اسطنبول: بعد عشرين عامًا في السلطة ورغبة في البقاء فيها، زار الرئيس رجب طيب إردوغان الجمعة جنوب تركيا الذي دمره زلزال السادس من شباط/فبراير ليطلق الحملة الرسمية لإعادة انتخابه التي تنطوي على مخاطر كبيرة على ما يبدو.

في غازي عنتاب القريبة من الحدود مع سوريا، قال الرئيس أمام حشد قرب مشروع سكني بدأ في المحافظة، "جئنا لخدمتكم وليس لقيادتكم".

قبل ستة أسابيع من انتخابات 14 أيار/مايو، كثّف رئيس الدولة وعود إعادة الإعمار وزيارات خيام الناجين من الزلزال (أكثر من خمسين ألف قتيل وثلاثة ملايين نازح ومئات الآلاف من العائلات المنكوبة)، معانقًا نساء مسنات محجبات وأطفالا.

لكنه ليس متأكدا من أن هذا التعاطف الظاهر ووعود إعادة الإعمار السريعة تكفي في مواجهة الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي يؤدي إلى إفقار الطبقات الوسطى وعواقب الزلزال الذي أضر بالاقتصاد والتوظيف في المحافظات ال11 المتضررة.

وفي مواجهة إردوغان (69 عاما) يعتزم ثلاثة مرشحين صادقت على ترشحهم خلال الأسبوع الجاري اللجنة الانتخابية منافسته على أمل نجاح المعارضة.

وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد "تاغ" للأبحاث أن 51,8 بالمئة من الناخبين يأملون في فوز زعيم حزب الشعب الجمهوري (حزب المعارضة الرئيسي) كمال كيليتشدار أوغلو بالرئاسة مقابل 42,6 بالمئة يؤيدون إردوغان.

يمثل كيليتشدار أوغلو الذي يظهر مبتسمًا على ملصقات حملته تحت شعار "مرحبًا أنا كمال أنا آت!" تحالفًا من ستة أحزاب من اليسار إلى اليمين القومي. ويحظى بدعم ضمني من حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد (10 إلى 13 بالمئة من الناخبين) الذي يقبع زعيمه صلاح الدين دميرتاش في السجن.

وبينما يجوب رئيس الدولة البلاد ويبدو حاضرًا في كل مكان على شاشة التلفزيون، يخاطب كيليتشدار أوغلو (74 عاما) الاقتصادي والموظف الحكومي السابق كل شريحة من شرائح المجتمع على تويتر عبر رسائل فيديو، من مطبخه ذي الإضاءة الضعيفة، متوجها إلى النساء المحافظات.

وقد بلغ عدد المشاهدات لآخر تسجيل له 3,3 ملايين الخميس.

وقالت مجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية في مذكرة مؤرخة في 22 آذار/مارس إنه منذ الإعلان عن ترشحه واصل رئيس حزب الشعب الجمهوري "توسيع قاعدته" (من 30 إلى 40 بالمئة من النوايا للتصويت) بينما تتراجع نسبة التأييد لإردوغان (من 60 إلى 50 بالمئة).

وأضافت أن "التحدي الرئيسي لكيليتشدار أوغلو يتمثل باستقطاب الناخبين المناهضين لإردوغان - الذين يشكلون الأغلبية - من دون بدء المعارك داخل المعارضة".

وسيكون على كمال كيليتشدار أوغلو أن يحسب حساب عودة ظهور محرم إنجه وهو مرشح هزم أمام إردوغان في 2018 وقرر إفساد اللعبة.

والتقى إنجه الذي اختفى بدون أن يحيي مؤيديه عشية الدورة الأولى، مرشح حزب الشعب الجمهوري هذا الأسبوع ، بهدف التوصل إلى اتفاق محتمل.

لكن في الوقت الحالي، حسب خبراء السياسة بمن فيهم أولئك العاملون في معهد ميتروبول، يمكن أن يجذب هذا العائد الشباب الذين يرون أن رئيس حزب الشعب الجمهوري لا يتمتع بشخصية قوية.

مع ذلك، سيكون تصويت الشباب أحد العناصر المهمة في هذه الانتخابات. ف70 بالمئة من الناخبين هم دون سن 34 عامًا وستة ملايين شاب تركي سيصوتون للمرة الأولى في 14 أيار/مايو.

أخيرًا يفترض أن يظهر النائب السابق سنان أوغان (يمين متطرف) في الدورة الأولى.

وإلى جانب الأزمة الاقتصادية الخطيرة (نسبة التضخم تجاوزت 50 بالمئة وبلغت أكثر من 85 بالمئة في الخريف) التي تؤثر على دخل الأسرة، كشف الزلزال عن ثغرات الدولة القوية التي يحلم بها إردوغان.

واستغرق الأمر ثلاثة أيام لبدء الإغاثة في بلد شديد المركزية، ثم ظهرت إخفاقات في توزيع المساعدات ولا سيما الخيام. لكن قبل كل شيء، كشف انهيار المساكن على سكانها إهمال قطاعي العقارات والبناء اللذين دفعا النمو في عهد إردوغان لمدة 20 عامًا.

والرئيس الذي خاض حملته في 2003 على أنقاض زلزال 1999 في إزميت (شمال غرب، 17 ألف قتيل) من خلال إدانته لضعف النظام، قد يدفع ثمنا لهذه الأراضي التركية الغاضبة.

وأثناء الاحتفال في 24 آذار/مارس بتدشين بناء مستشفى في أنطاكية (جنوب) التي تعرضت لدمار كبير، كشفت الكاميرات أن المبنى - الذي كان يفترض افتتاحه في 10 أيار/مايو - لا أساس له، مثل تلك المساكن التي انهارت في السادس من شباط/فبراير.

وأخيرا، اهتزت الأرض مرة أخرى (4,6 درجات) الجمعة في غازي عنتاب قبل ساعات قليلة من وصول رئيس الدولة.