بعد الكارثة التي تسبب فيها انهيار السدود في مدينة درنة، أصبحت السدود في ليبيا والتي يتركز غالبيتها في المنطقة الشرقية نظرا لطبيعتها الجبلية وانتشار مجاري الوديان فيها، أصبحت مصدر قلق وخوف للمواطنين.

من بين هذه السدود، سد جازا الذي يقع جنوبي بلدة برسيس التابعة لبلدية توكرة شرقي مدينة بنغازي الليبية، والذي أثار مخاوف كبيرة من انهيارة بعد ارتفاع نسبة المياه فيه عن معدلاتها السنوية.

يبلغ ارتفاع السد أكثر من 60 مترا ليحجز مياه الوادي الذي يمتد لأكثر من 100 كيلومتر، في حين تقع قرى كالمبني والمليطانية وبرسيس وبوجرار أسفل السد.

يقول محمود سعد عميد بلدية توكرة لبي بي سي إن الأمطار التي حملتها العاصفة دانيال سجلت كميات غير مسبوقة، ما أدى لامتلاء السد بكميات غير مسبوقة من المياه، مشيرا إلى أن كميات من المياه فاضت عن السد وشكلت سيولا طفيفة أثرت على الطرق وبعض المزارع المحيطة وامتدت تأثيراتها قرابة خمسة عشر كيلومترا.

وأوضح سعد أن البلدية وجهت نداءات عاجلة للجهات المعنية بعد يوم من عاصفة دانيال لسرعة التدخل وتفريغ حمولة السد خوفاً من أن يتسبب في سيناريوهات كالتي حدثت في درنة بسبب تعطل المضحات الهيدروليكية والتي كانت متهالكة بالأساس بسبب عدم صيانتها.

وأضاف سعد لي بي سي أن السد الخرساني تم إنشاءه في بداية الثمانينيات ولم يشهد أي أعمال صيانة منذ عام 2011، وهو مصب لمجموعة من الأودية التي تحيط بالمنطقة، وعلى الرغم من ذلك لم يمتلئ السد بالمياه قبل هذه المرة بسبب سعته التخزينية الكبيرة.

وأشار سعد إلى أن هناك مخاوف من أن يسبب السد كارثة في المنطقة باعتبار أن الشتاء لم يدخل بعد، ووجود احتمالية بهطول كميات كبيرة من الأمطار بالمنطقة ما قد يهدد المناطق التي تحيط بالسد، بالإضافة إلى رصد بعض التسريبات في السد، وهو ما دعا لإطلاق نداءات عاجلة بضرورة تفريغ حمولة السد وتقييم الوضع فيه تفاديا لأي كوارث.

تلك النداءات لاقت استجابة فورية من لجنة إعادة الإعمار والاستقرار التي شكلها مجلس النواب الليبي لإعادة إعمار مدينة بنغازي، حيث كلفت اللجنة فريقاً من هيئة المياه في طرابلس وبنغازي بمشاركة فرق متخصصة من المغرب وفرنسا لإجراء الحسابات الهندسية وتنفيذ عملية فتح صمامات التنفيس بالسد.

قال رئيس لجنة إعادة الإعمار والاستقرار حاتم العريبي لبي بي سي إن عمليات تفريغ السد تسير بشكل منتظم، مؤكدا عدم وجود أي أخطار يمكن أن يشكلها السد على المنطقة المحيطة.

وأضاف العربيبي أن الفرق الفنية ستقوم بتقييم الوضع وإعداد تقارير حول حالة السد ليتم اتخاذ الإجراءات المناسبة فور صدور النتائج.

يوجد في ليبيا ستة عشر سداً مائياً موزعة على مدن مختلفة في شرق البلاد وغربها، تعرض معضمها للتخريب والإهمال وسرقة المضخات منذ عام 2011، فيما أشارت ورقات بحثية نشرها مختصون خلال السنوات الماضية إلى تعطل غالبية شبكات المياه المرتبطة بالسدود منذ قرابة 15 عاما في ظل غياب أعمال الصيانة الدورية.

وأشار تقرير لديوان المحاسبة الليبي عام 2021 لصرف ميزانيات منذ عام 2007 لصيانة السدود منها ميزانية مخصصة لسد درنة، إلا أن تلك الميزانيات صرفت دون أن يتم إنجاز الغرض منها بحسب ما ورد في تقرير ديوان المحاسة الذي نشره مطلع عام 2022.

وبعد مقتل وفقدان الآلاف جراء إنهيار السدود في مدينة درنة الإثنين الماضي، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تشكيل لجنة للتحقيق وتقصي أسباب عدم صيانة السدود وسرقة المضخات والمعدات منها طيلة السنوات الماضية.