باريس: بعد أسبوع على إقرار تعديل النظام التقاعدي من دون تصويت في البرلمان، حاولت الحكومة الفرنسية الإثنين استعادة زمام المبادرة بإبداء رغبتها بـ"التهدئة"، لكن من دون أن تنجح حتى الآن في نزع فتيل التوتر عشية تعبئة جديدة مقررة الثلاثاء احتجاجاً على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً.

ويندرج استمرار التعبئة ضدّ إصلاح نظام التقاعد في فرنسا في سياق مطالب لرفع الرواتب في أوروبا الغربية على زيادة التضخّم ولا سيّما في ألمانيا وبريطانيا.

وفي ألمانيا، دُعي العاملون في المطارات والسكك الحديد والنقل البحري وشركات الطرق السريعة والنقل المحلي إلى التوقف عن العمل ليوم كامل، من منتصف ليل الأحد-الإثنين إلى منتصف ليل الإثنين-الثلاثاء، للمطالبة بزيادة الأجور.

وفي فرنسا، عشية عاشر يوم تعبئة ضدّ إصلاح النظام التقاعدي، أعلنت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن في مقابلة مع وكالة فرانس برس أنّها تعتزم إجراء مشاورات بهدف "تهدئة البلد".

وأوضحت بورن لفرانس برس الأحد أنّها حدّدت هدفين بعد تبنّي النص دون تصويت بموجب إجراء دستوري "تهدئة البلاد في مواجهة هذه التوترات وتسريع الاستجابة لتوقعات الفرنسيين".

سلسلة مشاورات
وتبدأ سلسلة واسعة من المشاورات على مدى ثلاثة أسابيع اعتبارًا من الاثنين مع نواب والأحزاب السياسية وممثلين محليين وشركاء اجتماعيين إذا أرادوا ذلك.

وستفصّل أولًا "خطة العمل" هذه في منتصف النهار لماكرون ثمّ إلى مسؤولي الغالبية.

ومن المقرر أيضًا أن تلتقي بورن الإثنين رؤساء اللجان في الجمعية الوطنية، على أن تواصل اجتماعاتها الثلاثاء مع رئيسي المجلسين.

والى النقابات، تقترح بورن التي ترفض المطالب بتعليق الإصلاح أو سحبه، "استئناف العمل" حول نقاط مختلفة من صعوبة توظيف مسنين الى تغيير المهنة.

وكرّر الأمين العام لنقابة "سي اف دي تي" الإصلاحية لوران بيرجيه موقفه الاثنين، بتعليق الاصلاح مشيرًا إلى أنه لن يقبل "يد (بورن) الممدودة" إلّا بهذا الشرط.

وفي باريس ظلّ متحف اللوفر، أكثر المتاحف اقبالا في العالم، مغلقًا الإثنين بسبب غياب عدد من الموظفين. وفي شوارع العاصمة التي تشهد إضراباً لجامعي القمامة منذ ثلاثة أسابيع، تراجع حجم النفايات المتراكمة ببطء مع بقاء 7828 طناً في الشوارع.

وتُرجم يوم التعبئة السابق في 23 آذار/مارس بزيادة زخم التجمّعات وتصاعد الاشتباكات على هامش التجمّعات بحيث أوقف 457 شخصًا وأُصيب 441 عنصرًا في الشرطة والدرك.

وتحوّلت جهود المنظمات البيئية ضدّ إنشاء خزانات مياه ضخمة في سانت سولين (وسط غرب) إلى كابوس السبت. فقد اندلعت صدامات عنيفة بين مجموعة من المتظاهرين والشرطة، ما أسفر عن إصابة العشرات بينهم شخص لا يزال الاثنين بين الحياة والموت.

اتهامات بالعنف
وتطاول الاتهامات بالعنف قوات الأمن لدرجة أن مجلس أوروبا أعرب عن قلقه من "الاستخدام المفرط للقوة" ضد المحتجّين.

وندد المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران الاثنين بموقف ميلانشون وموقف حزبه "فرنسا المتمردة"، معتبرًا أنّ "ميلانشون وأصدقاءه يعيشون من الغضب والبؤس".

ولامت النائبة عن حزب الخضر ساندرين روسو الإثنين ماكرون ووزير الداخلية جيرالد دارمانان على العنف في التظاهرات، مدينة اللجوء إلى العنف ومتساءلة حول رغبتهما في "التسبب في مشاكل" من خلال استخدام "وفرة من الوسائل".

من ناحية أخرى، ألقت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن باللوم في أعمال العنف في سانت سولين على "ميليشيات اليسار المتطرف" و "تساهل" الحكومات المتعاقبة معها منذ عشر سنوات.

وإذا كان تطور الحركة الاجتماعية في ألمانيا نحو أشكال أكثر عنفًا "مستبعداً نظراً لتقاليد" هذا البلدـ بحسب جوزفين ستارون مديرة العلاقات الدولية في مركز الأبحاث سينوبيا، بعد سنوات من التقشف في الموازنة "فإن ألمانيا تقترب من النموذج الفرنسي للنضال الاجتماعي. جميع النقابات متحدة في سبيل قضية واحدة".

"مضطربة جدًا"
وفي فرنسا نفد البنزين أو الديزل من أكثر من 15% من محطات البنزين الإثنين بسبب اضراب في المصافي.

وعلى الأرض، في باريس ومحيطها، ستكون حركة القطارات في الضواحي وقطارات المترو "مضطربة جدًا" الثلاثاء، وفق شركة "إر آه تي بي" العامة للنقل في باريس.

وطلبت المديرية العامة للطيران المدني من شركات الطيران إلغاء 20% من رحلاتها في مطار باريس-أورلي ومرسيليا (جنوب) وتولوز وبوردو (جنوب غربي) الثلاثاء والأربعاء.