جنين (الأراضي الفلسطينية): قتل الجيش الإسرائيلي الخميس تسعة فلسطينيين خلال عملية عسكرية في جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، وفق ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بينما أكد الجيش من جانبه حصول تبادل إطلاق النار مع "مطلوبين يشتبه بتورطهم في عمليات إرهابية".

وأفادت الوزارة في آخر حصيلة لها عن سقوط "تسعة شهداء بينهم سيدة مسنّة، إضافة إلى أكثر من 20 مصابا بينهم 4 إصابات بحالات خطيرة".

في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ صباح الخميس "عملية في مخيم جنين ضد نشطاء من الجهاد الاسلامي". وأضاف "أثناء محاولة اعتقال مطلوبين يشتبه بتورطهم مؤخراً في عمليات إرهابية واسعة النطاق.... قُتل عدد منهم في تبادل لإطلاق النار مع قواتنا".

تبادل إطلاق نار

وأكد الجيش في بيان أن ثلاثة فلسطينيين قتلوا في تبادل إطلاق نار فيما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على آخرَين "كانا يفرّان من المكان"، إضافة إلى مشتبه به سادس داخل مبنى وفلسطينيين آخرين. وأكد عدم وجود خسائر في صفوف قواته.

وقالت وزيرة الصحة مي الكيلة إن "قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت بشكلٍ متعمد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى، ما أدى لإصابة أطفال مرضى وذويهم وطواقم طبية بحالات اختناق".

ونفى الجيش الإسرائيلي الخميس الأمر مؤكدًا أن الاشتباك "لم يكن بعيدًا عن المستشفى ومن المحتمل أن يكون بعض الغاز المسيل للدموع قد دخل من نافذة مفتوحة".

وكانت قد وصفت الوزيرة الوضع في المخيم بأنه "حرج" واتّهمت القوات الإسرائيلية "بمنع إسعاف المصابين".

وقال وسام بكر مدير مستشفى جنين الحكومي لوكالة فرانس برس "إن وضع المستشفى كان سيئا هذا الصباح، الاشتباكات كانت قريبة منا وجيش الاحتلال لم يراع حرمة المستشفى وأطلق الغاز المسيل للدموع في محيط المستشفى ووصل الغاز الى قسم الأطفال".

واضاف "شكل ذلك خطراعلى الأطفال فقمنا بنقلهم الى قسم آمن بعيد عن جهة الاشتباكات".

بدوره، قال نائب محافظ مدينة جنين كمال أبو الرب لوكالة فرانس برس "نعيش حالة حرب حقيقية في جنين ومخيمها، والجيش الاسرائيلي يدمر كل شيء ويطلق النار على كل شيء يتحرك".

وبحسب أبو الرب، فإن العملية الاسرائيلية بدأت عند الساعة السابعة صباحا" وقد وصفها بعد انسحاب الجيش من المخيم بأنها "الأسوأ منذ الاجتياح الذي نفذه الجيش في العام 2002".

وانطلق موكب ضخم من أمام مستشفى جنين الحكومي لتشييع القتلى التسعة الذين لفت جثامينهم بالاعلام الفلسطينية في مسيرة جابت شوارع المدينة شارك فيها آلاف الفلسطينين في جنين، فيما نفذ اضراب شامل حدادا.

حداد

الى ذلك أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس "الحداد وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام، على أرواح شهداء المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا في جنين ومخيمها".

وبذلك يرتفع إلى 29 عدد الفلسطينيين بين مدنيين وأعضاء في تنظيمات مسلّحة، الذين قتلوا منذ بداية السنة برصاص إسرائيلي، في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

وشهد العام 2022 سقوط أكبر عدد من القتلى في الضفة الغربية منذ نهاية الانتفاضة الثانية (2000-2005)، حسب الأمم المتحدة.

ومن بين القتلى ماجدة عبيد (61 عاما) التي اصيبت برصاصة في الرقبة وهي داخل غرفتها وسط المخيم، ولاحظ مراسل وكالة فرانس دماء وسط الغرفة.

وقالت ابنتها كفاية ( 26 عاما) لوكالة فرانس برس ان والدتها اصيبت عندما كانت تحاول مشاهدة ما يجري خارج المنزل بعد سماعها صوت الرصاص.

واضافت "حاولت امي ان تمنعنا من التواجد عند النافذة، لكنها اصيبت برصاصة في الرقبة".

ومن بين القتلى شقيقان يلاحقهما الجيش الاسرائيلي منذ فترة طويلة، اضافة الى شقيقهم الثالث الموجود في العناية المركزة.

وتشير أرقام وكالة فرانس برس إلى مقتل 201 فلسطيني على الأقل، بينهم 150 في الضفة الغربية، و26 إسرائيليًا في 2022.

ووصفت الرئاسة الفلسطينية على لسان الناطق باسمها نبيل ابو ردنية، ما يجري في جنين ومخيمها بأنه "مجزرة تنفذها حكومة الاحتلال الاسرائيلية في ظل صمت دولي مريب" الذي "يشجع حكومة الاحتلال على ارتكاب المجازر ضد شعبنا على مرأى العالم".

وفي قطاع غزة، قال عضو بارز في حركة الجهاد الاسلامي لوكالة فرانس برس فضل عدم ذكر اسمه "إن حركة الجهاد أبلغت مصر "بأن تصعيد الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه والمجزرة في جنين سيفتح الباب أمام معركة مفتوحة يتحمل الاحتلال مسؤولية تبعاتها".

دعت فصائل فلسطينية الى اضراب عام الخميس احتجاجا على ما جرى في مخيم جنين، والى تنظيم تظاهرات في انحاء الضفة الغربية، فيما عاد طلاب المدارس الى منازلهم.

وأشاد الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق سلمي "بالوحدة الميدانية التي تشهدها ساحة المواجهة والاشتباك في مخيم جنين" مؤكدا على أن "المقاومة في كل مكان وجاهزة ومستعدة للمواجهة القادمة".

واعتبرت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، أن ما يجري في جنين هو "ملحمة خالدة في محطة تاريخية فاصلة في مواجهة الاحتلال"، وفق المتحدث باسمها حازم قاسم.

من جهته، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري إن "الاحتلال سيدفع ثمن المجزرة التي نفذها في جنين ومخيمها صباح اليوم، ورد المقاومة لن يتأخر".

إدانة أردنية

من جانبها، دانت وزارة الخارجية الاردنية بشدة في بيان "العدوان" الإسرائيلي في مخيم جنين معتبرةً أن "حملة التصعيد العسكرية الإسرائيلية تنذر بتفجر دوامة جديدة من العنف التي سيدفع الجميع ثمنها".

مساء الأربعاء، قُتل فلسطينيان برصاص القوات الإسرائيلية الأربعاء أحدهما في شمال الضفة الغربية والآخر في مخيم شعفاط في مدينة القدس الشرقية المحتلة. كما جرت مواجهات في حي سلوان في القدس الشرقية أدت إلى جرح اثنين، إصابة أحدهما خطيرة والآخر متوسطة وقد نقلا الى مستشفى اسرائيلي، بحسب الشرطة الاسرائيلية.

وأشاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير اليميني المتطرف، بعملية القوات الاسرائيلية في جنين، فقال "نحن ندعم جنودنا في المعركة ضد الإرهابيين وكل إرهابي يحاول إيذاء قواتنا يجب أن يعلم أنه يخاطر بحياته ".