إيلاف من الرباط: أبدى رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي، النائب لحسن حداد،استغرابه من التحول المفاجئ في موقف بعض البرلمانيين الفرنسيين، والذي مكن من تمرير قرار البرلمان الاوروبي الأخير، الأحادي واللامسؤول،اتجاه المغرب.
وقال النائب حداد ، الذي حل الثلاثاء، ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء حداد، لمناقشة موضوع “قرار البرلمان الأوروبي.. التفاف حول جميع الآليات المؤسساتية للحوار والتنسيق، وتسييس لقضايا تدخل ضمن اختصاص القضاء”،إن “مساندة الليبراليين الفرنسيين القريبين من الرئاسة الفرنسية للقرار بل وتبنيهم له والدفاع والترافع من أجله فاجأ الجانب المغربي الذي كان يظن أن الفرنسيين حلفاء ” له .
وأوضح حداد وهو ايضا خبير دولي في التدبير الاستراتيجي والديمقراطية والحكامة والهجرة والتنمية، أن “التحول المفاجئ في موقف البرلمانيين الفرنسيين يُعزى إلى كون “جزء من الدولة العميقة في فرنسا تزعجه الانتصارات الدبلوماسية والامنية المغربية، فاستغل هذه الأزمة، كما استغل من قبل الأخبار الزائفة حول “بيغاسوس” ليحرك الليبراليين الفرنسيين من أجل تبني هذا القرار “.

اقحام المغرب في " قطر غيت"

وأضاف حداد أنه من غير المستبعد أن هذه القوى ” هي من أقحمت اسم المغرب في ما يسمى ب “قطر غيت” رغم غياب الأدلة”، مردفا أنه سواء كان الأمر يتعلق “بتحول ظرفي أم بنيوي فإن الدولة المغربية ستتعامل معها بالطريقة المناسبة”.
ومضى حداد قائلا ” أتمنى أن تعي الدولة الفرنسية خطورة ما يجري، وإن كانت هناك جهات من الدولة تدس الدسائس للمغرب، فإن ذلك ينم عن عدم تحمل للمسؤولية، مما سيفضي إلى عواقب وخيمة”.

المغرب لم يسىء لفرنسا

وقال النائب حداد، الأستاذ بعدد من الجامعات الوطنية والدولية، إن المغرب لم يسئ إلى فرنسا، داعيا هذه الأخيرة إلى التعامل مع المغرب بمنطق الشفافية والوضوح.
وتحدث حداد عن التحولات التي شهدتها آراء الأحزاب البرلمانية بالمؤسسة الأوروبية، وقال إن الكتلة الوسطية في البرلمان الأوروبي كانت من جملة حلفاء المغرب الذين كانوا يتصدون للقرارات المناوئة ، مبرزا أن المزايدات الانتخابوية بين الفرق البرلمانيين وما شاكلها من اتهامات بتلقي الرشوة، وهجمات المجموعة المسيرة من طرف الجزائر، أفضت إلى تحفظ البعض و”خوف” البعض الآخر.
بالمقابل أشاد حداد، بالبرلمانيين الإسبان، الذين “أبانو عن شجاعة وبعد نظر، إذ لم يريدوا التضحية بالشراكة المتينة والاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا في سبيل تموقعات طائشة لا تغني ولا تسمن من جوع”.

مكامن العطب داخل اللجنة البرلمانية المشتركة

من جهة أخرى، أشار حداد، وهو وزير سابق للسياحة ، إلى مكامن العطب داخل اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي بسبب ” العراقيل التي يضعها أعضاء فاعلون من الطرف الأوروبي”، مشيرا إلى أن هذا التوجه “قوّض آليات التعاون ، التي تم إرساؤها منذ سنة 2008”.
وشدد حداد على أن العمل المشترك الذي قامت به اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب - الاتحاد الأوروبي مع النظراء الأوربيين “ذهب مهب الريح بفعل هذا القرار الطائش ” الذي أقدم عليه البرلمان الأوروبي، مرجعا ذلك إلى العراقيل التي وضعها أنطونيو بانزيري (رئيس اللجنة المشتركة السابق) و أندريا كوسولوينو (الرئيس الحالي) وفرانسييكو جيورجي (مساعدهما)، و ماريا أرينا (رئيسة لجنة الحقوق) وهم من ضمن المتهمين بالفساد في البرلمان الأوروبي، منهم من هو معتقل ومنهم من هو مطلوب من العدالة البلجيكية.

هروب الى الامام

وأشار حداد الى أن اتخاذ البرلمان الأوروبي لهذا القرار، دون اللجوء إلى اللجنة البرلمانية المشتركة هو ” هروب إلى الامام”.
واضاف أن بعض النظراء الأوروبيين في اللجنة المشتركة “تحاشوا العمل مع البرلمانيين المغاربة، بل كانوا يضعون العراقيل، للحيلولة دون اشتغال آلية التنسيق هاته، مما اضطرنا إلى العمل مع الفرق والنواب البرلمانيين على نحو فردي”، وهو ما مكن البرلمانيين المغاربة من الحضور بشكل مكثف داخل أروقة البرلمان الأوروبي للدفاع عن المصالح العليا للمملكة.
وقال إنه كان بالإمكان الاستفادة من هذا الإطار على نحو أفضل، غير أنه “أسندت الأمور لأشخاص غير مناسبين”.

دعوة الى توضيح الرؤية

ودعا حداد البرلمان الأوروبي إلى توضيح الرؤية بخصوص الأطراف الأوروبيين الذين يشتغلون في اللجنة البرلمانية المشتركة، مبرزا أن العمل الجاد الذي قامت به اللجنة وحلفائها الأوروبيين، من خلال توضيح القضايا الحقوقية بالمغرب، وفضح الخروقات الحقوقية بالجزائر وتندوف، أزعج خصوم الوحدة الترابية وجعلهم ينتقلون لاستغلال أزمة البرلمان الأوروبي، الذي يرزح بعض أعضائه تحت اتهامات الرشوة.
من جهة أخرى، ذكر حداد أن اللجنة البرلمانية المشتركة حققت ” انتصارات ” طيلة فترة اشتغالها لسنة ونصف سنة ، حيث “أحبطت كل محاولات إصدار أو تعديلات لتقارير ضد المغرب ” كما ساهمت، بفضل عملها التواصلي والترافعي، في تنامي وعي النواب الأوربيين بخطورة وضعية حقوق الإنسان في تندوف والجزائر، مما أزعج اللوبي الموالي للجزائر في البرلمان الأوربي”.
واشار حداد الى حضور “مراكز ممولة وبرلمانين ممولين من طرف الجزائر في هذه المؤسسة الأوروبية لمهاجمة المغرب”، متطرقا بالخصوص إلى أعضاء المجموعة غير القانونية التي تدعم جبهةالبوليساريو، الذين لا هم لهم سوى الترصد للمغرب في ملفات حقوق الانسان أو استغلال الموارد الطبيعية ، والصحافة في المغرب، وغيرها “.

هجمات مناوئة للمغرب

واستعرض حداد عددا من الهجمات المناوئة للمغرب داخل المؤسسة الأوروبية خلال سنة 2022، مبرزا أن الأطراف المناهضة تقدمت بـ112 سؤالا ضد المغرب، و18 محاولة تعديل مناهض لمصالحه، لافتا إلى أنه تم رصد 424 محاولة مناوئة منذ 2016.
وبعدما سجل أن “ثلاثة مشاريع قرارات خصصت لعمر الراضي فقط خلال2022″، قال حداد إن عمل اللجنة مع البرلمانيين الأوروبيين حال دون مرور هذه القرارات، مشيدا بما بذله البرلمانيون المغاربة من جهود في هذا الصدد.

التعامل مع الاتحاد الاوروبي سيستمر

في غضون ذلك ، قال رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي،إن "التعامل مع الاتحاد الأوروبي سيستمر”، رغم القرار الأخير، الأحادي واللا مسؤول، للبرلمان الأوروبي اتجاه المغرب.
و ذكر حداد أن "المغرب ليس لديه أي مشكلة مع الاتحاد الأوربي ومؤسساته”، بل مشكلته مع البرلمان الأوروبي، ذي الاختصاصات المحددة في اتخاذ قرارات بشأن القوانين، بشراكة مع مجالس الوزراء والمصادقة على الميزانية.
وأضاف حداد أن مشكلة المغرب تحديدا “هي مع بعض النواب الأوروبيين الذين كانوا دائما ضد المغرب واستغلوا أزمة الفساد والرشوة” داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية لتمرير قرار البرلمان الأوروبي، مستغربا في الوقت نفسه الموقف “المفاجئ” لبعض الليبراليين الفرنسيين.
وبعدما جدد التأكيد على استمرار العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، نوه المستشار الدولي في التنمية الاجتماعية بـ “التقرير الإيجابي” الذي صدر أخيرا عن المفوضية الأوروبية، والذي أكدت من خلاله أن سكان الأقاليم الجنوبية للمملكة ( الصحراء المغربية) تستفيد بشكل كامل من الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وفي علاقته بباقي مؤسسات الاتحاد الأوروبي، أبرز النائب حداد أن المغرب يواصل العمل والتنسيق مع مجلس قمة الرؤساء ورؤساء الحكومات، الذي يحدد السياسات العامة والأولويات، ومع مجالس الوزراء القطاعية الذين يتبنون القوانين وينسقون السياسات، ومع المفوضية الأوروبية التي هي من يمثل المصالح المشتركة للاتحاد الأوروبي ولها الصلاحية بالدفع بالتشريعات.

زيارات مرتقبة للرباط

وأشار رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي إلى زيارات مرتقبة لعدد من المسؤولين الأوروبيين إلى المملكة، وعلى رأسهم المفوض الأوروبي المكلف سياسة الجوار والتوسع، أوليفر فاريلي.
كما سينظم مجلس النواب، يضيف حداد، نشاطا بشراكة مع خبراء من المفوضية الأوروبية، إضافة إلى نشاطات أخرى لأحزاب سياسية مغربية على مستوى هذه المؤسسة الأوروبية.