال محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جهة مختلفة من نهر دنيبر.

وأكد رئيس مجموعة "إنيرغوأتوم" الأوكرانية بيترو كوتين أن "حوالى خمسين" موظفا في محطة زابوريجيا النووية التي تحتلها القوات الروسية في جنوب أوكرانيا منذ آذار/مارس، ما زالوا "أسرى" لدى الروس.

تدمير منشآت الطاقة

في غضون ذلك، سارعت أوكرانيا لإعادة بناء منشآت الطاقة المتضررة في كل أنحاء البلاد بعد سلسلة من الضربات الروسية.

وحذّرت الحكومة من خطر انقطاع التيار الكهربائي، مشيرة إلى أن 30 بالمئة من محطات الكهرباء في أوكرانيا قد دمّرت.

وقصفت طائرات مسيّرة كييف الاثنين ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص في ما وصفته الرئاسة بأنه هجوم يائس للروس بعد سلسلة من الخسائر في ساحة المعركة.

والثلاثاء تعرّضت منشأة للطاقة في المدينة لضربات، ما أوقع قتيلين.

وتتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو باستخدام طائرات مسيرة إيرانية الصنع لتنفيذ الضربات، وهي خطوة وصفها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها دليل على فشل روسيا.

لكن الكرملين أكد الثلاثاء أن "لا معلومات لديه" حول استخدام الجيش الروسي طائرات مسيرة إيرانية الصنع في أوكرانيا.

وفي السياق، أكد سلاح الجو الأوكراني الأربعاء أنه دمر 223 طائرة مسيرة إيرانية الصنع منذ منتصف أيلول/سبتمبر فيما نفت طهران مرارا في الأيام الأخيرة تزويد روسيا بأسلحة وطائرات مسيرة لغزوها أوكرانيا.

وفي هذا الصدد، قالت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل جمع "أدلة كافية" تشير إلى أن إيران تزوّد روسيا طائرات مسيّرة فتاكة ويسعى لفرض عقوبات على طهران.

ومنح البرلمان الاوروبي الأربعاء جائزة سخاروف للدفاع عن حرية الرأي للشعب الأوكراني "الشجاع" الذي يواجه الغزو الروسي.