إيلاف من لندن: رأى معهد سياسي أميركي مستقل الجمعة أن إيران، وبدلا من دخولها المباشر في حرب غزة ضد إسرائيل، فإنها تقوم بحشد وكلاءها وحلفائها في المنطقة وتجميعهم حيث أوصلت لهم توجيهاتٍ منسّقة عبر فيلق القدس تسند لهم فيها أدواراً مختلفة.
وأشار معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في تقرير له اليوم تابعته "ايلاف" عن الصراع في غزة بين اسرائيل وحركة حماس المتعاونة مع طهران الى أن وكلاء إيران نفذوا هجومين بطائرات بدون طيار على قواعد أميركية في العراق حيث تشير وسائل التواصل الاجتماعي ذات الصلة بهؤلاء الوكلاء إلى أن "فيلق القدس" الإيراني قام بمهمة تنسيقية في تنفيذها.
ففي 18 تشرين الأول أكتوبر شنت جماعات "المقاومة" العراقية هجومين بطائرتين مسيرتين ضد القوات الأميركية المتمركزة في "قاعدة عين الأسد الجوية" في غرب الأنبار العراقية و"قاعدة حرير الجوية" في إقليم كردستان العراق.

جبهة واحدة
وبين المعهد في تقريره الذي كتبه كل من أمير الكعبي وهو خبير عراقي في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة في العراق وسوريا وحمدي مالك المتخصص في شؤون المليشيات المدعومة من ايران ومايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج
أنه في الهجوم الأول اعترضت قوات التحالف المتمركزة في "قاعدة عين الأسد" طائرتين مسيرتين، دون الإبلاغ عن وقوع أضرار أو إصابات فيما لم تتم تغطية الحادثة على نطاقٍ واسع على قنوات "المقاومة" إلا بعد بضع ساعات على عكس الهجمات السابقة ففي تلك المرحلة، نشرت شبكة "صابرين نيوز" الإعلامية التابعة لـ "المقاومة" وقنوات أخرى بياناً تتبنى فيه "المقاومة الإسلامية في العراق" المسؤولية عن الهجوم.
ويقول المعهد أن "المقاومة الإسلامية" ليست جماعةً في حد ذاتها، بل هي مصطلح شامل يُستخدم لوصف جميع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق كما يشير استخدام هذه التسمية إلى أن الميليشيات العراقية تتموضع كجبهة واحدة في ظل الحرب الجارية في غزة مما يدل عادةً على أن راعيها الإيراني يقوم بحشد جماعات "المقاومة" المتباينة وتجميعها.

احتفال بالهجوم
وبخلاف الهجوم على "قاعدة عين الأسد" سارعت منصات "المقاومة" إلى الإبلاغ عن هجوم "قاعدة حرير" والاحتفال به علماً أنه وقع في ساعات النهار عندما كان من المرجح أن يستحوذ انتباه عددٍ أكبر من الأعضاء والمؤيدين. وجاء الإعلان الأولي عن المسؤولية من قبل "تشكيل الوارثين" وهي جماعة واجهة تابعة لميليشيا "حركة حزب الله النجباء" التي تتمتع بصلات مباشرة مع "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني".
وجاء في إعلان "تشكيل الوارثين" ما يلي "ضمن عمليات إسناد طوفان الأقصى نعلن استهداف قاعدة الاحتلال الأميركي في شمال العراق "قاعدة الحرير" بطائرة مسيرة في تمام الساعة الثانية عشر من ظهر يوم الأربعاء الموافق 18/10/2023 وما النصر إلا من عند الله. تشكيل الوارثين غرفة عمليات إسناد طوفان الأقصى".
وفي وقت لاحق أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" أيضاً مسؤوليتها عن الهجوم ولكن بطريقة متداخلة وليست متناقضة على ما يبدو.

