إيلاف من بيروت: بكت الاعلامية اللبنانية جيزيل خوري بيروت "التي لا تشبه أي مدينة أخرى في المنطقة". اليوم، يبكي الجسم الإعلامي اللبناني والعربي إعلامية قديرة، وصاحبة مسيرة طويلة جعلتها من أبرز الصحافيات العربيات، غادرت هذه الدنيا فجر اليوم الأحد عن 62 عاماً في منزلها في بيروت محاطة بولديها، بعد صراع طويل مع المرض.

"بيروت واحدة ولا بيروت أخرى". هذا ما قالته خوري في آخر لقاء مصور مع الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم، ضمن برنامجه "حديث مع ريكاردو".

لم تخف خوري شدة تأثرها بسبب مغادرة بيروت، وقد عبرت عن هذه الحرقة بالقول إنه ليس جميلاً الرحيل عن بيروت: "مش حلو نتركها".

تصف بيروت بالمدينة التي تفتح أبوابها للجميع، ولا تحب من الناس إلا من يشبهونها: "أنا اعشق بيروت. بالنسبة لي هي لبنان لانها تمثل فكرة لبنان الأساسية التي برأي بدأت تغيب. ولهذا بيروت تغيب". وتقول متأثرة: "القرى والمناطق جاءت الى لبنان الجديد الذي هو بيروت، الذي يحمي كل الناس، والذي الناس تلتجئ اليه. بيروت واحدة ولا بيروت اخرى". وحين سألها كرم ما إذا كانت دمعتها "صارت سخية أكثر" مع مرور الوقت، قالت الإعلامية اللبنانية "نعم، خاصة بعدما تركت بيروت. مش حلو نتركها. مش حلو". بيروت تختلف عن كل المنطقة. لا تشبه أي مدينة أخرى، "بيروت الحريات الاجتماعية والسياسية والنقاش".

تحدثت جيزيل في اللقاء عن مقربين خسرتهم: والدها وشقيقها وزوجها، لكن كان الى جانبها دائمًا الحضن القوي الذي تحتمي به، هو حضن والدتها.

هل رحل قسم كبير من جيزيل حين رحلت والدتها؟ تقول: "اعتقد اننا لا نتحمل ان نفقد امهاتنا من هذه الدنيا"، لافتة إلى أنها ورثت عن والدتها سمة مميزة وهي "قوة العزيمة للاستمرار".

تعتذر جيزيل في هذا اللقاء من كل شخص تسببت له بأذى من دون أن تعلم، وتخشى أن يكون الغد قاسياً على من تحب. قالت: "أرى العالم بشعاً، ويزداد بشاعة. أخاف على جيل جديد يولد. في أي عالم سيعيشون؟ بشع!".

تحب جيزيل أن يرى الناس فيها الشغف الذي قاد كل خطواتها المهنية والشخصية دائمًا. قالت: "فعلت كل ما فعلته بحب. لم أقم بأي شيء من دون حب".

هذا الحب رافق جيزيل قزي منذ ولادتها في العقيبة بقضاء كسروان في لبنان. درست التاريخ في جامعة روح القدس – الكسليك، والاعلام في الجامعة اللبنانية. تزوجت في سن العشرين من الطبيب إيلي خوري، واحتفظت بكنيته حتى موتها.

ثم تزوجت من الصحفي والكاتب والمؤرخ سمير قصير، الذي اغتيل في بيروت في 2 يونيو 2005.

منذ وفاة قصير، نشطت جيزيل خوري في الترويج لأفكاره وبمساعدة الأصدقاء والعائلة، وأسست "مؤسسة سمير قصير" ومركز "سكايز" للحرية الإعلامية والثقافية.

حملت جيزيل لواء الكلمة الحرة والرأي الجريء منذ بداياتها في عام 1985 على شاشة "إل بي سي" مقدمةً لبرامج حوارية ثقافية. ثم انضمت إلى "إم بي سي" في عام 2002 لتساهم في إطلاق "العربية"، ولتستضيف عبر شاشتها برنامجًا حواريًا سياسيًا أسبوعيًا استمر من 2003 إلى 2013، اتضافت فيه نحبة صناع القرار السياسي من رؤساء دول ورؤساء وزراء، ووزراء خارجية عرب.

في عام 2009، شاركت في تأسيس شركة "الراوي" للإنتاج، وكان باكورة مشاريعها أربع حلقات تجمل سيرة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

في عام 2013، بدأت جيزيل خوري تقدم برنامج "المشهد" على شاشة "بي بي سي عربي"، لتحطت رحالها أخيراً في "سكاي نيوز عربية" منذ عام 2020، مقدّمة "مع جيزال".

فهل انتهى مشوار عمرها الحافل بالشغف؟