باريس: يزداد القلق حيال مصير صحافيتين إيرانيين تقبعان في السجن ساهمتا في تسليط الضوء على وفاة مهسا أميني، بينما يفيد نشطاء حاليا بأنهما استُهدفتا بحملة تصوّرهما على أنهما جاسوستان.

واعتُقلت كل من نيلوفر حامدي والهه محمدي في بداية التظاهرات التي اندلعت في أعقاب وفاة أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية.

وتشهد إيران منذ 16 أيلول/سبتمبر، احتجاجات على خلفية وفاة أميني (22 عاماً) بعد ثلاثة أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

وباتت التظاهرات تعد أكبر تحد لنظام الجمهورية الإسلامية منذ ثورة العام 1979.

لا تزالان موقوفتين

وكانت حامدي مراسلة صحيفة "شرق" الإيرانية من المستشفى حيث بقيت أميني في غيبوبة ثلاثة أيام قبل وفاتها. وتم توقيف الصحافية في 20 أيلول/سبتمبر، بحسب عائلتها.

وأما محمدي، فهي مراسلة لصحيفة "هم ميهن" توجّهت إلى بلدة أميني سقز في كردستان (شمال غرب) لتغطية جنازتها التي تحوّلت يومها إلى إحدى أولى التظاهرات. اعتُقلت محمدي في 29 أيلول/سبتمبر.

وما تزال الصحافيتان في سجن إوين في طهران، بحسب منشورات لعائلتيهما على وسائل التواصل الاجتماعي.

وهما من بين 51 صحافيًا اعتقلوا في إطار الحملة الأمنية الواسعة التي رافقت الاحتجاجات، بحسب لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك. وتأكّد إطلاق سراح 14 منهم فقط بكفالة.

وأعرب مركز حقوق الإنسان في إيران (يتّخذ من نيويورك مقراً) في بيان عن "قلقه البالغ" حيال وضع الصحافيتين.

وقال "يتم اعتقالهما من دون إمكانية وصولهما إلى المعايير المعترف بها دولياً بالإجراءات القانونية الواجبة" ويمكن أن "تواجها عقوبة السجن لسنوات إذا تمت إدانتهما".

وحضّ المركز المجتمع الدولي على التعبئة من أجل هاتين المرأتين "اللتين يصب الجهاز الأمني الإيراني جام غضبه عليهما من دون أي حماية".

مطاردة شعواء

واتّهمت الاستخبارات الإيرانية الأسبوع الماضي السيّدتين بأنهما عميلتان أجنبيتان واعتبرت أن وضعهما كصحافيتين ليس إلا "غطاء".

وزعم بيان بأنهما خضعتا لبرامج تدريبية خارجية وسعيتا عبر تغطيتهما للأحداث لتحريض عائلة أميني والمتظاهرين الذين خرجوا بعد جنازتها.

وذكر البيان بأنهما "كانتا أول مصدرين لفبركة هذه الأخبار للإعلام الأجنبي".

وذكرت لجنة حماية الصحافيين بأن بيان أجهزة الاستخبارات الإيرانية يعني أن الصحافيتين قد "تواجهان عقوبة الإعدام في حال تم توجيه تهمة التجسس إليهما وإدانتهما بها".

ولفت مركز حقوق الإنسان بدوره إلى أن البيان "كان مشبعاً بالمزاعم غير المدعومة بالأدلة" بما في ذلك اتهام بأن حامدي نشرت صورة لأميني على تويتر انتشرت على الإنترنت بشكل واسع.

وأفاد هادي قائمي مدير مركز حقوق الإنسان في إيران بأن "هذه المطاردة الشعواء عبارة عن محاولة جبانة من الجمهورية الإسلامية لإلصاق إخفاقاتها العديدة بصحافيتين لصرف الأنظار عن سياسات القمع التي تمخّضت عنها الحركة الاحتجاجية العفوية والمتنامية في البلاد".

وأضاف بأن "الجمهورية الإسلامية تتوقع بأن ينصرف انتباه العالم عن القمع الدامي للتظاهرات لتتمكن من القتل والتنكيل والاعتقال وتشويه سمعة أبرياء مثل هاتين السيّدتين مع امتلاكها الحصانة".

انتقاد السلطات

والأحد، وقّع أكثر من 300 صحافي ومصور صحافي إيراني بياناً ينتقد السلطات "لتوقيفها زملاء وتجريدهم من حقوقهم المدنية بعد اعتقالهم".

وفي بيان نشرته صحيفة "اعتماد" الأحد، انتقدت نقابة الصحافيين في طهران "المقاربة الأمنية" حيال الصحافة، معتبرة أنها إجراء "غير قانوني" و"يتعارض مع الحرية".

ولدى سؤاله عن "العدد الكبير من الصحافيين والمصورين المحتجزين" أكد إيمان شمسائي، المدير العام للاعلام المحلي في وزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي في مقابلة أجرتها معه وكالة "إيسنا"، أن "أحداً لم يتم توقيفه في طهران بسبب نشاطه الإعلامي".

واتّهمت رئيسة لجنة حماية الصحافيين جودي غينسبرغ إيران بأنها أصبحت "خلال وقت قياسي أحد أبرز سجاني الصحافيين في العالم" وبأنها "تحاول خنق واحدة من أكثر اللحظات مفصلية في تاريخ هذا البلد".

وأضافت "على السلطات الإيرانية أن تفرج فوراً ومن دون شروط عن كل الصحافيين المحتجزين".