غرفة عمليات إسناد "طوفان الأقصى"
كما يشير بيان "تشكيل الوارثين"الى انه قد تم إنشاء كيان عراقي جديد على الإنترنت في 18 تشرين الأول/أكتوبر لدعم حركة "حماس" في حربها مع إسرائيل يحمل اسم "غرفة عمليات إسناد طوفان الأقصى". ويبدو أن هذا الكيان قد سمح لجماعة "تشكيل الوارثين" القائمة بإعلان مسؤوليتها عن الهجوم تحت مظلته.
وجاء في البيان الافتتاحي لغرفة عمليات التشكيل أنه "انطلاقاً لتأدية الواجب والتكليف الشرعي نعلن عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم تشكيلات المقاومة الإسلامية في العراق للإشراف على العمليات تحت اسم "عمليات إسناد طوفان الأقصى"

التصعيد العراقي في حرب غزة
ولاحظ المعهد أن" المقاومة" العراقية زادت بشكل مطرد من انخراطها في حرب غزة.. أولاً انها حذرت من أنه إذا تدخلت الولايات المتحدة لدعم إسرائيل، فإنها ستضرب أهدافاً أميركية في المنطقة.
ثم استخدمت لغة مشفرةً تشير إلى قرارها بالاضطلاع بدورٍ أكبر في النزاع في مرحلةٍ معينة قريباً ثم جاء الهجومان بطائرات مسيرة على القوات الأميركية بعد أيام وفي أعقاب ذلك، أشارت شبكة "صابرين نيوز" إلى أنه قد تم تنفيذ التهديدات المشفرة السابقة التي تم إصدارها في 13 تشرين الأول/أكتوبر .

عمل حركي
الجدير بالذكر أن الانتقال إلى العمل الحركي حدث بعد وقتٍ قصير جداً من الانفجار المثير للجدل الذي وقع في 17 تشرين الأول/أكتوبر في المستشفى الأهلي في غزة فكان تسلسل أعمال "المقاومة" التصعيدية يشير بذلك إلى انه قبل ساعاتٍ قليلة من الهجوم على "قاعدة عين الأسد" استخدم زعيم حركة حزب الله النجباء أكرم الكعبي لغةً تصعيديةً بتغريدة هي عبارة عن آية قرآنية تقول "بِسْمِ اللهِ قاصِمِ الجَبَّارِين يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً".
وسرعان ما أعقب ذلك بيان لجماعة "أصحاب الكهف" وهي جماعة واجهة تابعة لحركة "حزب الله النجباء" كتبت فيه آيةً قرآنيةً أخرى تقول "وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ".

توجيهات الحرس الثوري
وأدان البيان أيضاً قصف المستشفى في غزة وهدد الولايات المتحدة على خلفية دعمها لإسرائيل بالقول "كذلك يجب أن تدرك عدوة الإنسانية دولة الاحتلال الأميركي أنها ستدفع الثمن مضاعفاً ثمن جرائمها ضد العراقيين وثمن دعمها الصريح للصهاينة لقتل الإنسانية والطفولة في فلسطين قريباً جداً ومن حيث لا تحتسب" .
وفي أعقاب ذلك مباشرة، طلبت "جماعة أصحاب الكهف" من أنصار "المقاومة" التجمع لاحتجاج كبير بساحة التحرير وسط بغداد.
ونوه المعهد الى ان بوادر كثيرة قد ظهرت تشير إلى أن ميليشيات "المقاومة" العراقية تستعد فعلياً لحربٍ إقليمية ستدعم فيها "حماس" وإيران.
واستنتج معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في ختام تقريره ان الطبيعة الموحدة لبيانات "المقاومة" ونشاطاتها الأخيرة توحي بوضوح أنها قد تلقّت توجيهاتٍ منسّقة من "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني" والذي قد يكون في صدد إسناد أدوار مختلفة لوكلائه وحلفائه في المنطقة.
يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تعلن "المقاومة الاسلامية في العراق" عن نفسها وتنفيذ عمليات مسلحة ضد قواعد اميركية حيث لا تعرف بعد الفصائل التي تضمها فيما هناك "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية" التي سبق أن أصدرت عدة مواقف من وجود القوات الاميركية في العراق وهي تضم فصائل شيعية مسلحة بعضها مرتبط بإيران، منها "كتائب حزب الله العراقي" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب سيد الشهداء" و"حركة النجباء".