نطالع في الصحافة الإسرائيلية والبريطانية مقالات تستعرض الحرب في غزة، منها مقال في صحيفة يديعوت أحرونوت يحمل عنوان "مع اجتياح جنوب غزة، علينا أن نتوقع فوضى (علاقات عامة) على الساحة الدولية"، كتبه الصحفي ناحوم برنيع.
يفتتح الكاتب مقاله بالقول إن حماس كانت تتوقع استمرار تبادل الرهائن والسجناء المرضى والمسنين، لكنه يقول إنه "لا مجال للمقارنة بين أسرى الطرفين" فهو يرى أن الرهائن الإسرائيليين من المرضى والمسنين من مؤسسي الكيبوتسات بينما الأسرى الذين ترغب حماس بإطلاق سراحهم في المقابل هم "قتلة يقضون أحكاما بالسجن المؤبد"، حسب تعبيره.
بي بي سي تكشف استمرار استهداف إسرائيل لأماكن نصحت المدنيين باللجوء إليها
ويرى الكاتب أن المأزق الأكبر بالنسبة لإسرائيل يتعلق بالرهائن، الذين لا يزال معظمهم أحياء، لكن البعض ماتوا ويجب إحضار جثامينهم إلى إسرائيل لدفنهم.
ويعتقد الكاتب أن الرهائن وجثث من قتلوا منهم موجودون في خان يونس "مع من تبقى من قادة حماس"، ويرى أن حماس سوف تستخدمهم كدروع بشرية "حتى ولو أنها لم تصرح بذلك"، ويرى أيضا أنه لن يكون هناك خط رجعة بمجرد استئناف الحرب البرية والجوية .
ويقول الكاتب إن الجيش الإسرائيلي لا يملك تصورا للخطوة القادمة، حيث تزدحم المنطقة بالمدنيين الذين لا تربطهم أي صلة بحماس، ولا يملكون ملاجئ وليس عندهم أمل براحة من القصف.
وتتخوف الأمم المتحدة من انتشار الأوبئة.
ويرى الكاتب أنه لهذه الأسباب قد لا يكون أمام إسرائيل سوى أسبوعين لإنجاز مهامها، وهي لن تكون كافية.
وينصح الكاتب بتخفيض سقف التوقعات من الحملة العسكرية، فتحقيق نصر كامل في هذه الظروف ليس ممكنا كما يرى.
وفي صحيفة "جيروزاليم بوست" نطالع مقال رأي للكاتب مارك سيمون بعنوان "من أجل مصلحة البلد، يجب أن نغير قيادتنا".
يستهل الكاتب مقاله بالقول إن شهرين من الرعب قد مضيا، ومعظم من يعرف من الناس لا يزالون يحاولون "إبقاء رؤوسهم فوق سطح الماء" كناية عن محاولة التمسك بأسباب النجاة.
ويقول إن وضع الأعمال ليس أفضل مع انعدام اليقين، حيث ليس سهلا التخطيط في هذه الظروف .
حكايات أطفال فقدوا الأب والأم في حرب غزة
ويرى الكاتب أن هناك ضرورة لوضع استراتيجية في أقرب وقت، "وعدم السماح للأحداث بالتحكم بنا"، والتجارب تعلمنا أن اتخاذ القرارات تحت الضغط "يقود إلى عدم اتخاذ أفضل القرارات".
ويستنتج الكاتب أن هناك حاجة لخطة وطنية انتقالية.
ويقول إن استطلاعات الرأي تكشف أن الشعب الإسرائيلي يرغب في هزيمة حماس وبدء "تضميد جراح البلاد".
"سيكون هناك وقت لتحليل أسباب الأخطاء، لكن هذه مهمة مؤجلة"، أما المهمة الحالية، بحسب الكاتب، فهي إنقاذ الرهائن والقضاء على حماس وتخطيط عملية التعافي الوطني.
ويقول الكاتب إنه عاش في إسرائيل منذ عام 1988 وشارك في الانتخابات أكثر من مرة، وكان يمنح صوته لحزب الليكود في العديد من الجولات الانتخابية، لكنه الآن لن يستطيع فعل ذلك بضمير مرتاح.
ويشرح قائلا إنه بالرغم من أن بنيامين نتنياهو ليس مثاليا، إلا أنه عمل الكثير من الأشياء العظيمة لصالح إسرائيل، لكنه، مثل الكثيرين غيره كما يقول، يرغب في تنحي نتنياهو.
ويتابع الكاتب "لواستمع نتنياهو لي كنت سأهمس له بما يلي: "بيبي (لقب لنتنياهو في إسرائيل)، لقد عملت الكثير من أجل بلادنا، ومكثت في السلطة أكثر من أي شخص آخر، لكن حان الآن أوان التغيير، من أجل مصلحة الوطن".
