إيلاف من لندن: شنّ رئيس حكومة إقليم كردستان هجومًا شديد اللهجة ضد سياسيين في بغداد يقفون ضد الإقليم، معتبرًا أنهم يحاولون بذلك اخفاء سوء ادارتهم وفسادهم واهدارهم للثروات العامة.
وأشار مسرور بارزاني في كلمة خلال افتتاح مؤتمر "كردستان مهد التعايش السلمي" المنعقد اليوم في اربيل عاصمة الاقليم الى انه على امتداد تاريخ البشرية وإلى يومنا هذا أدت الخطابات والشعارات العدائية والتحريض على العنف إلى كوارث جسيمة، وحتى في عصر التقدم والتكنولوجيا الحالي لا تزال هذه الخطابات مثيرة للقلق في العديد من البلدان والمناطق في العالم.

ويأتي هذه الهجوم بعد ايام من مناقشة البرلمان العراقي لمشروع موازنة البلاد العامة للسنوات الثلاث المقبلة حيث وقف نواب ينتمون الى كتل شيعية ضد فقرات فيها تضمن حقوقًا لإقليم كردستان، وحاولوا إلغاءها او تغييرها في مواجهة رغبة قادة الإقليم بالابقاء عليها، وهددوا بفرط عقد تحالف إدارة الدولة الذي يضمّ قوى شيعية وسنية وكردية، والذي شكّل حكومة محمد شياع السوداني في تشرين الاول اكتوبر الماضي. لكن تدخلات سياسية وضغوط أميركية أثمرت في الابقاء على تلك الفقرات بما أرضى الاكراد وتم التصويت عليها في 13 من الشهر الحالي.

تنوع في القوميات والاديان
واكد بارزاني في كلمته التي وزّعها مكتبه الاعلامي وتابعتها "ايلاف" ان كردستان ظلت على مر الزمان مركزاً للتعايش السلمي وقد احتضنت منذ آلاف السنين، تنوعاً من مختلف القوميات والديانات والمعتقدات "وأصبح التعايش وقبول الآخر جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا ونمط حياتنا. اذ يتعايش في معظم أرجاء الاقليم الكرد والتركمان والكلدان والآشوريون والسريان والأرمن والعرب. ويعيش المسلمون والمسيحيون والإيزيديون واليهود جنباً إلى جنب، وفي أوقات الشدّة يمدّون يدّ العون إلى بعضهم بعضاً".
وقال "شخصياً انتمي إلى منطقة تحتضن المسجد والكنيسة والكنيس وكلها تقع في نفس القرية، وسأظل افتخر واعتز دائمًا بهذه الثقافة، وسأبذل قصارى جهدي للحفاظ على هذه الثقافة الرائعة وترسيخها".

هجمات لتقويض التعايش في الإقليم
واشار المسؤول الكردي الى انه "على الرغم من أن إقليم كردستان يُعد مركزًا وملاذًا لجميع القوميات والأديان والمذاهب التي شعرت تحت ظلاله بالسلام والطمأنينة ومع ذلك تعرضت هذه الواحة المسالمة لهجمات من جانب من يتبنون الأفكار المعادية محاولين تقويض ثقافة التعايش في الإقليم بل ومحاولة محو وإبادة القوميات والأديان داخل كردستان".
وشدد بالقول "اليوم، لم يبقَ الكثير من الذين هاجمونا، بيد أننا بقينا. وهذا لم يحدث إلا بفضل الحفاظ على هذه الثقافة وفكر التعايش".

محاولات لنشر الفكر الشوفيني
وتعهد رئيس حكومة الاقليم قائلا "سنحافظ دومًا على هذه الثقافة الجميلة، وسيكون خطابنا مبنيًا على المحبة والتعايش السلمي، واحترام المساواة والعدالة، ولن نسمح باستيراد أي فكر يدعو للكراهية أو العنف داخل الإقليم. وللأسف يبدو أن البعض لم يستخلصوا العبر من دروس التاريخ، إذ نشهد محاولات جديدة لنشر الفكر الشوفيني وإلغاء الآخر وفرض الإرادات.
واضاف "لقد قدمنا تنازلات جمة من أجل تأسيس عراق اتحادي وديمقراطي، وبذلنا أقصى جهودنا لإنشاء عراق جديد يشعر فيه كل مكون بوجوده وبضمان حقوقه وخصوصيته ومع ذلك، نلاحظ أن هذه العملية تنحرف تدريجيًا عن المسار المطلوب وأن العراق يتجه باتجاه تجارب الماضي المرير".

سياسيون فاسدون
وحذّر مسرور بارزاني من وجود "محاولات لانتهاك حقوقنا الدستورية إلى جانب نشر خطاب الكراهية والعداء ضد إقليم كردستان بطريقة مضللة والادعاء بأن ازدهار إلاقليم وتطويره يأتي على حساب أجزاء أخرى من العراق، إذ يريد هؤلاء بهذا الأسلوب إخفاء سوء إدارتهم وفسادهم وإهدارهم للثروة العامة".
ونوه الى انه "في السنوات التي دار فيها اقتتال طائفي في أجزاء واسعة من العراق أصبح إقليم كردستان ملاذًا للجميع فكل الطوائف التي كانت تتقاتل مع بعضها البعض في أجزاء أخرى من العراق أصبحت جيرانًا لبعضها بعضًا في إقليم كردستان".
واضاف انه "إبان الحرب ضد إرهابيي داعش لاذ مئات الآلاف من المواطنين من باقي أجزاء العراق بالإقليم، ولا يزال معظمهم لا يريدون مغادرة المخيمات أو العودة إلى ديارهم لأنهم ما زالوا يشعرون بالخوف وعدم الاطمئنان".

ضمانة الاستقرار في العراق
وشدد رئيس حكومة الاقليم على ان "الالتزام بالدستور العراقي يمثّل الضمانة الوحيدة للاستقرار وحماية حقوق جميع المكونات العراقية".
واوضح قائلا "إن مشكلتنا لا تقتصر على قضية الرواتب والمسائل المالية، فهم الآن تجاهلوا وانتهكوا معظم حقوقنا الدستورية وأحد الأمثلة الواضحة على ذلك هو التهديد المستمر الذي يتعرّض له الفلاحون الكرد والتركمان في كركوك وضواحيها، حيث يتم الاستيلاء على أراضيهم الزراعية ويريدون ربط جميع حقوقنا بالمسألة المالية والرواتب، ومن ثم استغلال هذا الموضوع ضدنا".
وطالب سلطات بغداد باحترام الدستور وأخذ العبر من التاريخ.. وقال: "ما يمكن أن نحققه بالسلام والاستقرار لن يتحقق بالحرب والظلم وفرض الإرادات".