في الثاني من شهر أبريل-نيسان من العام الحالي، كان وزير الخارجية الهندي سوبر اهمانيام جايشانكار في لقاء مع مئات من الشباب في حديقة بمدينة بانغالور. وكان الطقس بديعا. وأثناء النقاش، استنكر الحاضرون موقف برلين من الحكم بعامين سجنا على المعارض الهندي راحول غاندي بتهمة الثلب، وذلك في الثالث والعشرين من شهر مارس-آذار الماضي، مُعتبرين ذلك تدخّلا سافرا في شؤون الدولة الهندية، ومطالبين بوجوب تطبيق واحترام مبادئ الاستقلال والعدالة.

وردا على فتاة تساءلت إن كانت الهند تبيح للغربيين فرصة انتقاد سياستها الداخلية، قال وزير الخارجية: "الغربيون اعتادوا منذ فترة طويلة أن يعطوا رأيهم حول ما يفعله الآخرون. وهم يعتقدون أنهم مخولون لفعل ذلك بإرادة إلاهية. وعليهم أن يدركوا إن هم دأبوا على المواصلة، أن الآخرين سوف يقومون بدورهم بتوجيه انتقادات لهم لن يستسيغوها".

وتقول جريدة "لوفيغارو" الفرنسية المحافظة إن الحكومة الهندية لم تعد تتحمل، خصوصا خلال السنوات الأخيرة، الانتقادات التي توجهها لها الدول الغربية بشأن كل ما يتعلق بخرق حقوق الانسان، والمبادئ الديمقراطية بصفة عامة.

ويقول ديبلوماسي غربي بإن الهند أصبحت ترد بغضب وعنف على كل انتقاد يوجه إليها بشأن سياستها الداخلية، معتبرة ذلك مساسا باستقلالها وهيبتها. ومؤخرا احتجت وزارة الخارجية الهندية لدى السفير السويسري في دلهي بشأن المعرض الذي أقيم في ساحة مقر الأمم المتحدة بجينيف، والذي تضمّن صورا للعنف ضد النساء، وضد أبناء الطبقات السفلى، والزواج بالقاصرات.

وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، طالبت الدول الأوروبية الهند باتخاذ موقف واضح وصريح إزاء ذلك، إلاّ أن وزير الخارجية الهندي رد على ذلك مستحضرا جملة لنهرو وردت في خطاب له يعود إلى عام1948، وفيها يقول: "يتوجّب على أوروبا أن تنضج، وأن تتوقف عن التفكير بأن مشاكل العالم لا تهم سواها".

وتقول كيرا هوجو الباحثة في المعهد الاقتصادي بلندن بإن الحكومة الهندية تعتبر أن العالم تغيّر بعد الحقبة الاستعمارية. لذا يتوجب على الغرب أن يبني سياسته الخارجية على معطيات الواقع الجديد، وليس على الواقع الاستعماري القديم الذي كانت فيه الدول المستعمرة مثل الهند غائبة عن القرارات الخاصة بالسياسة العالمية.

ويرى محلل آخر أن الهند ترغب في أن تكون متحكمة في البعض من القضايا. وهذا ما يتطلع إليه الشباب الذي ينتمي إلى الطبقات المتوسطة والفقيرة، والذي يرغب في أن تلعب بلاده دورا في السياسة العالمية يليق بمكانتها على المستوى الديمغرافي والاقتصادي والسياسي. لذلك يطالب هذا الشباب الصاعد حكومة بلاده بأن ترفع صوتها عاليا لتقول كلمتها بخصوص القضايا الساخنة التي يواجهها العالم راهنا.