ايلاف من لندن: أثار قرار للحكومة العراقية بتأسيس "شركة" لمليشيات الحشد وفتح مكاتب لوزارة النفط وفروع للجامعات التابعة لإيران في العراق مخاوف تحويل العراق لساحة خلفية تخدم أهداف طهران في المنطقة.
فقد قررت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تأسيس "شركة" عامة برأسمال 100 مليار دينار عراقي (حوالى 70 مليون دولار) ترتبط بهيئة الحشد الشعبي للمليشيات العراقية التي يترأسها القيادي في الإطار التنسيقي الموالي لايران فالح الفياض.
وقد تم إطلاق اسم (المهندس) على اسم الشركة في إشارة الى نائب رئيس هيئة الحشد السابق أبو مهدي المهندس الذي قتل بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني مطلع عام 2020.
وقد جاء في نص القرار الذي اتخذته الحكومة العراقية في اجتماعها الاخير الاثنين الماضي ما يلي : "ثالثـا/ الموافقة على تأسيس شركة عامة باسم (المهندس) برأسمال مئة مليار دينار، ترتبط بهيئة الحشد الشعبي، استنادا الى احكام المادة 8 من قانون الشركات العامة (22 لسنة 1997) المعدل، مع الأخذ بعين الاهتمام ما جاء في مذكرة الدائرة القانونية المرقمة بالعدد (ق/2/1/106/315 ل.ق) المؤرخة في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وتحديد نشاط الشركة بدقة".
وقد سألت "إيلاف" مصدراً عراقياً مطلعاً اليوم الأربعاء عن سبب إنشاء هذه الشركة فأكد أنها تهدف الى شرعنة عمليات مراقبة وتجسس للمليشيات الموالية لإيران لمراقبة الحدود العراقية مع السعودية والأردن وتأمين الحدود الإيرانية مع العراق من جهة محافظة ديالى (وسط) بشكل خاص تحت غطاء مشاريع ستقام هناك.
وأوضح أن مليشيات الحشد ستنشئ لها معسكرات في تلك المناطق بواجهات مدنية وغطاء اقتصادي للتمويه على نشاطها الأمني والاستخباري هناك.
واشار المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع الى ان حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي كانت قد رفضت ضغوطات مورست عليها من فصائل مليشياوية لتأسيس هذه الشركة الامر الذي شكل احدى قضايا الخلاف بين الطرفين.
وتساءل بالقول "وإلا ما هي علاقة مليشيات مسلحة بعمل الشركات وبالتجارة وأي مهام مدنية أخرى" منوهاً بالحملة التي شنتها أطراف عراقية موالية لإيران ضد انفتاح الحكومة السابقة على العرب ساخرة من مقولة "عودة العراق الى حضنه العربي".
وفي هذا الإطار قالت النائبة سهيلة السلطاني عن كتلة الصادقون النيابية الجناح السياسي لمليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي في 3 حزيران/ يونيو الماضي أن "انحياز" الكاظمي إلى "الحضن العربي" قد أتاح "لدول الخليج التدخل السافر بشأن العراق الداخلي" على حد قولها.
وهددت النائبة باللجوء الى المحكمة الاتحادية أعلى سلطة قضائية في البلاد فور انتهاء ولاية الكاظمي " لإلغاء كل الاتفاقيات التي قام بها مع دول الخليج".

وأمس هددت الثلاثاء مليشيا كتائب حزب الله العراقي في بيان السعودية بنقل المعركة معها الى عاصمتها الرياض بحسب مزاعمها رداً على أي توجه عراقي لاستئناف الوساطة بين السعودية وايران خلال وجود السوداني في طهران حالياً.

فروع لجامعات إيرانية
وبالترافق مع ذلك فقد قررت الحكومة العراقية في الاجتماع نفسه الموافقة على فتح فروع لجامعة طهران للعلوم الطبية في المحافظات العراقية مبتدئة من محافظة كربلاء الجنوبية على الرغم من الاعتراضات على ذلك.
وقد جاء في نص الموافقة ما يلي : "خامساً/ الموافقة على منح جامعة طهران للعلوم الطبية / الفرع الدولي في العراق / محافظة كربلاء المقدسة إجازة تأسيس، استناداً إلى أحكام المادة ( 5/ أولاً ) من قانون التعليم العـالي الأهلي رقم (25 لسنة 2016)...".
وجاءت موافقة الحكومة هذه بعد اسابيع من قرار وزير التعليم العالي العراقي الجديد نعيم العبودي القيادي في مليشيا عصائب أهل الحق بقيادة الشيخ قيس الخزعلي المرتبطة بأيران عقائديا وتمويلا باستحداث 3 كليات طب أهلية بينها فرع للجامعة الايرانية ما دفع النائب السابق الدكتور جواد الموسوي الى وصف القرار بأنه يوم أسود للعراق يدخله في حقبة لتخريج أنصاف أطباء.
واشار الى ان ذلك مخالف لقرار سابق لمجلس الوزراء برقم 92 ولبيانات النقابات المهنية وخطابات أعضاء البرلمان ولجنة التعليم النيابية ولكل القوانين والأنظمة والتعليمات والضوابط.
ووصف النائب السابق فتح المزيد من كليات الطب الأهلية في العراق بأنه "فتح لدكاكين تجارية لتخريج انصاف أطباء لايهدف إلا للربح المادي وبضغط من جهات معروفة حيث تم تغيير لجان الاستحداث الرصينة واستبدالها باخرين".

مكاتب لوزارة النفط الإيرانية
وتأتي هذه التطورات فيما كشف مسؤول إيراني اليوم عن فتح مكاتب لوزارة النفط الايرانية في بغداد ستتبعه مكاتب في محافظات اخرى على الرغم من الحظر الدولي على النفط الايراني.
وقال مسؤول الشؤون العراقية لدى وزارة النفط الايرانية سيد عباس بهشتي في تصريح نقلته وكالة "مهر" الايرانية للانباء وتابعته "إيلاف" ان وزارة النفط الايرانية قامت بانشاء مكتب تمثيلي لها في العراق.
وأشار الى أن "الهدف من تاسيس هذا المكتب هو تعزيز التعاون الثنائي ولا سيما تبني مشاريع مشتركة في قطاعي النفط والغاز بين طهران وبغداد".
وأكد بهشتي توجه السلطات الإيرانية لافتتاح مكاتب أخرى في المحافظات النفطية العراقية وفي مقدمتها الصرة المحاذية لإيران وإقليم كردستان العراق "للاستفادة حالياً من الاستثناء الذي تمنحه الولايات المتحدة للحكومة العراقية من العقوبات المفروضة على طهران لتوسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين" وهو استثناء تجدده الإدارة الإميركية كل ثلاثة اشهر لكنه لايعرف بعد فيما إذا سيكون لواشنطن موقف من فتح هذه المكاتب النفطية الايرانية واعتباره خرقاً للعقوبات.
وقد أثيرت مخاوف أيضاً من فتح هذه المكاتب الايرانية في مدن عراقية نظراً لأن غالبية العناصر التي ترسلها إيران الى الدول التي تتعاون معها عادة ما تكون مرتبطة بالحرس الثوري الايراني.
يشار الى ان السوداني يقوم منذ أمس الثلاثاء بزيارة رسمية لايران حيث أكد خلال اجتماعه مع المرشد الأعلى علي خامنئي ومع الرئيس ابراهيم رئيسي على أن بلاده لن تسمح لاي طرف بتهديد الأمن الإيراني معتبراً أن أمن البلدين واحد.