مكسيكو: حقّقت السلطة والمعارضة في فنزويلا اختراقا السبت في المفاوضات الدائرة بينهما في مكسيكو بتوصّلهما إلى "اتفاق اجتماعي واسع النطاق" رحّبت به الإدارة الأميركية التي سمحت لشركة "شيفرون" النفطية باستئناف عملها في البلاد.

ومن شأن الاختراق الذي تحقّق ان يترجم تخفيفا محتملا للعقوبات الاقتصادية والسياسية الصارمة التي تفرضها واشنطن على كراكاس. وسيكون لخطوة من هذا النوع تأثير كبير على أسواق النفط العالمية وقد تخفّض تدفّق اللاجئين من فنزويلا على دول المنطقة.

وقال وزير الخارجية المكسيكي مارسيلو ايبرارد الذي بذل جهود وساطة بين الطرفين إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في قاعة اجتماعات أحد فنادق مكسيكو يشكّل "أملا لاميركا اللاتينية برمتها".

اتفاقٌ إنساني

والسبت وقّع طرفا الأزمة الفنزويلية اتفاقا انسانيا يتمحور حول التعليم والصحة والأمن الغذائي والاستجابة للفيضانات وبرامج للكهرباء.

كذلك اتّفقا على مواصلة المحادثات حول الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في العام 2024.

وتفاقمت الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ أن أعلن الرئيس المنتهية ولايته حينها نيكولاس مادورو فوزه بولاية جديدة في الانتخابات التي أجريت في العام 2018 وطعنت المعارضة وكذلك جهات دولية عدة في شرعيتها.

وزارة الخزانة الأميركية

وفور الإعلان عن توقيع الاتفاق في مكسيكو، أجازت وزارة الخزانة الأميركية لمجموعة شيفرون النفطية بأن تستأنف جزئيا أنشطة التنقيب في فنزويلا التي تختزن أكبر احتياطيات نفطية في العالم.

وأشارت الوزارة إلى أن الإجازة ستكون صالحة لمدة ستة أشهر، ستدرس خلالها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مدى وفاء حكومة مادورو بالتعهّدات التي قطعتها في الاتفاق الموقع السبت.

واكتسبت الجهود الدولية المبذولة لحل الأزمة الفنزويلية زخما كبيرا منذ أن بدأت روسيا بغزو أوكرانيا مع ما رافق ذلك من ضغوط على إمدادات الطاقة العالمية.

على الرغم من اختزان بلادهم أكبر احتياطيات نفطية في العالم، يعاني الفنزويليون الفقر وأزمة سياسية ما دفع بحسب الأمم المتحدة نحو سبعة ملايين فنزويلي إلى الهرب من البلاد في السنوات الأخيرة.

وغالبا ما تشهد البلاد شحا في السلع الأساسية على غرار المواد الغذائية والأدوية وورق المراحيض.

انتخابات

تطالب المعارضة الفنزويلية بتنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة يفترض أن تجرى في العام 2024، في المقابل تطالب كراكاس المجتمع الدولي بالاعتراف بمادورو رئيسا شرعيا وبرفع العقوبات، خصوصا الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على النفط الفنزويلي.

ولدى وصوله إلى مكسيكو، قال عضو الوفد الحكومي المفاوض خورخي رودريغيز إن أحد الأهداف التي تسعى إليها كراكاس التوصل إلى "عقد اجتماعي واسع النطاق" مع المعارضة.

وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق أن الاتفاق يُفترض أن يفضي إلى آلية لإتاحة أموال مجمدة في النظام المالي الدولي.

ويفترض أن تستخدم الأموال في تحسين الرعاية في قطاع الصحة العامة وشبكة الكهرباء، وقق بيان أصدره رودريغيز الذي لم يحدد المبلغ أو الجهة التي تجمّد الأموال.

بعد انتخابات 2018 المطعون في شرعيتها، اعترفت نحو 60 دولة بينها الولايات المتحدة بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسا بالوكالة.

وكان رودريغيز الذي يرأس أيضا الجمعية الوطنية قد أشار قبيل مغادرته كراكاس إلى أن فريقه سيدافع عن "حقّنا... بالعيش في سلام".

من جهتها طالبت "المنصة الموحدة" للمعارضة باتّخاذ خطوات ملموسة لحل "الأزمة الإنسانية واحترام حقوق الإنسان... وخصوصا (تقديم ضمانات) بشأن تنظيم انتخابات حرة" بحضور مراقبين.

لكن مصدرا مطّلعا على سير المفاوضات قال في تصريح لوكالة فرانس برس إن المعارضة لم تتوصّل إلى توافق بشأن الشروط المطلوبة للمشاركة في انتخابات العام 2024.

في السنوات الأخيرة، انحسر تأثير غوايدو بعدما خسر حلفاء أساسيين له محليا وإقليميا مع وصول يساريين إلى الرئاسة في بلدان عدة.

وأصبح الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو لاعبا أساسيا في المحادثات منذ أن أصبح في آب/أغسطس أول يساري يتبوّأ سدة الرئاسة في البلاد.

ويسعى بيترو إلى تحسين الروابط بين بلاده وفنزويلا وقد استأنف العلاقات الدبلوماسية معها للمرة الأولى منذ العام 2019 حين رفض الرئيس إيفان دوكي الاعتراف بفوز مادورو بولاية رئاسية جديدة.