إيلاف من لندن: دعت الامم المتحدة السلطات العراقية الى مكافحة الفساد كمنظومة وليس أفرادا والاسراع باصلاحات دستورية وأمنية ومواجهة البطالة وتحويل المشاورات بين بغداد وأربيل الى اتفاقات ملموسة.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت في احاطتها إلى مجلس الأمن الدولي مساء امس الخميس وحصلت "ايلاف" على نصها ان التحديات التي واجهت العراق والاخرى في الحاضر لاتقع مسؤولية معالجتها على الحكومات وحدها وانما على الأحزاب السياسية والأطراف الفاعلة الأخرى كذلك ولهذا فهي مطالبة بمنح الأولوية لمصلحة البلد على جميع المصالح الأخرى لان مسؤولية ذلك مشتركة وستبقى كذلك.
المبالغة بالوعود
وشددت بلاسخارت على أهمية التعامل مع توقعات الشعب لان المبالغة بالوعود والإخفاق في تنفيذها يمكن أن يكون له عواقب وخيمة ولن يؤدي تجميل الموقف إلّا إلى زيادة مشاعر الإحباط وخيبة الأمل.
وبينت أن العديد من الفرص للقيام بإصلاحات مجدية وتمس الحاجة إليها قد أهدرت منذ عام 2003، مع التشديد على أن تفشي الفساد هو السبب الجذري الرئيس للاختلال الوظيفي في العراق ولذلك فأن فرصة القيام بذلك قصيرة جداً.
ونوهت الى انه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من تشكيلها، أبدت الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزامها بالتصدي لأشد التحديات التي تواجه البلد إلحاحاً، والتي تشمل الفساد المستشري وسوء تقديم الخدمات العامة وارتفاع مستويات البطالة.
مواجهة الفساد كمنظومة
وقالت انه على صعيد محاربة الفساد اتخذت الحكومة عدداً من الخطوات المهة بما في ذلك ما يخص استرداد الأموال المنهوبة والتحقيق في المزاعم المتعلقة بالفساد.
وحذّرت من ان أولئك الذين سيتضررون من ذلك سيسعون بلا شك إلى عرقلة هذه الجهود ولكن إذا أراد العراق بناء نظام يخدم احتياجات المجتمع بدلاً من خدمة مجموعة مغلقة، فإنّ ضمان مساءلة مختلف الأطياف يغدو أمراً بالغ الضرورة.
واعتبرت ان هذا يعني عدم إعطاء أي فسحة من الوقت لأولئك الذين يسحبون موارد الدولة لخدمة مصالح خاصة و/أو غيرها خاصة وان الفساد في العراق قد تحوّل على مرّ السنين إلى منظومة – أي أنه يتجاوز تمثّله في مجموعة من الأفراد أو سلسلة من الأحداث.
واضافت ان التغيير المطلوب لا يمكن أن يحدث إلاّ من خلال تغيير هيكلي يتطلّب إصلاحاً اجتماعياً واقتصادياً شاملاً ومؤسساتٍ أقوى، وإدارة أفضل على جميع الصعد.
قلق
وأعتبرت رؤية ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية مؤخرا أمر مثير للقلق مما زاد من الضغط على النساء والرجال العراقيين بشكل يومي ولهذا فأنه على المدى القصير، يتضح أنه من الضروري إقرار الميزانية الاتحادية بأسرع ما يمكن .. محذرة من ان مزيد من التأخير لن يؤدي الا إلى تفاقم الوضع بسبب قيود الإنفاق المعروفة.
وشددت على ضرورة عدم الاستمرار بالاعتماد على النفط لان ذلك يجعل الاقتصاد العراقي أكثر عرضة للصدمات الخارجية وبالتالي يجب إيلاء الأولوية للتنويع الاقتصادي المستدام، بما في ذلك تطوير قطاعٍ خاص له القدرة على إضافة قيمة وخلق فرص عمل.
اصلاحاتٌ عاجلة
وأكدت بلاسخارت ان مجالات أخرى تتطلّب اهتماماً عاجلاً من الحكومة العراقية؛ منها: التحديات البيئية الكبيرة، مروراً بأهمية استقلال الطاقة، واستمرار عودة المواطنين العراقيين من مخيّم الهول وغيره من المخيمات والسجون في شمال شرق سوريا.. وكذلك الحاجة إلى تنفيذ اتفاق سنجار بسرعة، والانتهاء من حوار كركوك الذي طال انتظاره، والانتقال من مرحلة الاستجابة الإنسانية تجاه مرحلة الحلول الدائمة والتنمية، إلى مسائل مثل التعديلات الدستورية وإحراز تقدّم جوهري في إصلاح قطاع الأمن.
