إيلاف من مراكش:لم يخلف الزلزال الذي شهدته عدة مناطق بالمملكة قبل أسبوع، خسائر في الأرواح وأضرارا مادية جسيمة فحسب، ولكنه ترك أيضا ندوبا في قلوب ونفوس سكان المناطق المتضررة.ولكون مواكبة السكان تشكل مرحلة حاسمة في مسار الصمود وإعادة البناء ،فقد تم إنشاء العديد من خلايا الدعم النفسي بالمناطق المتضررة من الزلزال من أجل مساعدة الأشخاص الذين لا يزالون تحت وقع الصدمة على تجاوز هذه المحنة والخروج منها أكثر قوة.وتعد وحدة الدعم النفسي المحدثة بالمستشفى الميداني الذي أقامته القوات المسلحة الملكية ببلدة أسني (إقليم الحوز)،تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس،القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، واحدة من خلايا الدعم والمساعدة النفسية التي تم إنشاؤها على وجه السرعة في أعقاب الزلزال.وتستقبل هذه الوحدة،التي تضم مهنيين في مجال الصحة النفسية ومساعدين اجتماعيين،ما يقارب 60 حالة يوميا،أغلبها لنساء ومسنين.

ويعيش أغلب الأشخاص الذين يحتاجون للمواكبة النفسية التي توفرها هذه الخلية، وضعا صعبا، ولاسيما أولئك الذين فقدوا أفرادا من أسرهم بفعل الزلزال.وتقدم هذه الخلية المرافقة النفسية للمتضررين الذين يعانون من أعراض التوتر ما بعد الصدمة، وخاصة تذكر مشاهد الزلزال باستمرار والكوابيس المتكررة واضطراب النوم والأرق وصعوبة التركيز وفقدان الشهية أو الشره العصبي.

وتسهر الخلية في هذه المرحلة على معالجة هذه الأعراض الناجمة عن اضطرابات نفسية تختلف حدتها حسب الهشاشة النفسية للأشخاص وتاريخهم الجيني والطبي.وتهدف هذه الوحدة، التي تشكل فضاء للإصغاء لمخاوف وهواجس وآمال المتضررين، فضلا عن تقاسم أحاسيسهم وسرد محنتهم، إلى تحديد الحالات التي تعاني من توتر ما بعد الصدمة من أجل مساعدتها على تجاوز م صابها واستعادة الثقة في نفسها.وبحسب الطاقم الطبي العامل بهذه الوحدة، فإن مواكبة هؤلاء الأشخاص تعد تدخلا ضروريا،نظرا لاحتمال إصابتهم باضطرابات ما بعد الصدمة أو اكتئاب مزمن في حال لم يتلقوا الدعم اللازم.يقدم المستشفى الميداني التابع للقوات المسلحة الملكية في أسني، والذي تمت إقامته وتشغيله في أقل من ثلاثة أيام، أيضا دعما حيويا لسكانً الدواوير (الكفور) المتضررة بإقليم الحوز في مختلف التخصصات الطبية، منها جراحة العظام والوجه والفكين، والأنف والأذن والحنجرة، والمخ والأعصاب، والعيون.وعلى مدار 24 ساعة، تقدم بهذا المستشفى الرعاية الطبية وتجرى به عمليات جراحية تحت إشراف 24 طبيبا إلى جانب ممرضين ومساعدين اجتماعيين.كما توفر هذه الوحدة الاستشفائية ، التي تضم مصلحة للمستعجلات وغرفة للعمليات وصيدلية ومختبرا للتحليلات وقسما للأشعة،علاجات لاسيما في الطب العام،وأمراض النساء والتوليد،والعظام والمفاصل،بالإضافة إلى طب الأطفال والعيون.ويعكس هذاالمستشفى العسكري الميداني الطبي الجراحي الحجم الكبير للتعبئة اللوجيستية التي تم وضعها رهن إشارة السكان المتضررين من الزلزال.

وكانت القوات المسلحة الملكية قد نشرت بشكل مستعجل، ليلة التاسع من سبتمبر الجاري،على إثر هذا الزلزال،وسائل بشرية ولوجيستية مهمة،جوية وبرية،إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ،ومستشفى طبيا جراحيا ميدانيا.