شنت حركة حماس المسلحة في قطاع غزة، هجوما غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث تسلل مئات المقاتلين إلى المناطق القريبة من القطاع.
وقُتل ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي، ويقول الجيش الإسرائيلي إن 203 من الجنود والمدنيين، بينهم نساء وأطفال، تم اقتيادهم إلى غزة كرهائن.
كما قُتل أكثر من 4500 فلسطيني داخل القطاع بعد أكثر من أسبوعين على بدء الحرب؛ جراء الغارات الجوية والمدفعية التي نفذها الجيش الإسرائيلي ردا على الهجوم. وحشد الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة على حدود قطاع غزة استعدادا لعملية برية كبيرة.
وفي الوقت نفسه، فرضت إسرائيل حصارا كاملا على المنطقة، ومنعت دخول الغذاء والوقود وغيرها من الضروريات. باستثناء عشرين شاحنة مساعدات دخلت يوم السبت 21 أكتوبر تشرين الأول بوساطة أمريكية.
والصراع الفلسطيني الإسرائيلي مستمر منذ عقود، لكن ما أبرز القضايا التي تديم جذوته مشتعلة؟
كيف بدأ الصراع؟
سيطرت بريطانيا على فلسطين بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تحكم هذا الجزء من الشرق الأوسط، في الحرب العالمية الأولى.
وكانت تسكن هذه الأرض غالبية عربية و أقلية يهودية.
حرب غزة: هل يغير موقف الشارع العربي من مسارها؟
وقد تنامت التوترات بين الجانبين عندما أعطى المجتمع الدولي لبريطانيا مهمة تأسيس "وطن قومي" للشعب اليهودي في فلسطين، التي تمثل بالنسبة لليهود أرض أجدادهم، وكذلك الحال أيضا بالنسبة للفلسطينيين العرب الذين يرون أنها أرضهم، فعارضوا هذه الخطوة.
وفي الفترة بين العشرينيات والأربعينيات، تنامى عدد اليهود القادمين إلى فلسطين، وكان العديد منهم ممن فروا من الاضطهاد الديني الذي تعرضوا له في أوروبا، باحثين عن وطن في أعقاب ما عرف بالمحرقة "الهولوكوست" في الحرب العالمية الثانية.
كما تنامى أيضا العنف بين اليهود والعرب أو ضد الحكم البريطاني في المنطقة.
في عام 1947، صوتت الأمم المتحدة على قرار لتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين، إحداهما يهودية والثانية عربية، على أن تصبح القدس مدينة دولية.
وقد وافق الزعماء اليهود على هذه الخطة التي رفضها الجانب العربي. ولم يتم تطبيقها مطلقا.
تأسيس إسرائيل و "النكبة"
في عام 1948 ، غادر البريطانيون الذين كانوا يحكمون المنطقة من دون أن يتمكنوا من حل المشكلة. فأعلن الزعماء اليهود تأسيس دولة إسرائيل.
واعترض الفلسطينيون على ذلك، واندلعت حرب شاركت فيها قوات من الدول العربية المجاورة التي قدمت إلى المنطقة.
مراسل بي بي سي من غزة: "نهرب من موت إلى موت آخر"
وقد هُجّر خلالها مئات الآلاف من الفلسطينيين و أجبروا على ترك منازلهم فيما عرف بـ "النكبة" عام 1948.
وبعد انتهاء القتال بهدنة في العام التالي، كانت إسرائيل قد سيطرت على معظم المنطقة.
وسيطر الأردن على المنطقة التي باتت تعرف باسم "الضفة الغربية" كما سيطرت مصر على قطاع غزة.
وتقاسمت القدس القوات الإسرائيلية في جانبها الغربي والقوات الأردنية في الجانب الشرقي.
الخريطة اليوم
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية والضفة الغربية فضلا عن معظم مرتفعات الجولان السورية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية في الحرب التالية في عام 1967.
