لا يزال عدد من السودانيين محاصرين في المستشفيات من دون كهرباء أو مياه، بينما يتم إجلاء مرضى آخرين يحتاجون إلى رعاية طبية، وذلك مع استمرار القتال لليوم الثالث.

"اعتقدت أننا سنموت في الشارع"، يقول "فهيم" بعد إجلائه من المستشفى مع ابنته "أمل"، 14 عامًا، -وهذان اسمان مستعاران حفاظا على أمنهما-.

دخلت أمل المستشفى لتخضع لعملية جراحية حرجة لورم في رأسها بعد مضاعفات من عمليات جراحية سابقة. داخل المبنى اضطررنا إلى التنقل من غرفة إلى أخرى بحثاً عن مكان لا يُسمع فيه صوت الرصاص والقذائف.

ويقول فهيم: "وصلنا في النهاية إلى الطابق الأرضي. ولكن بعد ذلك طُلب منا المغادرة والبحث عن مكان أكثر أماناً".

تستمر الاشتباكات في السودان لليوم الثالث على التوالي بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، وقد قتل حتى الآن نحو 100 مدني.

يقول فهيم في مكالمة مع بي بي سي إنه حمل أمل بين ذراعيه فيما كانت المباني من حولهما تتعرض للقصف. ويضيف: "كانت تتألم وتقيأت مرات عدة في الطريق".

تمكن فهيم وأمل من الفرار بأمان من المنطقة، وقال الوالد لبي بي سي إن ابنته بخير وإنهما يأملان بالعودة لزيارة الطبيب في غضون أسبوعين إذا سمح الوضع بذلك.

السودان
Twitter @mojahedashw2k

بينما يتم إجلاء عدد كبير من الأشخاص، لا يزال آخرون محاصرين في المستشفيات منذ أيام عدة. قال موظفون في القطاع الطبي ومتطوعون لبي بي سي إنهم يعانون منذ بداية الاشتباكات ضغوطاً نفسية هائلة بسبب نقص الطعام والشراب، فضلا عن الخوف من القصف العشوائي المستمر في المناطق المحيطة.

يقول أحد الأطباء في حديثه مع بي بي سي: "لقد تلقينا بعض المساعدات العينية لكن ذلك لا يكفي. نحاول الآن إخلاء المستشفى بالتنسيق مع السلطات المعنية، لكن لا توجد خطة إخلاء مناسبة، مما يسبب مزيدًا من المخاوف، لأننا في منطقة شديدة الخطورة وعرضة للهجمات."

أكثر المستشفيات تضرراً هي تلك القريبة من مقر الجيش في العاصمة السودانية. وأسفرت القذائف عن أضرار جسيمة في مستشفيات مثل مستشفى الشعب حيث أصيب سائق سيارة إسعاف وثلاثة آخرون، بحسب شهود عيان.

كذلك تضرر مستشفى د. جعفر ابن عوف ومستشفى ابن سينا التخصصي ومستشفى بشاير ومودة، ومستشفيات أخرى في الخرطوم خرج بعضها تمامًا من الخدمة، في حين تم إفراغ مستشفى الشرطة بالكامل بعد أن استولت عليه قوات الدعم السريع.

تظهر مقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحققت بي بي سي من صحتها، أشخاصًا يغادرون مستشفى، بينما تسمع طلقات نارية في الخلفية. في شريط آخر يمكن رؤية عامل في المجال الصحي يحاول طمأنة الموجودين داخل المستشفى لكنه يكشف عن نفاد محتمل لإمدادات الأكسجين، كذلك يمكن سماع نساء يستنجدن ويطلبن المساعدة.

في فيديو آخر حصلت عليه بي بي سي من داخل أحد المستشفيات عدد من النساء يحضرن وجبات الإفطار في الطابق السفلي من المبنى، بينما يجلس آخرون في الظلام داخل إحدى الغرف.

هذا وأصدرت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانيين بياناً عاجلاً دعت فيه إلى حماية المنشآت الصحية في السودان بعد تضرر مستشفيات عدة خلال الاشتباكات بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.

ويضيف البيان: "ندعو المجتمع الدولي إلى إلزام أطراف النزاع بعدم الإضرار بالمنشآت الصحية، وفتح ممرات آمنة، والسماح بمرور سيارات الإسعاف".

ووصفت اللجنة التفجيرات بأنها انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني، مضيفة: "نكرر مناشدتنا للمنظمات الإنسانية لمد يد العون و التحرك العاجل من أجل المساعدة في اجلاء الجرحى و توفير المحاليل الوريدية وأكياس الدم و المعينات الطبية".