تعاني كل من روسيا وإيران من العقوبات الدولية المسلطة عليهما. الأولى بسبب غزوها لأوكرانيا، والثانية لأنها مُصرّة على تطوير برنامجها النووي. لهذا شرع البلدان خلال الأشهر الأخيرة في تعزيز العلاقات بينهما تحديًا للعقوبات المفروضة عليهما.

وفي الرابع والعشرين من شهر فبراير-شباط الماضي، دارت في العاصمة الإيرانية طهران، مقابلة ودية في كرة القدم بين الفريقين الإيراني والروسي الذي مُنِعَ من المشاركة في أي مقابلات خارج بلاده بسبب الحرب الأوكرانية.

وبعد مرور ستة أشهر على انتخابه رئيسا للجمهورية الإسلامية، اختار إبراهيم رئيسي، وهو من صقور المحافظين، زيارة موسكو وذلك في التاسع عشر من شهر جانفي-يناير\ كانون الثاني من العام الماضي.

وكان طموحه من خلال هذه الزيارة الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى الاستراتيجي.
أما روسيا فتأمل أن تزداد العلاقات التجارية بين البلدين توطدًا على مدى العشرين سنة الماضية. لكن بعد غزو روسيا لأوكرانيا عقب مضيّ شهر واحد على تلك الزيارة، ظل ملف العلاقات بين البلدين مغلقًا لفترةٍ قصيرة ليستعيد من جديد وزنه وقيمته على المستوى الاقتصادي والسياسي.

وهذا ما أكدته الزيارة التي أداها فلاديمير بوتين إلى طهران في التاسع عشر من شهر يوليو-تموز من السنة الماضية.
وعلى طاولة المباحثات، ناقش الرئيسان الملف السوري، والعلاقات مع تركيا إضافة إلى العديد من القضايا الأخرى المتصلة بالعلاقات بين البلدين في مجالات مختلفة. كما تمت مناقشة مستقبل العلاقات مع الغرب بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وتبعاتها على المنطقة.

وتقول جريدة "لوموند" الفرنسية إن الرئيس بوتين أبلغ الرئيس إبراهيم رئيسي والمرشد العام علي خمائني أن الغرب "يُعدّ هجوما عسكريا على بلاده".

وفي نهاية تلك الزيارة، تمّ الامضاء من قبل الطرفين على اتفاق بين "غازبروم" الروسي، والشركة الوطنية للبترول الإيرانية، وتبلغ تكلفة هذا الاتفاق 40 مليار دولارا.

وتقول جريدة "لوموند" إن الارتقاء بالعلاقات الإيرانية الروسية إلى المستوى الاستراتيجي تم تأجيله إلى وقت غير معلوم.

وتأمل طهران الانضمام إلى"البريكس" الذي تضم روسيا والبرازيل والهند والصين وأفريقيا الجنوبية.
ويرى المراقبون أن العلاقات الروسية -الإيرانية بدأت تشهد نوعًا من التوازن لأن روسيا كانت قبل ذلك ترغب في فرض مواقفها وسياستها على طهران.

وتشير جريدة "لوموند" إلى أن تحسّن العلاقات بين ايران وروسيا، والذي تمّ بمباركة من علي خمائني، لم يسلم من انتقادات البعض من نواب البرلمان الذين حذروا من تبعية لموسكو تسيء إلى استقلالية قرارات بلادهم، رافعين شعار: "لا للغرب، ولا للشرق" في السياسة الخارجية.

وتضيف جريدة "لوموند" قائلة بإن قبول طهران بإحياء علاقاتها مع الرياض دليل على أن النظام الإيراني يسعى إلى فكّ عزلته، وتخفيف العقوبات المسلطة عليه، والتي بسببها أصبح يواجه معارضة قوية من مختلف فئات وطبقات المجتمع الإيراني.