إيلاف من لندن: أكد السوداني من طهران أن أمن العراق وإيران لا يتجزأ ولذلك فهو لايسمح لاي طرف بتهديد أمنها .. فيما دعا رئيسي الى أخراج القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة ضمن التحالف الدولي من العراق.

وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مؤتمر صحافي مشترك في طهران اليوم مع الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي على ضرورة تعاون دول المنطقة لمكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة. وقال ان سياسية حكومته تعتمد سياسة تقوم على ألا يكون العراق منطلقاً لإلحاق الأذى بدول المنطقة.


رئيسي مستقبلاً السوداني لدى وصوله الى القصر الرئاسي في طهران الثلاثاء 29 نوفمبر 2022 (مكتبه)

وأضاف أن زيارته الى طهران تأتي بهدف بحث العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية ومستجدات المنطقة، وكذلك تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين مشدداً على أن العلاقات الإيرانية العراقية ليست عادية بل ذات جذور عميقة.
وأضاف أن "العراق لا ينسى دعم طهران له منذ عام 2003 والحرب ضد عصابات داعش الإرهابية".. وأشار الى أن "الملف الاقتصادي يحظى أهمية كبيرة لدى الحكومة".. وأوضح أنه اتفق مع رئيسي على تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة بين بلديهما.
ونوه الى أنه "تم بحث العلاقة والتعاون في المجال الأمني وأمن البلدين لا يتجزأ". واكد التزام الحكومة العراقية بتنفيذ الدستور وعدم السماح باستخدام الأراضي العراقية لإخلال الأمن وتهديد إيران.. منوهاً الى أنها تعتمد في علاقات العراق الخارجية على مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية.

وشدد على أهمية استمرار العمل والتنسيق المشترك في مجال مكافحة الارهاب والمخدرات واضاف هذه الاجتماعات ضرورية لإرساء أساس مشترك بين البلدين لتنفيذ الاتفاقات مضيفا أن الملف الاقتصادي يحظى باهمية كبيرة بالنسبة للحكومة العراقية الجديدة.
وتابع قائلا " اتفقنا مع إيران تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة وعقد اجتماعاتها قريبا ونحترم موقف إيران في دعم العراق في تصدير الكهرباء ونطالب باستمرار التصدير حتى استكمال مشاريع إنتاج الكهرباء والغاز في العراق".
وأوضح السوداني أن العراق يحاول تسديد مستحقات إيران من تصدير الغاز والكهرباء بآليات خاصة، واليوم سنجري محادثات في هذا المجال. واضاف ستجري خلال هذه الزيارة مباحثات بين وزيري نفط البلدين بخصوص نقل النفط الخام وتكريره والحصول على المشتقات وسيتم تفعيل اتفاقيات سابقة.

خروج القوات الأجنبية
ومن جهته دعا الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى خروج القوات الأجنبية من العراق لتحقيق أمنه واستقراره على حد قوله في إشارة الى قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي تقدم المشورة والتدريب للقوات العراقية من أجل محاربة الإرهاب.
ووصف الرئيس الإيراني خلال المؤتمر الصحافي علاقات بلاده مع العراق بأنها متجذرة وقال خلال المؤتمر الصحافي أن العلاقات بين البلدين ليست عادية بل ذات جذور عميقة قائمة على القيم ومعتقدات شعبيهما.
وقال إن مراسم أربعینية الإمام الحسين وتواجد محبي أهل البيت من جميع أنحاء العالم الإسلامي خاصة من إيران في الأرض العراقية وحسن الضيافة شعب هذا البلد للزوار في مراسم الأربعينية كله يجسد عمق هذه العلاقات.
وأشار الى أن زيارة السوداني إلى طهران تعدد نقطة تحول في العلاقات الثنائية وستساعد في حلّ المشاكل العالقة بين البلدين.
وشدد على ان مكانة العراق مهمة لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة معتبرا ذلك من مسؤولية دولها. وأشار الى أن وجود القوات الأجنبية في المنطقة يزيد من مخاطر الأمن فيها .
وأكد الرئيس الايراني إن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة أمران في غاية الأهمية، وبالتالي تعتبر مكافحة المخدرات والإرهاب والجرائم المنظمة جزء من الاتفاقات والقواسم المشتركة بين العراق وإيران.
وشدد رئيسي على أن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة لا يمكن تحقيقه إلا من قبل حكومات ودول المنطقة.. محذراً من أن وجود الأجانب في المنطقة لا يخلق الأمن بل يخلق المشاكل فقط ولذلك وجودهم في العراق أيضاً لا يخلق الأمن وخروجهم من منطقتنا مهم للغاية.
وقال الرئيس الإيراني: إن وجود رئيس الوزراء العراقي في إيران يمكن أن يكون خطوة كبيرة في تحسين العلاقات بين البلدين، وتعتبر القضايا التجارية وصادرات الغاز والكهرباء من الموضوعات المهمة في مفاوضاتنا.
وأشار إلى النقاش والتشاور حول القضايا النقدية والمصرفية وتصدير النفط والغاز باعتبارها محور لقائه مع الجانب العراقي وقال: هذه الزيارة والمباحثات بين الوفدين العراقي والإيراني فعالة للغاية في حل القضايا بيننا.
وأضاف رئيسي "لدينا وجهات نظر مشتركة حول العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية وهذه العلاقات الثنائية الطيبة تؤدي إلى تحسين العلاقات، ومن المؤمل أن يتم اتخاذ خطوات دائمة في هذه الرحلة".


