إيلاف من لندن: في مواجهة تحذيرات اطلقها رئيس الوزراء العراقي من تهديد الفساد لجميع برامج حكومته وخططها فقد دعا رئيس أكبر هيئة لمكافحة الفساد الى تشكيل جيش للقضاء عليه.
فقد طالب رئيس هيئة النزاهة الاتحاديَّة العراقية القاضي حيدر حنون إلى تشكيل منظومة "جيش مكافحة الفساد" من الفعاليات الرسميَّة والمجتمعيَّة والاتحادات والنقابات تكون مهمتها تعضيد ومساندة جهود الأجهزة الرقابيَّة في حربها الضروس على الفساد.
جاء ذلك خلال اجتماع القاضي حنون رفقة الملاك المتقدم في الهيئة مع قيادة نقابة المحامين العراقيين مؤكداً على حاجة الهيئة إلى دعم الجميع ومنهم نقابة المحامين في مكافحة الفساد الذي قال أنه "تراكم وتحول من جريمة عاديَّة إلى ظاهرة معقدة ومتشابكة ويحتمي بالدين والقوميَّة والعشائريَّة، حتى أصبح للفاسدين طائفة" بحسب مانقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "إيلاف".
وأشار الى أن نقابة المحامين لها دور كبير في كل القطاعات وتأمل الهيئة منها المساندة في مكافحة الفساد بأجهزة إنفاذ القانون وفي القطاع الخاص الذي وصفه بالقطاع المهم في مكافحة الفقر والنهوض بالتنمية الاقتصادية والمستدامة.
وأضاف أن حماية هذا القطاع جزء من مسؤوليَّة النقابة بتوجيه القطاع الخاص لطريق الصواب بانتهاج طريق القانون، موضحاً أن حق الدفاع مقدس ووجود المحامي ملزم للدفاع عن المتهم، وهذا الحق كفله الدستور بيد أن ذلك يستدعي الوقوف مع المظلوم وليس مع الظالم.
وعن تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد فقد نوه الى أنها ليست كياناً موازياً وانما هي تشكيل داخل الهيئة التي هي إحدى المؤسسات المستقلة التي نص عليها الدستور في المادة (102) منه.
وأوضح أن هذه الهيئة العليا تملك بموافقة رئيس مجلس القضاء الأعلى اختيار قضايا الفساد المهمة من المحافظات ونقلها إلى بغداد للنظر فيها .. لافتاً إلى أن الفريق الساند الذي ألفه رئيس السلطة التنفيذيَّة هو فريق ساند لعمل الهيئة العليا لمكافحة الفساد مهمته تنفيذيَّة للاوامر القضائيَّة كأوامر القبض والضبط، ولا علاقة له بالتحقيق.
واعتبر المسؤول العراقي ان "عمل البلديَّات تنظيف الشوارع بينما عمل النزاهة هو تطهير مؤسسات الدولة كافة من أدران الفساد وبراثن الفاسدين".
من جانبها قالت نقيب المحامين أحلام اللامي أن فئة المحامين من أكثر الفئات التي تشخص الفساد.. مؤكدة أن النزاهة من أهم المؤسسات في الدولة العراقيَّة وأن عملها يعترضه الكثير من المعوقات والصعاب وتحتاج إلى جيش من المساندين.. مشددة على استعداد نقابتها لمساندة جميع من وصفتهم بـ "الخيرين والرجال النزهاء والانضمام إلى مقدمة جيش محاربة الفساد" المنتظر.
يشار الى أن هيئة النزاهة الاتحادية العراقية العامة هي هيئة مستقلة وتخضع لرقابة مجلس النواب لها شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري ويمثلها رئيسها أو من يخوله وتعمل على المساهمة في منع الفساد ومكافحته عن طريق التحقيق في قضاياه طبقا لاحكام قانونها واعداد مشروعات قوانين كما تساهم في منع الفساد أو مكافحته الزام المسؤولين بالكشف عن ذممهم المالية، وما لهم من انشطة خارجية واستثمارات وموجودات وهبات أو منافع كبيرة .