وظل اللاجئون الفلسطينيون وأحفادهم في غزة والضفة الغربية، فضلا عن دول الجوار أمثال الأردن وسوريا ولبنان.
ولم تسمح إسرائيل لهم أو لأحفادهم بالعودة إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم، إذ تقول إسرائيل إن مثل هذه العودة ستؤدي إلى أن يكتسحوا البلاد وتهدد وجودها كدولة يهودية.
وما زالت إسرائيل تحتل الضفة الغربية، وعلى الرغم من انسحابها من غزة ما زالت الأمم المتحدة تعتبر تلك البقعة من الأرض جزءا من الأراضي المحتلة.
وتقول إسرائيل إن القدس بكاملها هي عاصمتها، بينما يقول الفلسطينيون إن القدس الشرقية هي عاصمة دولتهم الفلسطينية المستقبلية.
وتعد الولايات المتحدة واحدة من حفنة من الدول التي اعترفت بمطالبة إسرائيل بمجمل مدينة القدس عاصمة لها.
وقد بنت إسرائيل خلال الخمسين سنة الماضية مستوطنات في هذه الأراضي، حيث يعيش الآن أكثر من 700 ألف يهودي.
ما هي المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، ولماذا يرفضها الفلسطينيون؟
ويقول الفلسطينيون إن تلك المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي - وهذا هو موقف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وحكومة المملكة المتحدة - وتمثل عقبات أمام عملية السلام، بيد أن إسرائيل تنفي ذلك.
أين يعيش الفلسطينيون؟
ما هو قطاع غزة؟
قطاع غزة هو منطقة على شكل شريط ضيق، يبلغ طولها 41 كيلومترا (25 ميلا) وعرضها 10 كيلومترات، وتقع بين إسرائيل ومصر والبحر الأبيض المتوسط، يقطنها نحو 2.3 مليون فلسطيني، وتعد واحدة من أعلى المناطق في الكثافة السكانية في العالم.
وفي أعقاب حرب عام 1948- 1949، احتلت مصر غزة لمدة 19 عاما.
وفي حرب عام 1967، احتلت إسرائيل قطاع غزة، وبقيت فيه حتى عام 2005، حيث قامت خلال تلك الفترة ببناء المستوطنات اليهودية.
ورغم أن إسرائيل سحبت قواتها ومستوطنيها من غزة عام 2005، إلا أنها لا تزال تسيطر على مجالها الجوي وحدودها المشتركة وشواطئها. ولا تزال الأمم المتحدة تعتبر المنطقة محتلة من قِبل إسرائيل.
أين يقع قطاع غزة؟
ما هي المشكلة الرئيسية؟
ثمة عدد من القضايا التي لا يستطيع الفلسطينيون وإسرائيل الاتفاق عليها.
وتشمل هذه: مصير اللاجئين الفلسطينيين، والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة وهل ينبغي أن تبقى أم تُزال. وهل ينبغي أن يتشارك الجانبان في القدس، وهل ينبغي قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل - وربما كان هذا الأمر الأكثر تعقيدا على الإطلاق.
وظلت محادثات السلام تُعقد بشكل متقطع لأكثر من 25 عاما، لكنها لم تتمكن من حل النزاع حتى الآن.
ما هي الجهود المبذولة لحل هذا الصراع؟
بين تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين، عُقدت محادثات سلام متقطعة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث تخللتها اندلاع أعمال عنف.
وبدا التوصل إلى سلام عن طريق التفاوض أمرا ممكنا في الأيام الأولى. ومهدت سلسلة من المحادثات السرية المنعقدة في النرويج، الطريق لإتمام اتفاقية أوسلو للسلام عام 1993، حيث وقع الطرفان وبحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، في حديقة البيت الأبيض، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
كانت اوسلو لحظة تاريخية، اعترف الفلسطينيون بدولة إسرائيل، واعترفت إسرائيل بعدوها التاريخي، منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني. وتم تأسيس سلطة فلسطينية تتمتع بالحكم الذاتي.