ونوهت الى ان حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، بما في ذلك المساءلة عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان أمر ملح كذلك .. واشارت الى ان إسكات النقد البناء، أو إعاقته، أو رفضه، أو تقويضه يحقّق شيئاً واحداً فقط؛ وهو تشويه صورة البلد وتقويض ثقة الشعب، في حين أن تشجيع الخطاب العام يمكّن المؤسسات من الازدهار والتكيّف.
علاقاتٌ غير مرضية
وعن العلاقات بين بغداد وأربيل فقد أوضحت المبعوثة الاممية انه قد تم اتخاذ خطوات أولية لتحقيق هذه الغاية، بما في ذلك عدد من الزيارات رفيعة المستوى وتشكيل لجان فنية مشتركة وهو أمر جيد، إلا أن وجود حوار منظم، وهو أمر ينطوي على أهمية كبيرة لإضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات ما يزال مفقودا والأهم من ذلك، أن هذه المشاورات لم تترجم بعد إلى اتفاقات ملموسة، بما في ذلك كما ذكرنا، بشأن القضية الملحة المتمثلة في الميزانية لعام 2023.
وعبرت عن الامل بألا يؤدي قرار المحكمة الاتحادية العليا الأخير حول وقف ارسال بغداد لمرتبات اقليم كردستان إلى إعاقة المفاوضات الجارية بشأن الميزانية الاتحادية.. ودعت بغداد وأربيل الى العمل من اجل الوصول إلى ترتيبات دائمة للابتعاد عن استمرار حالة إدارة الأزمات.
الاقتتال السياسي في الإقليم
وحذرت بلاسخارت من مخاطر الاقتتال السياسي الداخلي في اقليم كردستان .. منوهة الى ان الانقسامات بين الأحزاب الحاكمة في إلاقليم تترك آثارها السلبية على مؤسساته وشعبه، بل وأدت إلى مقاطعة أحد الأحزاب الائتلافية لجلسات مجلس الوزراء منذ تشرين الأول أكتوبر الماضي.
ودعت الى اتخاذ إجراء سريع وعملي لانه ليس بوسع الأحزاب السياسية في إلاقليم أن تضيع مزيداً من الوقت فهناك حاجة ماسة إلى تسويات سريعة بشأن الخلافات النقدية والإدارية والأمنية والانتخابية العالقة.
سياسات الانفتاح الخارجية
وفيما يتعلق بعلاقات العراق الخارجية فقد نوهت بلاسخارت الى أن الحكومة العراقية واصلت في سياسة الانفتاح والتوازن القائمة بالطبع على المصالح المشتركة وأيضا احترام مبادئ سيادة الدول وسلامتها الإقليمية وحسن الجوار لكنه مع ذلك، ما يزال العراق يواجه خروقات متكررة تزعزع سيادته وسلامة أراضيه في اشارة الى القصف الايراني والتركي لمناطق العراق الشمالية.
تحذير من مخاطر إيصال الرسائل عبر القصف
واشارت الى انه من الواضح أن إيصال الرسائل عبر القصف لن يؤدي إلا الى زيادة التوترات على نحوٍ متهور ويتسبب بقتل الناس وتدمير الممتلكات.
واعتبرت ان الوسائل الدبلوماسية القائمة هي في متناول الجميع وكذلك عندما تواجه دول الجوار تهديدات متصورة للأمن القومي.. وبينت أنه لكي يتمكن العراق من زيادة تعزيز استقراره الدبلوماسي يتعين على الجميع بما فيهم الامم المتحدة العمل على توفير بيئة مواتية.
كأس الخليج العربي أعاد العراق لمكانته
وعدت الممثلة الاممية استضافة العراق مؤخرا لبطولة كأس الخليج العربي بعد عقود من العزلة، والعنف، والنزاع، والتوترات شهادة كبيرة على عودته إلى وضعه الطبيعي وقدرته ليس على جمع أبناء الوطن على هدف مشترك وإيجابي فحسب، ولكن جمع الشركاء الإقليميين كذلك.
وكان العراق قد فاز في البطولة التي تم تنظيمها في مدينة البصرة الجنوبية للفترة بين 6 و19 من الشهر الماضي وذلك بمشاركة 8 دول خليجية عربية.
التعليقات