إيلاف من الرباط: قال الملك محمد السادس، الأحد، إن تخليد الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء يأتي "في مرحلة حاسمة، في مسار ترسيخ مغربية الصحراء".

وشدد العاهل المغربي، في خطاب وجهه إلى الشعب المغربي، بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، على أن الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على "منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة".

ودعا العاهل المغربي القطاع الخاص إلى مواصلة النهوض بالاستثمار المنتج بالأقاليم الجنوبية ، لاسيما في المشاريع ذات الطابع الاجتماعي.

وبعد أن تحدث عن الدور الذي لعبته الصحراء المغربية، عبر التاريخ، كصلة وصل إنسانية وروحية وحضارية واقتصادية، بين المغرب وعمقه الإفريقي، عبر العاهل المغربي عن سعادته بالتقدم المسجل، الذي يعرفه مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، وقال إنه يعتبره "مشروعا مهيكلا، يربط بين إفريقيا وأوروبا".

ملحمة خالدة وبرنامج تنموي

شدد العاهل المغربي على أنه إذا كانت ملحمة المسيرة الخضراء الخالدة، قد مكنت من تحرير الأرض، فإن المسيرات المتواصلة، تهدف إلى تكريم المواطن المغربي، خاصة في هذه المناطق العزيزة.

وذكر العاهل المغربي، في هذا الصدد، بالبرنامج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي تم توقيعه تحت رئاسته، في العيون في نوفمبر 2015، والداخلة في فبراير 2016. وأوضح أن الأمر يتعلق ببرنامج تنموي مندمج، بغلاف مالي يتجاوز 77 مليار درهم( 7,7 مليار دولار) ، يهدف إلى إطلاق دينامية اقتصادية واجتماعية حقيقية، وخلق فرص الشغل والاستثمار، وتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية. وزاد أن هذا البرنامج الطموح "يستجيب لانشغالات وتطلعات سكان الأقاليم الجنوبية؛ وتتحمل السلطات المحلية والمنتخبة، مسؤولية الإشراف على تنزيل مشاريعه".

وثمن العاهل المغربي "النتائج الإيجابية التي تم تحقيقها"، بعد مرور حوالي سبع سنوات على إطلاق هذا البرنامج، الذي بلغت نسبة الالتزام حوالي 80 في المائة، من مجموع الغلاف المالي المخصص له؛ حيث تم إنجاز الطريق السريع تيزنيت – الداخلة، الذي بلغ مراحله الأخيرة، وربط المنطقة بالشبكة الكهربائية الوطنية، إضافة إلى تقوية وتوسيع شبكات الاتصال، كما تم الانتهاء من إنجاز محطات الطاقة الشمسية والريحية المبرمجة. فيما سيتم الشروع قريبا، في أشغال بناء الميناء الكبير الداخلة - الأطلسي، بعد الانتهاء من مختلف الدراسات والمساطر الإدارية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، الذي يعد المحرك الرئيسي للتنمية، يضيف العاهل المغربي، تم إنجاز مجموعة من المشاريع، في مجال تثمين وتحويل منتوجات الصيد البحري، الذي يوفر آلاف مناصب الشغل لأبناء المنطقة.

وفي المجال الفلاحي، تم توفير وتطوير أزيد من ستة آلاف هكتار، بالداخلة وبوجدور، ووضعها رهن إشارة الفلاحين الشباب، من أبناء المنطقة. فيما تعرف معظم المشاريع المبرمجة، في قطاعات الفوسفات والماء والتطهير، نسبة إنجاز متقدمة؛ بينما شهد المجال الاجتماعي والثقافي، عدة إنجازات في مجالات الصحة والتعليم والتكوين، ودعم مبادرات التشغيل الذاتي، والنهوض باللغة والثقافة الحسانية، باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية الوطنية الموحدة.

القطاع الخاص

وفي هذا السياق المطبوع بروح المسؤولية الوطنية، دعا العاهل المغربي القطاع الخاص، إلى مواصلة النهوض بالاستثمار المنتج بهذه الأقاليم، لاسيما في المشاريع ذات الطابع الاجتماعي.