ويرى الكاتب، مع تقديره لما قام به نتنياهو، أنه ليس الوحيد القادر على قيادة البلاد، وأن رحيله سيكون في مصلحة الوطن ومصلحة حزبه.
ويتوقع كاتب المقال من نتنياهو أن يعلن بعد انتهاء الحرب والتخلص من حماس عن انتخابات جديدة لن يكون هو أحد مرشحيها، وإنه سيتقاعد من الحياة السياسية.
ويرى الكاتب أنه لو فعل نتنياهو ذلك فسوف يجرد خصومه من أسلحتهم.
ويعتقد كاتب المقال أن نتنياهو لو فعل ذلك فسوف يساعده على التعامل بشكل أفضل مع إشكالياته القضائية.
ويختم مقاله بالقول "الكرة في ملعب نتنياهو، ليقرر إن كانت إسرائيل سوف تمضي قدما أو ستتقهقر لتصبح في قبضة الفوضى".
وفي صحيفة "الغارديان" البريطانية نطالع مقالا للكاتبة المصرية المعروفة أهداف سويف بعنوان "هنا في مصر الاحتجاج يحمل خطر السجن. لكن يجب أن نرفع صوتنا من أجل جيراننا الفلسطينيين".
وتستهل مقالها بالقول: "أمام مقر اتحاد الصحفيين في وسط القاهرة، كانت امرأة ترفع يافطة يوم الخميس عليها صورة ثمانية أطفال رضع ملفوفين في رزم خضراء صغيرة، أربعة منهم ملفوفون في حفاضاتهم فقط. وجميعهم موتى. المرأة بجانبها كانت تضم رضيعها، وتقفز هاتفة 'افتحوا معبر رفح'. كان عددنا يقارب المئة".
وتتابع سويف قائلة إن عدد المشاركين أقل بكثير من الآلاف الذين يجوبون المدن في أنحاء العالم.
حرب غزة: كيف يواجه ذوو الإعاقة الفلسطينيون يوميات القتال؟
وتعزو الكاتبة سبب قلة عدد المشاركين إلى الحظر الرسمي للتظاهرات في مصر، الساري المفعول منذ شهر نوفمبر/تشرين ثاني عام 2013.
وتضيف أن الجميع كانوا يتظاهرون من أجل غزة وفي نفس الوقت يطالبون بحق الاحتجاج، وكانت هتافاتهم تردد صدى ما يقال في البيوت والشوارع.
وتقول الكاتبة إن وسائل التواصل الاجتماعي تعكس مشاعر المصريين الحقيقية، فاللقطات القادمة من غزة تنتشر عبر تيك توك وإنستاغرام كالنار في الهشيم: امرأة تبحث عن طفل "شعره أجعد"، وجد يحمل جسد حفيدته، ومثلث أحمر اللون يومض على الشاشة ليوجه المشاهد إلى انطلاق القذيفة أو الصاروخ الذي يستهدف دبابة إسرائيلية من طراز "ميركافا".
ومن المظاهر الأخرى التي تعكس الروح السائدة سائقو سيارات الأجرة لشركة "أوبر" الذين لا يشغلون عداداتهم حين يلتقطون راكبا فلسطينيا، والمساعدات التي تتدفق إلى المراكز الخاصة التي أنشئت لهذا الغرض، رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
ونداء لتوفير السكن لثلاث عائلات تمكنت من مغادرة غزة يجد استجابة خلال دقائق.
وترى سويف أن كل هذا يتعامل مع الجوانب الإنسانية للوضع، أما الوضع السياسي الذي أدى إلى كل ذلك فلا يمكن التعامل معه إلا من خلال الدول والمنطمات الدولية.
وتتابع أهداف: "على مدى 16 عاما كان شعور بالذنب يسيطر علينا بسبب تواطؤ مصر. على مدى 16 عاما أدارت مصر معبر رفح بالالتزام بالسياسة الإسرائيلية".
المتظاهرون يرددون شعارات "هنا مصر وهناك فلسطين، مفتاح المعبر مع مين؟"، و"مصر دولة ذات سيادة، وهذه الحرب حرب إبادة" و"قولوا لحكامنا إنتو صغار، واحنا بنموت من العار"، و"القذائف أمريكية والخيانة عربية".
وترى سويف أن الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 هي التي أيقظت في المصريين الإحساس بالحاجة للحرية والديمقراطية، وأدت لخروج احتجاجات إلى الشوارع، ثم انفجرت الشرارة بعد عقد من الزمان تقريبا (عام 2011). حينها كتبت: "في كل بلد عربي حيث ينتفض الشعب للمطالبة بحقوقه يطالبون بحقوق الفلسطينيين أيضا"، فالناس يعرفون أنه لا يمكن فصل حقوق الفلسطينيين عن حقوق المواطنين في باقي أنحاء العالم العربي.
التعليقات