الدوحة: يجتمع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين مع مبعوثين دوليين في مكان لم يُكشف عنه في الدوحة، في محاولة أخرى لإيجاد سبل للتأثير على سلطات طالبان في أفغانستان.

وتعتبر الأمم المتحدة أن أفغانستان تشهد إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وقد تعمَّق المأزق عندما منعت سلطات طالبان الفتيات من الذهاب إلى المدرسة ومعظم النساء من العمل حتى في الوكالات الأممية.

ستغيب حكومة طالبان التي وصلت إلى السلطة في آب/أغسطس 2021، عن المحادثات التي سيشارك فيه ممثلون لنحو 25 دولة ومنظمة دولية، وفق ما أفاد دبلوماسيون.

وقبل يومين من انعقاد الاجتماع، تظاهرت أكثر من عشرين امرأة لفترة وجيزة في كابول احتجاجًا على اعتراف دولي محتمل بحكومة طالبان. إلّا أن الأمم المتحدة والدول الغربية تؤكد أن هذا الأمر ليس مطروحًا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إن "أي نوع من الاعتراف بطالبان ليس مطروحًا على الطاولة إطلاقًا".

وربط المجتمع الدولي الاعتراف بنظام طالبان والإفراج عن المساعدات الإنسانية والمالية التي تعتبر حيوية لدعم الأفغان العالقين في براثن الفقر، باحترام طالبان لحقوق الإنسان، وخصوصًا حقوق النساء في الدراسة والعمل.

ولم تعترف أي دولة حتى الآن بشرعية الحكومة منذ عودة طالبان إلى السلطة بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2021، علمًا أن حكومة طالبان السابقة التي حكمت البلاد بين عامَي 1996 و2001 لم تحصل على اعتراف رسمي إلا من ثلاث دول هي باكستان والإمارات والسعودية.

وعدا عن تأكيد عدم مشاركة قياديي طالبان، رفضت الأمم المتحدة الكشف عن مكان انعقاد الاجتماع في العاصمة القطرية ومن هي الجهات المشاركة فيه.

وأفاد دبلوماسيون أن الأمين العام للأمم المتحدة سيكشف عن آخر تطوّرات عملية مراجعة لأداء المنظمة الدولية في أفغانستان كانت قد أُطلقت في نيسان/أبريل، بعد إعلان سلطات طالبان حظر عمل النساء مع وكالات الأمم المتحدة.

ومنعت طالبان في الرابع من نيسان/ابريل عمل النساء الأفغانيات في مكاتب الأمم المتحدة في جميع أنحاء البلاد، وهو حظر كان محصورًا بالمنظمات غير الحكومية.

واعتبرت المنظمة أن قرار حركة طالبان يضعها أمام "خيار مروع" إزاء مواصلة عملياتها الضخمة في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة.

وسط انقسامات حول الحرب في أوكرانيا وتوترات دولية أخرى، تبنّى أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر بالإجماع الخميس قرارًا يدين قرار طالبان الأخير داعين الحركة إلى "التراجع السريع" عن السياسات والممارسات التي تقيد الحريات الأساسية للنساء والفتيات.

غير أنّ وزارة الخارجية الافغانية أكّدت أن الحظر هو "شأن اجتماعي داخلي لأفغانستان".

الأمم المتحدة "في فخّ"
رأى ريتشارد غوان، الخبير المتخصص في شؤون الأمم المتحدة لدى مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير حكومية مستقلة، أن الأمم المتحدة "في فخّ في ما يخصّ أفغانستان".

وقال "يتعيّن على غوتيريش فكّ عقدة شائكة للغاية. ينبغي عليه أن يجد طريقة لإبقاء تدفق المساعدات إلى أفغانستان، لكن حظر طالبان (عمل) النساء يمثل ضربة كبيرة لقدرة الأمم المتحدة على العمل في البلاد".

وأكد غوان أن الأسرة الدولية تريد أن تحافظ الأمم المتحدة على حضورها الأساسي في أفغانستان.

وأضاف "هناك الكثير من الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن حول أفغانستان. لكن الجميع، بمن فيهم روسيا والصين، يتفقون على أن وجود الأمم المتحدة في كابول أفضل من عدم وجودها".

ولم تعطِ الأمم المتحدة سوى مؤشرات قليلة عن المقترحات التي قد يتمّ تقديمها في الاجتماع.

وأشار الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الأسبوع الماضي إلى أنّ الهدف من الاجتماع هو "تنشيط المشاركة الدولية حول الأهداف المشتركة نحو مسار مستدام في ما يتعلق بالوضع في أفغانستان".

وأضاف "يشمل ذلك إيجاد أرضية مشتركة حول رؤية طويلة المدى للبلاد وتوجيه رسالة موحّدة إلى سلطات الأمر الواقع بشأن ضرورة ضمان مكانة النساء التي يستحققنها في المجتمع الأفغاني".

وقال دوجاريك إنّ مسألة الاعتراف بطالبان "لا يمكن اتّخاذ قرار بشأنها إلّا من قبل الدول الأعضاء" في الجمعية العامة.

محادثات مكثفة
وأجرت الأمم المتحدة ومنظمات أخرى محادثات مكثفة حول كيفية التعامل مع طالبان واحتمال تقديم حوافز لتشجيع الحركة على إحداث تغييرات في سياساتها.

وقام المبعوث الأميركي إلى أفغانستان توماس ويست في الأسابيع الأخيرة بزيارات لدول في غرب آسيا التقى خلالها العديد من الحكومات والمنظمات.

والعام الماضي، أعلنت واشنطن إنشاء صندوق في سويسرا لإدارة أصول بقيمة 3,5 مليارات دولار للبنك المركزي الأفغاني مجمدة في الولايات المتحدة منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان.

وقُدّمت اقتراحات بشأن درس الإدارة الأميركية احتمال تخفيف العقوبات عن أفغانستان.

وقال معهد الشرق الأوسط الذي يتخذ من واشنطن مقرًا، في تقرير الأسبوع الماضي، إن "بقدر ما نفضل أن نرى تغييرًا في النظام في أفغانستان، إلا أنّ هناك حاجة في المستقبل المنظور إلى أن تكون حكومة طالبان مستقرة إلى حدّ معقول وقادرة بما يكفي للمساعدة في تسهيل البرامج الإنسانية وتحييد تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان، وتجنب انهيار الدولة واندلاع حرب أهلية".