في القرى المحررة حديثًا، كشف محققان أوكرانيان عن مزاعم مروعة بارتكاب روس أعمال عنف جنسي بحق المدنيين

إيلاف من بيروت: يومًا بعد يوم، في مدينة تلو الأخرى، يذهب ضابط شرطة ومدعي عام من باب إلى باب في منطقة خيرسون بأوكرانيا. يسيران في الشوارع الموحلة، بجوار المنازل التي تضررت من جراء القصف المدفعي. يشكل الرجلان وحدة متخصصة سافرت من العاصمة كييف.

أم وابنتها تخرجان إلى الفناء. يقول لهما المدعي العام، أولكسندر كليشينكو: "نبحث عن جرائم جنسية".

حتى أوائل أكتوبر، احتلت القوات الروسية هذه المنطقة من البلاد. السيارات المحترقة تتناثر في الحقول. الحرف "Z" - رمز تستخدمه القوات الروسية - يميز الجدران. ندوب الحرب عميقة هنا. قال محققو الأمم المتحدة إن روسيا استخدمت العنف الجنسي "سلاح حرب" و"استراتيجية عسكرية" متعمدة في غزوها لأوكرانيا. حتى أنهم نقلوا مزاعم عن جنود روس يحملون فياغرا معهم. ونفت السلطات الروسية اتهامات بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

خلال أسبوعين من العمل في منطقة خيرسون، وثق فريق من كييف ستة مزاعم بالاعتداء الجنسي. ويقولون إن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك كثيرًا. تقول تاتيانا (56 عامًا) إنها إحدى الضحايا. حجبت سي إن إن اسمها الأخير واسم قريتها لحماية هويتها. تمشي على الزجاج المكسور، حيث قالت إن جنديين روسيين اقتحما باب منزلها في 26 أغسطس الماضي. تروي: "تجولوا في الغرف. بقي أحدهم هناك والآخر الذي اغتصبني جاء إلى هنا. دخل، ومشى قليلًا في الغرفة وهنا في هذا المكان، بدأ يتلمسني. قلت له لا، لا، أنا لست بالعمر الذي يمكنني أن أقدم لك فيه شيئًا، ابحث عن فتيات أصغر سنًا".

توسلت إليه بلا جدوى

أضافت راوية أنه ثبتها على خزانة الملابس ومزق ملابسها: "كنت أبكي، وأتوسل إليه أن يتوقف، لكن من دون جدوى. كان كل همي البقاء على قيد الحياة". تتذكر باكية أنه حذرها من إخبار أحد: "لم أخبر زوجي على الفور، لكنني أخبرت ابن عمي، فسمعني زوجي، وقال لي: كان عليك أن تخبرني بالحقيقة. شعرت بالخجل الشديد. أتمنى أن يكون هو وجميع أقاربه قد ماتوا".

على الرغم من أن المدعي العام كليشينكو، وضابط الشرطة أولكسندر سفيدرو يبحثان على وجه التحديد عن أدلة على جرائم جنسية، فإنهم في كل مكان يذهبان إليه يواجهان أهوال الاحتلال. ففي هذه القرى المحررة، تضرر كل مبنى تقريبًا بسبب الحرب. تحولت العديد من المنازل إلى أنقاض.

في محطتهم الأولى في اليوم الذي رافقت فيه سي أن أن المحققين، في بيلا كرينيتسيا، احتشد الناس ينتظرون الطعام. كانت هذه القرية خلف الخطوط الروسية، لكنها لم تكن محتلة بشكل مباشر. يصرخ المتجمعون بأنهم هجروا منذ شهور، من دون مساعدة من روسيا أو أوكرانيا.

إعدام وهمي

قال رجل وسط الحشد للمحققين إن روساً احتجزوه وتعرض للإعدام الوهمي. من الصعب سماع حكايات تعذيب كهذه شائعة هنا، لكن هذا ليس موضوع عملهم اليوم. وعلى الرغم من استياء القرويين، فإن الهجوم المضاد لأوكرانيا في هذا الجزء من البلاد عزز الآمال العامة بأن النصر قد يكون ممكنًا، أو على الأقل قد تحرر كييف المدن الرئيسية التي تسيطر عليها روسيا، مثل خيرسون.

على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من الطرق المليئة بالردم بسبب القصف، في تفيردوميدوف، تخبر أم وابنتها كليشتشينكو أنهما لم يسمعا بأي جرائم جنسية في قريتهم الصغيرة ذات الطريق الواحد. جارتهما، فيرا لابوشنياك (71 عامًا) تبكي بلا حسيب ولا رقيب. تقول إن الروس كانوا طيبين عندما وصلوا أول مرة. تتذكر قائلة: "قالوا إنهم جاؤوا لحمايتنا.. لكن ممن؟ ممّ؟ لم نكن نعرف".

ترملت فيرا منذ أكثر من 30 عامًا، فزوجها مات في حادث دراجة نارية، وانضم ابنها إلى الجيش بعد وقت قصير من الغزو الروسي في 24 فبراير. قررت المغادرة، كما تقول، بعد حوالي ثلاثة أشهر من احتلال القوات الروسية لقريتها. وبعد أن حررها الجيش الأوكراني في هجوم مضاد خاطف، عادت إلى القرية لتجد بيتها مدمرًا. تقول باكية: "لا أعرف أين أنام الآن. لا نوافذ ولا أبواب".

مع غروب الشمس في نهاية يوم طويل، يصل الفريق المكون من شخصين إلى قرية نوفوفوزنسينسكي حيث اكتشفاا حالتين أخريين من حالات الاغتصاب على يد جنود روس على ما يُزعم. في اليوم التالي، عادا إلى كييف لتقديم النتائج التي توصلا إليها.

بالطبع، سيكون مستحيلًا إثبات العديد من هذه الادعاءات؛ فحتى المشتبه به مفقود. في الوقت الحالي، يقوم الفريق بإعداد تقاريره، ويواصل المحققون عملهم على أمل أن يتمكنوا من توجيه اتهامات في المستقبل.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "سي أن أن"