نيقوسيا: يدلي القبارصة بأصواتهم الأحد لانتخاب رئيس بينما تشغل الناخبين مسائل مرتبطة بفضائح فساد وتضخم متزايد، أكثر من قضية إعادة توحيد الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط والمقسمة منذ نحو نصف قرن.

وفي وسط العاصمة نيقوسيا، قال فوتوس كوستانتينو (50 عامًا) "نحن بحاجة لرئيس دولة يأخذ الأُسر والطبقة العاملة بالاعتبار"، مضيفًا "نحن الآن كأننا نطير في وضع التحكم الذاتي ولا نعرف إلى أين تتجه الطائرة".

وعند الساعة 15,00 (13,00 ت غ) بلغت نسبة الإقبال 55,6 بالمئة بزيادة 4,7 بالمئة عن بالانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في 2018، حسب أرقام رسمية.

وتبدو المنافسة حادة بين ثلاثة من المرشحين الـ14 وبينهم امرأتان، وهو عدد قياسي.

وإذا تخطى أي مرشح عتبة 50 بالمئة من الأصوات، سيفوز بالرئاسة خلفاً للرئيس المنتهية ولايته نيكوس أناستاسيادس الذي تولى المنصب لولايتين. لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أياً من المرشحين لن يكون قادراً على الحصول على أغلبية مطلقة ومن المرجح تنظيم دورة ثانية للاقتراع في 12 شباط/فبراير.

ودعي أكثر من 561 ألف ناخب إلى التصويت في 1113 مركزاً فتحت أبوابها عند الساعة السابعة (05,00 ت غ)، على أن يستمر الاقتراع حتى الساعة 18,00 (16,00 ت غ).

وقال مدير الاقتراع كوستاس كونستانتينو إن "التصويت بدأ بدون عراقيل".

وقبرص عضو في الاتحاد الأوروبي منذ 2004. وهي مقسومة منذ الغزو التركي للثلث الشمالي من الجزيرة في 1974، رداً على انقلاب قام به قبارصة يونانيون قوميون أرادوا إلحاق الدولة باليونان.

وتمارس الحكومة القبرصية اليونانية سلطتها على الجزء الجنوبي فقط من الجزيرة التي تفصل منطقة منزوعة السلاح بإشراف الأمم المتحدة تسمى الخط الأخضر، بينها وبين "جمهورية شمال قبرص التركية" المعلنة من جانب واحد ولا تعترف بها سوى تركيا.

المرشحون الأبرز

ويبدو وزير الخارجية السابق نيكوس خريستودوليدس (49 عاماً) الذي يقدم نفسه على أنه "مستقل" المرشّح الأوفر حظًا للفوز في الاقتراع ويحظى بتأييد الأحزاب الوسطية.

وكان هذا الدبلوماسي وزيراً للخارجية في حكومة الرئيس أناستاسيادس بين 2018 و2022.

وقال الأحد بعد إدلائه بصوته "لن نتمكّن من الاستجابة لتوقعات الشعب القبرصي إلّا (...) من خلال الوحدة".

أما خصماه الرئيسيان فهما الدبلوماسي أندرياس مافرويانيس (66 عامًا) الذي يدعمه الحزب الشيوعي (أكيل) والرئيس السابق للمفاوضين القبارصة اليونانيين في محادثات إعادة التوحيد (2013-2022)، وكذلك أفيروف نيوفيتو (61 عاما) زعيم حزب التجمع الديموقراطي المحافظ الحاكم (ديسي).

وقال هوبرت فوستمان أستاذ السياسة والتاريخ في جامعة نيقوسيا إنه اقتراع "غريب" لأن "المرشحين الثلاثة مرتبطون بالرئيس الحالي" الذي ينهي ولايتين مدة كل منهما خمس سنوات في سن السادسة والسبعين.

تحديات الرئيس

التحدي الأول الذي سيواجهه الرئيس الجديد هو التضخم الذي بلغت نسبته 10,9 بالمئة في 2022. وعلى الرغم من تباطؤ في كانون الثاني/يناير (7,1 بالمئة)، ما زال ارتفاع الأسعار، ولا سيما أسعار الطاقة والغذاء، على رأس الهموم. وشهدت البلاد في نهاية كانون الثاني/يناير إضراباً عاماً.

كما هيمنت مكافحة الفساد على النقاشات الانتخابية خصوصاً بعد فضيحة "جوازات السفر الذهبية". وألغي هذا البرنامج لمنح جوازات السفر مقابل الاستثمارات في الجزيرة بسبب اتهامات بالفساد أضرت بصورة حكومة أناستاسيادس.

لكن يبدو أن نيكوس خريستودوليدس لم يتأثر. وقال أندرياس ثيوفانوس من المركز القبرصي للشؤون الأوروبية والدولية إن "التفسير الذي قدمه يبدو معقولاً بالنسبة للسكان"، مشيراً إلى أنه "قال إنه لا يتحمل مسؤولية مباشرة" في هذه القضية.

من جهته، رأى يورغوس كنتاس الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية في جامعة نيقوسيا أن "الفساد يقع في صلب الجدل مثل الاقتصاد والحياة اليومية. مشكلة قبرص (التقسيم) هي موضوع ثانوي".

والموضوع الحساس الآخر في هذه الجزيرة الواقعة في شرق البحر الأبيض المتوسط بالقرب من سواحل الشرق الأوسط وتركيا هو تدفق المهاجرين الذي وعد المرشحون بالتحرك للحد منه.

وتقول السلطات القبرصية إن 6 بالمئة من السكان البالغ عددهم حوالى 915 ألف نسمة شخص في جنوب الجزيرة هم من طالبي اللجوء.

تفيد أرقام الاتحاد الأوروبي بأن قبرص سجلت ثاني أعلى معدل لطالبي اللجوء في الإتحاد الأوروبي مقارنة بعدد السكان، بعد النمسا.

وتتهم الحكومة تركيا بتدبير جزء كبير من تدفق اللاجئين من سوريا والمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء عبر الخط الأخضر.

وسيكون على رئيس الدولة المقبل العمل لاستئناف محادثات السلام المتوقفة منذ 2017 من أجل إنهاء تقسيم الجزيرة.

وحول هذه القضية، يعد خريسوتودوليدس من "الصقور" ويريد من الاتحاد الأوروبي عزل تركيا. أما نيوفيتو فيعتبر براغماتيا، فيما خفف مافرويانيس من حدة موقفه ليتماشى مع خط الحزب الشيوعي.

تعثر العملية الدبلوماسية

وتتعثر العملية الدبلوماسية التي ترعاها الأمم المتحدة في العديد من النقاط مثل وجود 40 ألف جندي تركي في "جمهورية شمال قبرص التركية".

من أصل 561 ألفاً و33 شخصاً يحق لهم التصويت هناك 730 قبرصياً تركياً مسجلين في جنوب الجزيرة، وفق ما أفاد الجمعة المسؤول في اللجنة الانتخابية كوستاس كونستانتينو.

ويقول كونستانتينو إن عشرة آلاف و346 قبرصياً من المقيمين في الخارج تسجّلوا للإدلاء بأصواتهم.