مع استمرار الحرب على غزة في أسبوعها السابع وتفاقم أزمة القطاع الصحي، وما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه "قصف مستهدف لمستشفيات القطاع"، برزت الحاجة الماسة وفق ما ناشدت به وزارة الصحة في القطاع، لإقامة مستشفيات ميدانية، تساهم في استقبال وعلاج جرحى ومصابي الحرب.

معظم المستشفيات التي توقفت عن تقديم خدماتها جرّاء القصف المباشر، أو قصف الطرق المحيطة والذي حال دون وصول الجرحى إليها، تعاني منذ الأسبوع الأول من نقص في الإمدادات الطبية، والانقطاعات المتكررة للكهرباء ونقص أو انقطاع الوقود تماما فيها، وعجز الأطباء عن تحمل أعداد الجرحى الكبيرة التي تصل إليهم يومياً.

تظهر إقامة المستشفيات الميدانية كجزء حيوي لدعم الجهود المبذولة لتقديم الرعاية الصحية في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها السكان والنازحون، وما سببته الحرب من وفيات وإصابات خطيرة وارتفاع ملحوظ في حالات الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي.

المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، أكد تفاني العاملين في النظام الصحي في التصدي للتحديات الهائلة، بما في ذلك تقديمهم للرعاية اللازمة للجرحى والمرضى في حالات الطوارئ.

منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول، ارتفعت حالات التهابات الجهاز التنفسي بين النازحين في القطاع إلى أكثر من 72 ألف حالة، بالإضافة إلى نحو 49 ألف حالة إسهال، وهو ارتفاع بمقدار 31 مرة عن المعدلات السابقة.

تزايدت التحديات مع تصاعد الأزمة، حيث يعيش الناس في شمال القطاع ظروفاً صحية كارثية، أدت إلى وفاة الكثير من المصابين، وتواجه المستشفيات نقصاً حاداً في الأدوية، والمستلزمات الطبية، والفرق الطبية، أمام أعداد كبيرة من الإصابات اليومية، إضافة إلى افتقار المنظومة لعدد كاف من سيارات الإسعاف لنقل المصابين.

تتهم حركة حماس إسرائيل بتنفيذ "حرب ضد المستشفيات"، حيث تعرضت معظم المستشفيات أو محيطها للقصف الإسرائيلي، مما تسبب في أضرار جسيمة وانهيار البنية الصحية في القطاع. وتقول حماس إن إسرائيل عجزت عن تقديم أي دليل على اتهاماتها باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية مثل مستشفى الشفاء الذي تصفه إسرائيل بـ "مركز للقيادة والسيطرة"، حيث نشرت إسرائيل مقاطع مصورة قالت إنها لأنفاق تمتلكها حماس تحت مستشفى الشفاء.

غزة
Reuters
إسرائيل تتهم حماس باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية

حذّر مدير عام مستشفيات غزة، محمد زقوت، من خطورة الوضع الطبي الذي يعيشه القطاع، وأن هناك ضرورة ملحة لإقامة مستشفيات ميدانية لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين جراء الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول.

وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن عدد المشافي التي خرجت عن الخدمة بلغ 26 مستشفى، و55 مركزا صحيا، و 55 سيارة إسعاف بسبب قصفها، فيما خرجت عشرات سيارات الإسعاف عن الخدمة بسبب نفاد الوقود، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

وأبدت دول عديدة استعدادها لإقامة مستشفيات ميدانية ترفد القطاع الصحي في قطاع غزة بخدماتها، منها؛ الأردن الذي يقيم مستشفى ميدانيا منذ عام 2009 في منطقة تل الهوى شمالي قطاع غزة، إلى جانب مستشفى ميداني جديد في خان يونس، والإمارات التي أعلنت عن إقامة مستشفى ميداني متكامل في منطقة رفح جنوبي القطاع، وقطر التي أبلغت وزارة الصحة في غزة عن نيتها بتأمين مستشفى ميداني إضافي لما سبق، وذلك وفق إعلان الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة خلال مؤتمر صحفي.

وباشر المستشفى العسكري الأردني في منطقة خان يونس، تقديم خدماته الصحية، يوم الإثنين الماضي.

ويتكون المستشفى من 41 سريراً ويتضمن أقساماً مختلفة، منها؛ الطوارىء، والباطنية العامة، والعناية الحثيثة، وأقسام خاصة للرجال والنساء، بالإضافة إلى حضّانات تتسع لـ41 طفلاً، وأقسام للنساء والتوليد، ومختبر، وصيدلية، وتصوير أشعة، وغرفة تعقيم، بالإضافة إلى غرفتي عمليات لإجراء العمليات الجراحية العاجلة.

وقال الديوان الملكي الأردني إن المستشفى يضم فريقاً طبياً وتمريضياً وإدارياً يضم 145 فردا، تتنوع اختصاصاتهم في مجالات مثل جراحة العظام والأطفال وجراحة الشرايين والعناية بالطوارئ وغيرها، وقد وصلت معدات ومستلزمات طبية برفقة فريق مؤلف من 17 عنصراً طبياً وفنياً.

يُذكر أن المستشفى الميداني العسكري الأردني الأول في غزة تأسس في عام 2009، ويُدار بواسطة الجيش الأردني، ويقدم خدماته مجاناً، حيث يتم تجديد الفرق الطبية والفنية والإدارية كل ثلاثة أشهر.

وسافرت خمس طائرات من أبو ظبي إلى العريش المصرية بهدف نقل معدات لازمة لإقامة المستشفى الميداني، الذي كان قد تقرر إنشاؤه داخل قطاع غزة.

وأعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، عن إدخال المستشفى الميداني إلى جنوب قطاع غزة عبر مرحلتين، وتبلغ سعته أكثر من 150 سريراً، ويضم أقسام الجراحة العامة، وجراحة العظام والأطفال والنساء، والتخدير، والعناية الحثيثة للأطفال والبالغين، بجانب عيادات في تخصصات الباطنية، والأسنان، وعيادة نفسية، وطب العائلة، إضافة إلى خدمات الأشعة المقطعية، ومختبر وصيدلية، والخدمات الطبية المساندة.

وسيتولى فريق طبي إماراتي الإشراف على المستشفى الميداني وتقديم الرعاية الطبية للمصابين.

وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة أهمية إنشاء المستشفيات الميدانية لمعاونة الوزارة على تحمل الأعباء وعلاج المصابين وآلاف المرضى.

ووصف القدرة الوضع الصحي في شمال قطاع غزة بأنه "كارثي والمصابون يموتون بسبب عدم توفر إغاثة طبية".

واستقبل ميناء العريش المصري القريب من معبر رفح الحدودي سفينة مساعدات تركية تحمل مستشفيات ميدانية لمساندة قطاع غزة، بحسب ما أفاد مسؤول مصري لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأكدت وزارة الصحة التركية أن السفينة التي وصلت العريش تحمل معدات وتجهيزات وسيارات إسعاف لإقامة 8 مستشفيات ميدانية.

وطلبت السلطات التركية موافقة مصر لإقامة هذه المستشفيات في منطقة العريش التي تبعد نحو 40 كيلومترا لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين.