إيلاف من لندن: أكدت واشنطن الثلاثاء ان العراق يمثل أهمية استراتيجية لها وأنها حريصة على سيادته وأمنه واستقراره موضحة ان العراقيين يرفضون دولة تسيطر عليها المليشيات مشددة على انها لن تغادر المنطقة.
واشارت السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي الى انه "قبل نحو عام وبالضبط في تموز يوليو من العام الماضي زار الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية والتقى بزعماء المنطقة وأوضح بشكل جلي أن الولايات المتحدة لن ترحل عن المنطقة فهي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية وتربطنا علاقات قديمة وطويلة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم".

وقالت "عملنا مع شركائنا في المنطقة لوقت طويل من أجل مواجهة عدد من التحديات خصوصا لوضع حد لمختلف الأزمات في المنطقة وواضح إذن أن الولايات المتحدة ستظل موجودة بالمنطقة وستبقى مهتمة بتعميق شراكاتها مع دولها خصوصا مع العراق".

روانسكي مجتمعة في بغداد في 20 اكتوبر الماضي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رئاسة الحكومة)

نزع السلاح من الميليشيات
وحول الاوضاع في العراق ورغبة الشعب في الاستقرار شددت السفيرة الاميركية في مقابلة خاصة مع قناة "سكاي نيوز عربية" وتابعتها "ايلاف" قائلة "عندما أخرج وأتحدث إلى العراقيين يتبين لي بوضوح شديد أنهم لا يريدون دولة تسيطر عليها الميليشيات بل يريدون نزع السلاح من أيدي الميليشيات وإعادتها للدولة".
واضافت انه "لذلك مهما تكن طبيعة علاقة رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) مع هذه الجماعات المسلحة والفصائل فإن الهدف يجب أن يبقى منصبا على ضمان تمتع العراق بالاستقرار والأمن وهو هدف منوط تحقيقه برئيس الوزراء".
ونوهت الى ان "هذا الاستقرار ستستفيد منه حتما الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.. جميعنا لا يمكننا جلب الأعمال والانخراط على نطاق أوسع إذا لم يكن هناك استقرار وأمن في العراق".
وبينت انه "بفضل الاستقرار الذي أصبح العراق يتمتع به، بدأ العراقيون في الشتات يعودون من أجل الاستثمار وعرض فنونهم وأعمالهم وهناك بيئة إيجابية جدا تزخر بالفرص، والفضل يعود في هذا إلى الاستقرار السائد حاليا، وإلى الأمن الذي أصبح يعم العراق خاصة بغداد".

محاربة الفساد في العراق
وعن رايها بحملة محاربة الفساد التي تشنها السلطات العراقية قالت رومانوسكي "نسعى إلى مواصلة دعم رئيس الوزراء السوداني في التزامه باستئصال الفساد وغسيل الأموال في العراق فالخطوات التي اتخذناها ولا نزال مع البنك المركزي العراقي ومع باقي البنوك هنا تهدف لضمان تقوية النظام البنكي الدولي بالعراق".
واضافت ان ذلك يهدف أيضا " الى التحقق من أن البنوك تملك آليات الامتثال اللازمة لمنع حدوث غسيل الأموال وتهريب الدولار إلى خارج العراق ولضمان أن تشعر الشركات العراقية بالثقة وأن يثق الجمهور العراقي بأن لديهم نظاما بنكيا يحمي مدخراتهم ومواردهم المالية".
وقالت ان "المطلوب هو احترام البنوك للمعايير الدولية، واستبعاد كل الفاعلين الخبثاء الذين قد يستخدمون النظام البنكي الدولي لغسل الأموال و هذا ما انصب عليه التعاون بين وزارة الخزانة الاميركية والنظام المالي العراقي منذ وقت طويل".

المالكي مجتمعا مع رومانسكي في 11 مايو الحالي (مكتبه)

أزمة المياه
وعن أزمة المياه التي يشهدها العراق ردت السفيرة الأميركية لدى العراق قائلة "ذا الموضوع مبعث قلق حقيقي للعراقيين وللحكومة ونحن نعرب عن استعدادنا ورغبتنا في العمل مع الحكومة والشعب العراقي لتشارك أفضل ممارساتنا بهدف تحقيق كفاءة أكبر باستخدام المياه".
وحثت "حكومة العراق على بدء حوار بنّاء مع البلدان المجاورة التي تعتبر دول المصدر للمياه العراقية وذلك لمحاولة التوصل إلى تفاهم أفضل حول كيفية تقاسم موارد المياه" في اشارة الى تركيا وأيران.