كما دعا لفتح آفاق جديدة، أمام الدينامية التنموية، التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة، لا سيما في القطاعات الواعدة، والاقتصاد الأزرق، والطاقات المتجددة.

المغرب الإفريقي

قال محمد السادس إن الصحراء المغربية شكلت، عبر التاريخ، صلة وصل إنسانية وروحية وحضارية واقتصادية، بين المغرب وعمقه الإفريقي. وشدد على أن العمل التنموي الذي يتم القيام به مغربيا، يسعى إلى "ترسيخ هذا الدور التاريخي، وجعله أكثر انفتاحا على المستقبل"، مشيرا إلى أن هذا التوجه ينسجم مع طبيعة العلاقات المتميزة، التي تجمع المغرب، بدول القارة الإفريقية، والتي يتم الحرص على تعزيزها، بما يخدم المصالح المشتركة.

أنبوب الغاز نيجيريا - المغرب

تحدث العاهل المغربي ايضا عن مبادرته مع الرئيس النيجيري محمدو بوخاري بإطلاق مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب. وعبر، في هذا الصدد، عن سعادته بالتقدم المسجل، الذي يعرفه هذا المشروع الكبير، طبقا للإطار التعاقدي، الذي تم توقيعه في ديسمبر 2016.

وأوضح أن مذكرة التفاهم الموقعة أخيرا ، بالرباط، مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وفي نواكشوط مع موريتانيا والسنغال، تشكل "لبنة أساسية في مسار إنجاز المشروع". وشدد على أن هذا التوقيع يعكس "التزام البلدان المعنية، بالمساهمة في إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي، وإرادتها السياسية لإنجاحه".

وبعد أن ذكر بالأهمية الخاصة للشراكة مع دول غرب القارة، قال العاهل المغربي إنه يعتبر أنبوب الغاز نيجيريا - المغرب "أكثر من مشروع ثنائي، بين بلدين شقيقين". وزاد موضحا: "إنما نريده مشروعا استراتيجيا، لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة. وذلك لما يوفره من فرص وضمانات، في مجال الأمن الطاقي، والتنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية، بالنسبة للدول الخمسة عشر، للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، إضافة إلى موريتانيا والمغرب".

ورأى العاهل المغربي أن أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب هو "مشروع من أجل السلام، والاندماج الاقتصادي الإفريقي، والتنمية المشتركة: مشروع من أجل الحاضر، والأجيال القادمة".

وبالنظر للبعد القاري لأنبوب الغاز نيجيريا - المغرب، يضيف العاهل المغربي، "فإننا نعتبره أيضا مشروعا مهيكلا، يربط بين إفريقيا وأوروبا".

في سياق ذلك، أشاد العاهل المغربي، بدعم المؤسسات المالية، الإقليمية والدولية، التي عبرت عن رغبتها في المساهمة الفعلية، في إنجازه، مؤكدا حرص المغرب على "مواصلة العمل، بشكل وثيق مع أشقائنا في نيجيريا، ومع جميع الشركاء، بكل شفافية ومسؤولية، من أجل تنزيله، في أقرب الآجال". كما جدد الانفتاح على "جميع أشكال الشراكة المفيدة، من أجل إنجاز هذا المشروع الإفريقي الكبير".

روح المسيرة الخضراء

قال العاهل المغربي إن "الوفاء لروح المسيرة الخضراء، ولقسمها الخالد، يتطلب مواصلة التعبئة واليقظة، من أجل الدفاع عن وحدة الوطن، وتعزيز تقدمه وارتباطه بعمقه الإفريقي".

وخلص الى القول إن تخليد الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء تشكل مناسبة للترحم على روح مبدعها، الملك الحسن الثاني، وعلى أرواح كل شهداء الوطن. كما وجه تحية إشادة وتقدير، للقوات المسلحة الملكية، والأمن الوطني، والدرك الملكي، والإدارة الترابية، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، على تفانيهم، تحت قيادته، في الدفاع عن وحدة الوطن وأمنه واستقراره.