وسرعان أن ظهرت تصدعات في صرح أوسلو، ووصفها بنيامين نتنياهو بأنها تهديد قاتل لإسرائيل. وقام الإسرائيليون بتسريع مشروعهم لتوطين اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأصبح الجو العام في إسرائيل كئيبا، وواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك اسحق رابين انتقادات حادة من جانب بعض السياسيين الإسرائيليين ممَن وصفوه بأنه ليس أفضل من النازي، وأثمرت شهور من التحريض ضده عن اغتياله بواسطة يهودي متطرف في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1995.
وفي العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، جرت محاولات لإحياء عملية السلام - بما في ذلك عام 2003 عندما وضعت القوى العالمية خارطة طريق تهدف للوصول إلى حل نهائي لهذا الصراع متمثلا في حل الدولتين، لكن ذلك لم يُنفذ أبدا.
وتوقفت جهود السلام أخيرا في عام 2014، عندما فشلت المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في واشنطن.
وأحدث خطة للسلام – تلك التي أعدتها الولايات المتحدة عندما كان دونالد ترامب رئيسا - وأطلق عليها رئيس الوزراء نتنياهو اسم "صفقة القرن"، لكن الفلسطينيين رفضوها باعتبارها أحادية الجانب.
لماذا إسرائيل وغزة في حالة حرب الآن؟
تحكم حركة حماس الفلسطينية قطاع غزة، وتعهدت الحركة بـ"تدمير "إسرائيل، وتُصنف إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى قوى أخرى، حركة حماس على أنها جماعة إرهابية.
وفازت حماس بالانتخابات الفلسطينية الأخيرة في عام 2006، وفي العام التالي سيطرت الحركة على غزة بعدما أطاحت بحركة فتح المنافسة التي يترأسها محمود عباس، ومقرها الضفة الغربية.
ومنذ ذلك الحين، خاضت حماس حروبا عدة مع إسرائيل.
وفرضت إسرائيل، حصارا على قطاع غزة منذ عام 2007، بسبب ما تقول إنه "أمن القطاع".
ويقول الفلسطينيون في غزة إن القيود التي تفرضها إسرائيل، إلى جانب شنّ غارات جوية على المناطق المكتظة بالسكان، ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي.
وهذا العام هو العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. ويشتكي السكان هناك من القيود المفروضة عليهم، والعمليات العسكرية التي تنفذها القوات الإسرائيلية كرد على الهجمات القاتلة التي تستهدف المواطنين الإسرائيليين.
وربما كانت هذه التوترات أحد أسباب هجوم حماس الأخير.
من يدعم إسرائيل في الصراع الحالي ومن لا يدعمها؟
أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وعلى مر السنين، منحت الولايات المتحدة - الحليف الأقرب لإسرائيل - الدولة اليهودية أكثر من 260 مليار دولار أمريكي من المساعدات العسكرية والاقتصادية، ووعدت بإرسال معدات إضافية وصواريخ دفاع جوي وقنابل موجهة وذخيرة.
كما أرسلت اثنتين من حاملات الطائرات القتالية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط؛ من أجل ردع أعداء إسرائيل، وخاصة حزب الله اللبناني، عن فتح جبهة ثانية في الحرب الحالية.
ورفضت روسيا والصين إدانة حماس، ويقول البلدان إنهما يحافظان على قنوات الاتصال مع طرفي الصراع. وألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باللوم على السياسة الأمريكية التي أدت إلى غياب السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وتعد إيران من الداعمين الرئيسيين لحماس، فضلا عن حزب الله، الذي ظل مقاتلوه يتبادلون إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية بشكل شبه يومي منذ هجوم حماس.
وذكرت تقارير إعلامية أن إيران أعطت الضوء الأخضر لهجوم حماس، لكن طهران نفت أي تورط لها بهذا الهجوم الأخير.
التعليقات