السوداني ورئيسي خلال عزف السلام الوطني لبلديهما الثلاثاء 29 نوفمبر في القصر الرئاسي بطهران (مكتبه)

وقال إن حضور رئيس الوزارء العراقي في إيران يشكل نقطة تحول في العلاقات الثنائية وبالتأكيد المفاوضات بيننا تكون خطوة كبيرة نحو تحسين العلاقات. وبين أن المجال الاقتصادي والتجاري يشكل أحد محاور محادثات اليوم كما أن القضايا المالية والمصرفية وتصدير الكهرباء والغاز هي من محاور التفاوض ولا شك أن هذه الزیارة والمحادثات بين الوفدين الإيراني والعراقي يمكن أن تساعد بشكل كبير في حل القضايا بينهما.

مباحثات موسعة ناقشت ملفات عدة
يشار الى ان السوداني ورئيسي عقدا محادثات رسمية قبل عقد مؤتمرهما الصحافي بحضور وفدي بلديهما تناولت بحث ملف التنسيق الأمني والتبادل التجاري، والتعاون في مجال الطاقة والاستثمار وتنظيم السياحة والزيارات الدينية المتبادلة فضلاً عن ملف المياه ومواجهة تحديات التغير المناخي وآثاره الاقتصادية.
وضمّ الوفد العراقي كلّاً من السادة وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير النفط حيان عبد الغني، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ومدير مكتب رئيس الوزراء إحسان العوادي.. فيما ضمّ الجانب الإيراني وزير الخارجية السيد حسين عبد اللهيان، والسيد وزير الاقتصاد والشؤون المالية إحسان خاندوزي وعدداً من المسؤولين الإيرانيين.

الانتهاكات الإيرانية مدار بحث
ووصل السوداني الى طهران في وقت سابق اليوم في زيارة رسمية تستغرق يومان هي الأولى له الى دولة أجنبية لتعزيز علاقات حكومتي البلدين وبحث الانتهاكات الإيرانية لأراضي بلاده ومحاولة استئناف وساطتها بين الرياض وطهران.
وأبلغ مصدر عراقي عليم "ايلاف" ان السوداني سيبحث مع محاوريه في طهران إضافة الى تعزيز العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية ملف الانتهاكات الايرانية للاراضي العراقية الشمالية.
وأشار مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الى أن السوداني سيبحث القصف على إقليم كردستان وضرورة الحفاظ على أمن وسيادة العراق.
وأضاف في تصريح تابعته "إيلاف" الى أن هناك تفاهم بين بغداد وأربيل لتشكيل لجنة عليا للتفاهم مع ايران ومع تركيا لإيجاد الحلول المناسبة لقضية الانتهاكات التي ينفذها البلدان لأراضي العراق مشدداً على رفض أي انتهاك للسيادة العراقية. وأوضح أن السوداني سيبحث هذا الموضوع في طهران بشكل جدي ومفصل.
ومنذ أسبوعين صعدت إيران من قصفها لمناطق عراقية في اقليم كردستان الشمالي بذريعة مهاجمة مقرات وقواعد الأحزاب والقوى الإيرانية الكردية المعارضة لها والتي التي تنشط هناك .
والاثنين الماضي قرر العراق نشر قواته على حدوده مع تركيا وايران في محاولة لوقف الانتهاكات المسلحة لقوات البلدين لأراضيه وردع عمليات المسلحين الاكراد المعارضين للبلدين.
وفعلاً بدأت القوات العراقية بعملية انتشار على الحدود مع إيران بهدف إضافة 30 مخفراً لقوات الحدود العراقية معها من أجل تقليص المسافات بين المخافر التي تصل أحياناً الى 50 كيلومتراً بين نقطة واخرى.