تكنولوجيا أميركية لتخطي العراق أزمة المياه
ونوهت السفيرة الى ان الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تواصل عملها في العراق منذ عدة سنوات "ونحن فخورون جدا بالمشاريع التي نفذناها، مثل جلب مضخات المياه وصيانتها في مناطق مثل البصرة ونينوى والأنبار وبتوصيل المياه لمئات الآلاف من السكان بالمناطق التي تمكنت وكالتنا من إطلاق مشاريع فيها".
وقالت "هذا مجال نتمنى مواصلة العمل فيه ولدينا القدرة على تبادل خبراء المياه، فالولايات المتحدة تضررت أكثر من مرة بموجات جفاف، وقد أرسلنا مجموعة من خبراء المياه العراقيين إلى بعض مناطق أميركا، حيث نبحث عن طرق مبتكرة وعن استخدام تكنولوجيات جديدة لتحسين إدارة المياه وتوصيلها".

العراق وتركيا
وتحدثت المسؤولة الأميركية إلى الهجمات التي تشنها تركيا على مواقع لحزب العمال الكردستاني (التركي الانفصالي التي يقع بعضها في العراق) قائلة "نتشارك مع تركيا قلقها بشأن الهجمات التي يشنها عليها حزب العمال الكردستاني، ونشجع تركيا والعراق على العمل معا والتعاون في مكافحة الإرهاب، لاستعادة الاستقرار للأماكن المستهدفة بالهجمات الإرهابية".

محاربة داعش
وعن تنظيم داعش في العراق والجهود المبذولة في إطار محاربته أوضحت السفيرة الأميركية قائلة لقد "سعدنا بتأكيد رئيس الوزراء أنه يحب العمل مع الولايات المتحدة وأنه يرى أن العمل الذي نبذله لضمان هزم داعش لا يزال مهما جدا ولهذا فأن جهودنا ستستمر حتى نتيقن من أن جميع عناصر داعش قد هُزموا بمن فيهم الفلول".

وشددت بالقوال "واثقون أنه تربطنا بالعراق علاقات متنامية ومهمة في القضايا الأمنية وسنواصل العمل معا في هذا الاتجاه فما زلنا نعتقد إلى جانب حكومة العراق أنه ما زالت هناك جيوب من مقاتلي داعش وهذا يمثل تحديا مستمرا لأمن واستقرار المنطقة. سنواصل عملنا كشركاء لمواجهة هذا التهديد الداخلي في العراق".

وأكدت ان الولايات المتحدة ستستمر في العمل على ضمان ألا يظل داعش تهديدا للمنطقة وللعالم على حد سواء، لهذا لا أعتقد أننا في موقع يسمح لنا بالقول إن داعش قد انتهى أمره".


قائد مليشيا عصائب أهل الحق الموالية لايران مجتمعا الشهر الماضي مع رومانسكي (مكتبه)

حرص أميركي على سيادة العراق
وتحدثت رومانوسكي عن العلاقات التي تجمع بلادها بالعراق قائلة
"الولايات المتحدة ملتزمة جدا باستقرار العراق وسيادته.فالعراق في موقع محاط بالكثير من الجيران وكدولة لها العديد من البلدان المجاورة بما فيها إيران فإنها ترتبط بعلاقات مع جيرانها في المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها".
وبينت ان "أميركا تركز أساسا على ضمان أن تكون للعراق سيادته وأن يتخذ قراراته بشكل مستقل، بما يخدم مصلحة ليس الحكومة فقط، وإنما الشعب العراقي أيضا".
ورأت انه "ما حققناه هنا بعد وجودنا في العراق منذ 20 عاما هو عبارة عن مسار مستمر ونركز كثيرا في الوقت الراهن على المستقبل سواءً في تعاملنا مع رئيس الوزراء أو الحكومة وعلى ما يمكننا مواصلة بنائه مع الشعب العراقي وبشراكة معه".
وأكدت بالقول "من المهم جدا بالنسبة لنا اعتبار العراق بلدا له أهمية استراتيجية كبيرة، ومنخرطا في دعم استقرار المنطقة وأمنها وتنميتها الاقتصادية ومن هذا المنظور أعتقد أننا في الطريق الصحيح لتوسيع نطاق علاقاتنا وفق الاتفاق الإطاري الاستراتيجي الذي تفاوضنا بشأنه واتفقنا عليه عام 2008".

نشاط أغضب موالي أيران
وكانت رومانيسكي قد تسلمت مهام عملها في العراق في حزيران يونيو 2022 مؤكدة ان من أولويات عملها تعزيز الاستقلال والمواطنة في العراق معربة عن قلقها إزاء إمكانية عودة ظهور تنظيم داعش مرة أخرى في هذه البلاد.
وشغلت رومانوسكي قبل ذلك منصب السفيرة الاميركية في الكويت وامضت 40 سنة في وزارة الخارجية الاميركية ووزارة الدفاع والوكالة الاميركية للتنمية الدولية.
ومنذ توليها لمهمتها في العراق قبل حوالي العام فقد لاحظ مراقبون نشاطها الكبير في هذا البلد وعلاقاتها الواسعة من المسؤولين العراقيين والقيادات السياسية بشكل اغضب الفصائل والاحزاب العراقية الموالية لايران الذين بدأوا يشنون حملات عدائية ضد نشاطها هذا ويطالبون بتحديد حركتها ويصفونها بالمندوبة السامية لاميركا في العراق.