لندن: وجهت المعارضة السياسية البريطانية انتقادات ساخرة الثلاثاء إلى رئيس الوزراء المعين حديثا ريشي سوناك بشأن ثروة عائلته الضخمة وحياته المهنية السابقة في صناديق الاستثمار، ملمّحة إلى أنه غير معني ولا يشعر بأزمة غلاء المعيشة المتفشية.
وانضمت صحيفة "ذي غارديان" اليسارية إلى المعمعة وعنونت صفحتها الأولى "هل ثروة ريشي سوناك البالغة 730 مليون جنيه إسترليني (840 مليون دولار) تجعله أكثر ثراء من أن يكون رئيسا للوزراء؟".
وقال المنتقدون إن وزير المال السابق البالغ 42 عاماً بعيد عن الواقع لدرجة أنه لا يهتم بمخاوف الناس العاديين خلال فترة أزمة اقتصادية متصاعدة.
وكتبت النائبة عن حزب العمال نادية ويتوم على تويتر "سوناك وزوجته يجلسان على ثروة مقدارها 730,000,000 جنيه. وهذا يعادل ضعف الثروة المقدرة للملك تشارلز الثالث".
وأضافت "تذكروا ذلك كلما تحدث عن اتخاذ قرارات صعبة ستدفع ثمنها الطبقة العاملة".
بيئة غنية
بدوره، قال جيريمي كوربين الزعيم اليساري السابق لحزب العمال المعارض والذي أصبح الآن عضواً برلمانياً مستقلاً، إن سوناك "سيهتم بمصالح 1 في المئة" من الشعب.
وأضاف على تويتر "الـ99 في المئة سيدفعون مقابل حصولهم على الحماية".
نشأ سوناك وهو ابن مهاجرَين من الهند وشرق أفريقيا، في بيئة غنية وارتاد مدارس خاصة بما فيها وينشستر كوليدج المرموقة.
بعد تخرجه من جامعة أكسفورد، عمل في شركة غولدمان ساكس لإدارة الاستثمارات وصندوقي تحوط يديران أموال مستثمرين من القطاع الخاص.
مكاسبه من تلك الفترة غير معروفة، وعندما أصبح وزيراً، وظف استثماراته في "صندوق غير شفاف".
مهاجمة سوناك
في العام 2009، تزوج أكشاتا مورتي، وهي ابنة ملياردير هندي، تملك حصة كبيرة في شركة برمجيات والدها "إنفوسيس". ويظهر الزوجان معاً على قائمة الأثرياء في صحيفة "صنداي تايمز" بثروة صافية تبلغ 730 مليون جنيه إسترليني.
وأضر قرار مورتي بالمطالبة بوضع غير مقيم لأسباب ضريبية أثناء إقامتها في المملكة المتحدة، بسمعة سوناك عندما ظهر إلى العلن في نيسان/أبريل، لكنها قررت في وقت لاحق البدء في دفع الضريبة في المملكة المتحدة على دخلها المكتسب في الهند.
وكتبت كايت فيرغوسن المحررة السياسية في صحيفة "ذي صن أون صنداي" على تويتر الإثنين، أن حزب العمال قرر مهاجمة سوناك بحجة أنه "أكثر ثراء من أن يكون قادراً على التواصل" مع الناس وفهمهم.
قد يعكس ذلك تصورات العامة، بحيث وجد استطلاع أجرته مجموعة "سافانتا كومريس" للبحوث السياسية أن أكثر كلمة يربطها الجمهور بسوناك هي كلمة "ثري".
ثروة سوناك
وقال كريس هوبكنز مدير المجموعة البحثية لوكالة فرانس برس "من المنصف القول إن كلمة ثري في المملكة المتحدة قد تكون مصطلحاً تحقيرياً" مضيفاً أن مصطلحات إيجابية مثل "قادر" و"ذكي" كانت موجودة أيضاً.
وأشار هوبكنز إلى أن قلة في بريطانيا ربما كانوا على دراية بثروة سوناك الهائلة حتى ظهر وضع زوجته كغير مقيمة، كما أن سياسيين آخرين من حزب المحافظين، مثل وزير المال جيريمي هانت، هم أيضاً أثرياء جداً.
لكنه قال إن العامة من المرجح أن تجد أن ثروة سوناك "من الصعب تقبلها" عندما سيضطر إلى وضع سياسات صارمة تضر بميزانيات الأسر وأن "ثروته الشخصية كبيرة لدرجة أنه سيكون محمياً" منها.
وقال العديد من المعلقين إن المسألة الرئيسية هي ما إذا كانت ثروة سوناك تمنعه من فهم كيف يعيش الآخرون.
عامة الناس
وفي بلد يملك فيه الناخبون وعياً كبيراً، عزف سوناك على ورقة قربه من "عامة الناس" وأكثر الحديث عن العمل في الصيدلية التي كانت تملكها عائلته عندما كان مراهقاً.
لكنه ارتكب زلات مثل ظهوره وهو يعاني للدفع ببطاقة مصرفية ويلتقط صوراً وهو يضع البنزين في سيارة شخص آخر وينتعل حذاء من برادا في أحد مواقع البناء.
وكتبت صحيفة "ذي ميرور" اليسارية في مقال افتتاحي هذا الصيف "كون المرء فاحش الثراء لا يحرم شخصاً من تولي منصب رئيس الوزراء أكثر من شخص يعاني فقراً مدقعاً".
لكنها قالت إن سوناك "سقط سقطة كبيرة" بشأن "التفاهم والتعاطف مع الناس العاديين الذين تعتمد حياتهم على القرارات التي يتخذها رئيس الوزراء".
ليس سطحياً
من جانبه، دافع وليام هايغ زميل سوناك في حزب المحافظين، عن رئيس الوزراء الجديد عبر "تايمز راديو" قائلاً إنه "ليس ثرياً سطحياً بأي شكل من الأشكال".
وكتب النائب السابق عن حزب المحافظين ماثيو باريس في صحيفة "ذي تايمز" أن الاختلاف في نمط الحياة بين سوناك ونظيره المعارض كير ستارمر، كان "ضئيلاً" مقارنة بالفجوة بين الفئات الأكثر حرماناً والطبقات الوسطى في المملكة المتحدة.
التعليقات