استنادا إلى الحكومات ووسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية في أوروبا، يبدو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وكأنه البطل المثالي الذي لا تشوبه أية شائبة. وهو الوطني الغيور على بلاده، والرجل الصلب الذي تمرّد على موسكو، وعلى جيش بوتين ودباباته وصواريخه وطائراته. إلاّ أن مصادر أخرى من داخل بلاده بالخصوص، تؤكد أن هذا الممثل الهزلي القديم الذي صوّت له الأوكرانيون بالأغلبية الساحقة، له وجه آخر. وجه قائد لا يستمع إلى الآخرين، بل "يركب رأسه" ليفعل ما يريد وما يشاء بقطع النظر عن النتائج المترتبة عن ذلك، حتى ولو كانت كارثية على بلاده وعلى شعبه.
وهذا ما كشفته صحيفة "بوليتيكو" البلجيكية التي تقول بأن وزراء قدماء، ومعارضين من أعلى مستوى، طلبوا لقاء الرئيس زيلينسكي قبل بضعة أسابيع من الغزو الروسي ليعرضوا عليه آراءهم بخصوص المخاطر التي تهدد بلادهم، إلاّ أنه رفض ذلك، وتصرف كما لو أنه لم يتصل بذلك الطلب أبدا.
ورغم أن واشنطن أبلغته بأن الغزو الروسي وشيك الوقوع، إلاّ أنه ظلّ يعتقد حتى اللحظة الأخيرة بأنه-أي الغزو-بعيد الاحتمال. لذلك قد تكون على حق، النائبة البرلمانية ليسيا فاسيلانكو، والتي هي عضوة في الحزب الليبيرالي "هولوس" عندما صرّحت قائلة:" أوكرانيا رهينة رئيس لا يفكر إلاّ استراتيجيا. وهذا ما تأكد على أرض الواقع إذ أنه ظلّ يُردّد بعد الغزو بأنه لم يكن يتوقّع ما حدث. غير أن رفضه بأن يكون محاطًا بمستشارين يوضحون له معطيات الواقع، ويمدونه بمعلومات تعكس الوضع، ويرفضون البعض من قراراته الخاطئة. وكل هذا جعلنا ندفع الثمن غاليا جدا".
وتقول جريدة "بوليتيكو" ان الأوكرانيين غفروا للرئيس زيلينسكي الكثير من أخطائه الفادحة، إلاّ أنهم لم ينسوها أبدا. وتضيف هذه الجريدة قائلة بان الحرب لم تُعِد الرئيس الأوكراني إلى رشده وصوابه، بل زادته تعنتًا وانفرادًا في اتخاذ القرارات. وخطأ الدول الأوروبية والمنظمات الحقوقية ووسائل الاعلام هو أنها تغضّ الطرف عن هذه الأخطاء، رافعة من شأن زيلينسكي منجذبة بالخصوص إلى خطبه الحماسية التي تعكس في الحقيقة :"بطولة وهمية". وهي خطب ممثل مُتنطّع، لكنها ليست خطب رئيس واع بمأساة بلاده، وعارف بمقتضيات الواقع.
ويرى نائب آخر أن خطأ زيلينسكي الجسيم هو أنه اعتقد أن إدارة شؤون الدولة أمر في غاية السهولة، وأنه يكفي أن تطبق القرارات والأوامر لتكون الأوضاع في أفضل أحوالها.
وفي حين يعتقد كثيرون من الأوكرانيين أن رئيسهم خيّب آمالهم، يرفع غربيون أصواتهم عاليًا للإشادة به كـ"أب مؤسّس، وشاب رائع" على حد تعبير الفرنسي بيار- هنري ليفي المعروف بعدائه المطلق لنظام بوتين.
ويرى نائب آخر أن زيلينسكي من طائفة القادة الشعبويين الذين لا يعترفون أبدا بزلاتهم وبأخطائهم، بل هم يظلون ممعنين فيها إلى أن يأتي الخراب الكبير.
التعليقات