لنضع جانباً للحظة تلك التهم التي وجهها الأمير هاري، في مذكراته المرتقبة "البديل"، لأخيه الأمير وليام، بالاعتداء الجسدي عليه. ولنضع جانباً مسألة مزاعم الصراخ المتبادل وانتقادات وليام لزوجة هاري الجديدة.
كلها قصص مثيرة وتكشف - إن ثبتت صحتها - عمق الشرخ بين الشقيقين.
من غير المفاجئ أن يرفض القصر التعليق على مسائل شخصية، قد تمر بها عائلات كثيرة، بطريقة أو بأخرى.
تستحق العائلة المالكة في بريطانيا، برأي معظم الناس، بعض الخصوصية.
ولكن، في جوهر قصة هاري، تهمة بقيت محط سؤال ولم يجب القصر عنها بعد، ألا وهي أن العائلة سربت قصصاً سلبية عن هاري وزوجته للصحافة، لا بل أنها قد اختلقت بعضها.
في شريط ترويجي لمقابلة هاري مع مذيع قناة آي تي في البريطانية توم برادبي، والمتوقع عرضها الأحد، يُسأل دوق ساسكس عن كيفية التوافق بين رغبته بالخصوصية وبين نشره لمذكرات يروي فيها كل شيء.
يجيب هاري: "هذه هي التهمة التي قد يطلقها الأشخاص الذين لا يفهمون أو لا يريدون تصديق أن عائلتي كانت تغذي الصحافة بتسريبات عني".
قال الدوق الأمر ذاته في وثائقي نتفليكس "هاري وميغان" الذي عرض نهاية العام المنصرم، إذ أشار إلى أن هناك اتفاقاً بينه وبين ويليام، على ألا يسربا قصصاً ضد بعضهما البعض للإعلام.
وأوضح في الوثائقي أن الاتفاق نشأ من تجربتهما المشتركة عند انفصال والديهما، ديانا والأمير تشارلز، الذين كان يغذيان الإعلام بقصص خبيثة عن بعضهما البعض، عبر أطراف ثالثة.
وقال هاري إنه اكتشف أن المكتب الإعلامي الذين كان يتشاركه مع شقيقه، وهو فريق التواصل في قصر كنسينغتون، والذي كان من المفترض أن يكون ناطقاً باسم الأميرين، وأن يدافع عنهما، كان الجهة التي تسرب قصصاً سلبية عن هاري للإعلام. وقرر الطرفان الفصل بين مكتبيهما الإعلاميين في يناير/ كانون الثاني عام 2020.
لم تبرز أي تفاصيل توضح ما هي القصص التي قصد هاري الإشارة إليها، ولكن ربما ليس من الصعب التخمين.
فبعد زفاف دوق ودوقة ساسكس بفترة قصيرة، بدأت تنشر بعض الأقاويل حول سلوك ميغان تجاه الموظفين في القصر، وحول بعض الطلبات التي يقال إنها طلبتها قبل حفلة الزفاف عام 2018، وكيف أنها تسبّبت ببكاء كيت، أميرة ويلز حالياً.
كراهية هاري العميقة لوسائل الإعلام، وخصوصاً الصحف الأكثر مبيعاً في بريطانيا، مسألة حظيت بنصيبها الجيّد من التوثيق. ولكن الادعاء الأخير أمر مختلف.
إن كنت فرداً من العائلة المالكة، فإن الاتفاق يقضي بأن تمتصّ الانتقادات الموجهة إليك، وتترك لفريق الإعلام في القصر مهمة التعامل مع الفوضة. ليس عليك أن تحكي، ولا أن تروي جانبك من القصة.
ولكن هاري يزعم أن الأشخاص الذي كان من المفترض أن يعتمد عليهم للدفاع عنه وعن ميغان، كانوا في الواقع من يسرب قصصاً سلبية عنهما للصحافة.
من وجهة نظره، لم يكن هناك أمامه أي مجال لقول الحقيقة إن ظلّ جزءاً من آلية القصر. وبحسب قوله، فإن وجهة نظره وميغان، لم تعطَ فرصة أبداً.
الأمر الأسوأ من ذلك، بحسب روايته، أن موظفي القصر، وهم أشخاص ينالون رواتبهم من دافعي الضرائب للتحدّث باسم أفراد العائلة المالكة، كانوا في الواقع يعملون على إضعاف مكانتهما.
إن وجّهت مزاعم مماثلة في العلن ضد هيئة حكومية، أو حزب سياسي، أو شركة، أو فريق كرة قدم، يكون من المتوقع أن يصدر ردّ.
عدم صدور أي رد أو نفي، قد يفهم بالنسبة لكثيرين، كاعتراف ضمني بصحّة الادعاء.
فهل صحيح أن مكتب ويليام وكاثرين، المموّل من دافعي الضرائب، سرّب معلومات عن هاري وزوجته؟
"لا تعليق"، يقول القصر.
التعليقات