كما تتولى الهيئة اصدار قواعد ومعايير السلوك الأخلاقي لضمان الأداء الصحيح والمشرف والسليم لواجبات الوظيفة العامة وإعداد السياسة العامة لمكافحة الفساد والقيام بأي عمل يساهم في مواجهته أو الوقاية منه.
السوداني: الفساد يهدد برامج حكومتي وخططها
وعلى الصعيد فقد حذر رئيس الوزراء العراقي من خطر تهديد الفساد لجميع برامج حكومته وخططها الإصلاحية مؤكداً إعداد قسم الأنتربول لملفات جاهزة لملاحقة المطلوبين الهاربين.
جاء ذلك خلال ترؤس رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اجتماعاً خُصص لمتابعة عملية استرداد المتهمين والمدانين والمطلوبين بقضايا الفساد، واستعادة الأموال التي استولوا عليها شارك فيه كبار المسؤولين الماليين والمسؤولين عن مكافحة الفساد حيث تم بحث ما تمّ إنجازه من القضايا، والإجراءات المتحققة، والملفات التي يجري العمل عليها حالياً، وأبرز المعوّقات التي تواجه الأجهزة المعنية بالاسترداد.
وشدّد السوداني على أهمية حضور هذا الملف بشكل عملي في أولويات واهتمامات الأجهزة المعنية بالملاحقة والاسترداد "لأنه دليل للمواطنين على جدية الحكومة في المتابعة ومحاربتها للفساد".. مذكّراً بالاتفاقات الدولية التي تربط العراق بعدد من دول العالم والتزاماتها في التعاون لتنفيذ القانون واستعادة الحقوق كما نقل عنه مكتبه الإعلامي السبت تابعته "ايلاف".
كما شدّد على ضرورة قيام الأجهزة المختلفة ببذل جهودها في هذا المجال كلٌّ من اختصاصه وأن يستثمر العراق علاقاته الخارجية الدبلوماسية والاقتصادية لخدمة استرداد الأموال العراقية المنهوبة والمطلوبين.. محذراً من أنّ الفساد يهدد جميع برامج الحكومة، وسيعرقل خططها ما لم يُستدام التحرّك ضد الفاسدين ووسائلهم.
ووجّه السوداني بإدخال جميع ملفات الاسترداد للمطلوبين الهاربين حيز التنفيذ والمطالبة وأن تجري عملية متابعة دقيقة لكل ملف مؤكداً أنّ التعقّب الجاد للمتهمين دفع الكثيرين منهم إلى تسليم أنفسهم للعدالة كما اعد قسم الأنتربول ملفات جاهزة لملاحقة المطلوبين.
يشار الى ان الرئاسة العراقية كانت قد اعلنت في الرابع من أيار مايو عام 2021 مشروع قانون "استرداد عائدات الفساد" كشف الرئيس العراقي برهم صالح حينها عن تقديمه الى البرلمان ويشمل جميع المسؤولين وكذلك اصحاب القرار منذ عام 2004 وتقديمهم موافقة برفع السرية عن أرصدتهم والدول التي توجد فيها حساباتهم المصرفية مع أفراد عائلاتهم والمقربين منهم كما ينص على التعاقد مع شركات تحقيق عالمية رصينة من أجل التحري عن أموال العراق المهربة للخارج وعوائدها.
لكن البرلمان العراقي لم يناقش او يصادق على المشروع الذي بقي على رفوفه لاسباب تتعلق بعدم القدرة او عدم الرغبة في تنفيذه على الرغم من تأكيدات الرئاسة بأن مجموع الأموال التي تم تهريبها الى خارج البلاد منذ عام 2004 عبر صفقات فاسدة قد بلغ 150 مليار دولار منوها الى عدم أمكانية التعامل مع الفساد محلياً لافتاً الى أن مشروع القانون يسعى لاسترداد أموال الفساد عبر اتفاقات مع الدول والتعاون مع الجهات الدولية .
وكان رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قد أعلن في 30 آب/ أغسطس 2020 عن تشكيل لجنة عليا تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية بعد ان اجتاحت موجة من الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى في وسط وجنوب البلاد أواخر عام 2019 للمطالبة بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات وفرص العمل أوقعت المئات من القتلى من المتظاهرين وآلاف الجرحى بينهم عناصر من قوات الأمن.
التعليقات