الوساطة بين السعودية وأيران
كما أبلغ مصدر حكومي عراقي "ايلاف" أن السوداني سيناقش في طهران أيضاً استمرار الوساطة العراقية بين ايران والسعودية التي بدأتها حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي خاصة وأنه يعتزم زيارة الرياض خلال الايام القليلة المقبلة.
ويهدف السوداني الى استئناف الوساطة بين البلدين الجارين والتي شهدت خلال رئاسة مصطفى الكاظمي للحكومة العراقية بين عامي 2020 و2022 خمس جولات من المباحثات احتضنتها بغداد حيث ستعرف على موقف طهران من عقد جولة سادسة من المباحثات مع الرياض.
وفي تموز/ يوليو الماضي قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن إيران قد أُبلغت بموافقة السعودية على انتقال المفاوضات من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي وبصورة علنية بهدف إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لإنهاء القطيعة بينهما والممتدة منذ عام 2016 والتوصل إلى تفاهمات بشأن الخلافات القائمة بينهما في عدة ملفات أبرزها الحرب باليمن والبرنامج النووي.
وفي كانون الثاني/ يناير 2016 قطعت الرياض علاقاتها مع طهران إثر اعتداءات تعرضت لها السفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد شرق ايران.

مجالات الاقتصاد والطاقة
ومن المنتظر أن تتناول مباحثات السوداني في طهران أيضاً توسيع علاقات البلدين الاقتصادية والطاقوية خاصة وأنهما يرتبطان بحدود مشتركة يبلغ طولها الف و458 كيلومتراً.
ويعتبر العراق حالياً الرئة الاقتصادية والمالية لايران التي تعاني حصاراً دولياً خانقاً منذ سنوات حيث كشف نائب وزير الخارجية الإيرانية لشؤون الدبلوماسية الاقتصادية مهدي صفري في أيلول/ سبتمبر الماضي عن ان حجم الصادرت الإيرانية الى العراق مشيراً إلى أنه قد بلغ 14 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.
ويرتبط البلدان بلجنة عليا مشتركة تتولى تنمية وتطوير العلاقات التجارية بينهما والاشراف على البضائع الايرانية العابرة الى العراق الذي يحتل المرتبة الثانية بعد الصين في استيراد السلع الايرانية.
كما تزود ايران العراق بالغاز الذي يحتاجه لتوليد الطاقة الكهربائية
حيث أعلنت وزارة النفط الإيرانية في حزيران/ يونيو الماضي تلقيها 1.6 مليار دولار من العراق لتسديد جزء من الديون التي تطالب بها منذ عام 2020 لتوريد العراق بالغاز .
ويحتاج العراق لما بين 50 إلى 55 مليون متر مكعب من الغاز يومياً لكن إيران عادة ما تقطع إمدادات الغاز لإجبار العراق على تسديد مستحقاتها.
يشار الى أنه بسبب قلة الاستثمار جراء عقود من الحرب والعقوبات يعتمد العراق على طهران لتأمين ثلث حاجاته من الغاز على الرغم من أنه بلد غني بالنفط حيث يعاني من أزمة في الطاقة والكهرباء تتفاقم عادةً في موسم الصيف الذي تلامس فيه الحرارة الـ52 درجة مئوية أحياناً.