طوال أسابيع، تضرّعت فاطمة الأشوح الى الله أن يحفظ أقاربها في قطاع غزة، لتتلقى بعدها نبأ مقتل 12 منهم بسبب قصف إسرائيلي، قبل أيام من إعلان التوصل الى هدنة.

وتقول الأشوح (61 عاماً) لوكالة فرانس برس من مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين "قصفوا منزلهم" مضيفة بعدما أضناها الحزن "عثروا على بعضهم أشلاء".

قبل نحو أسبوعين، التقت فرانس برس الأشوح في شقتها المتواضعة في المخيم المكتظ عند تخوم بيروت. وأعربت حينها على غرار لاجئين فلسطينيين مقيمين في لبنان، عن خشيتها على مصير سبعين من أقاربها المحاصرين في غزة فيما كان القصف الإسرائيلي في أوجه. وروت كيف "يتقطع قلبها" عليهم في كل مرة تشاهد الأخبار الواردة من غزة التي زارتها خلال الصيف.

لاحقاً، تبلغت الأشوح نبأ مقتل ابنة ابنة عمتها سناء أبو زيد (30 عاماً)، مع ثلاثة من بناتها (12 و8 و6 أعوام) في قصف إسرائيلي على منزلهم القائم في مبنى يسكنه أفراد عديدون من عائلة زوجها.

وتقول الأشوح إن 12 فرداً قتلوا في الضربة الإسرائيلية نفسها.

وشنّت حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر هجوماً غير مسبوقا ضد إسرائيل، تسبّب بمقتل 1200 شخص في إسرائيل غالبيتهم مدنيون، قضى معظمهم في اليوم الأول من الهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية. واقتادت حماس خلال هجومها 240 رهينة نقلوا إلى غزة، بحسب الجيش الإسرائيلي.

وردّت إسرائيل بقصف مكثف على قطاع غزة ترافق منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، ما تسبّب بمقتل زهاء 15 ألف شخص بينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس.

"لم نعد نتحمل"
وكانت سناء قد فرّت مع عائلتها الى مدرسة في رفح في جنوب غزة، لكنهم عادوا أدراجهم لاحقاً الى منزلهم في شمال القطاع، بسبب عدم قدرة الأطفال على التكيف مع ظروف الإقامة في مركز إيواء، وفق الأحوش.

ونجا زوج سناء مع ثلاثة من أطفالهما لوجودهم في المستشفى إثر إصابتهم بقصف إسرائيلي في اليوم السابق تسبّب ببتر رجل أحد الأطفال.

وتوضح الأحوش أنه جرى دفن الضحايا "مع بعضهم، دفنوهم جماعياً في مستشفى في شمال غزة".

بعد دفن القتلى، فرّ زوج سناء مع أطفاله الناجين "تحت القصف" الى رفح، ليقيموا في كاراج مع والدة سناء التي لم تتمكن من حضور مراسم دفن ابنتها وحفيداتها.

عبر هاتفها، تظهر الأحوش صورا ومقاطع فيديو لسناء وعائلتها. وتبدو ابنة سناء، نور المقيد (ست سنوات) وهي ترقص.

والأحوش واحدة من 250 ألف لاجئ فلسطيني يقيمون في لبنان، وفق الأمم المتحدة، نحو نصفهم موزعون على 12 مخيماً أقيمت تباعاً إثر النكبة الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل في العام 1948.

وخلال الأسابيع الماضية، تابع لاجئو لبنان بقلق الأنباء الواردة من غزة، بينهم الأحوش التي تأمل أن تستمر الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، والتي دخلت الأربعاء يومها الرابع والأخير، وأتاحت الإفراج عن رهائن وأسرى وإدخال مساعدات طارئة إلى قطاع غزة، وسط محادثات جارية لتمديدها.

وتقول الأحوش "نأمل أن يستمر وقف اطلاق النار بشكل دائم. لم يعد أحد قادراً على التحمّل".

وتضيف "شاهدنا حروباً كثيرة، لكن مثل هذه الحرب، لم نشاهد".