قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية): يتوجه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الأربعاء إلى مصر لإجراء محادثات محورها التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، في حين أرجأ مجلس الأمن الدولي مجدداً الثلاثاء، لمدة 24 ساعة، التصويت على مشروع قرار يدعو لتعليق العمليات القتالية في القطاع الفلسطيني.
ميدانياً، واصل الجيش الإسرائيلي الثلاثاء قصفه وعملياته البرية في غزة، على الرغم من ضغوط دولية تلحّ على حماية المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر.
ويتزايد القلق من اتّساع محتمل لنطاق النزاع الذي انطلقت شرارته بهجوم غير مسبوق شنّته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل، من جراء الهجمات التي يشنّها المتمردون الحوثيون، حلفاء حماس، على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وفي هذا السياق أفاد مصدر في حماس بأن هنية سيزور مصر الأربعاء على رأس "وفد قيادي رفيع".
صفقة تبادل بين الأسرى
وبحسب المصدر سيعقد هنية عدداً من اللقاءات أبرزها مع مدير المخابرات المصرية عباس للبحث في "وقف العدوان والحرب تمهيدا لصفقة تبادل بين الأسرى وإنهاء الحصار على قطاع غزة".
وليل الثلاثاء نشرت حركة الجهاد الإسلامي مقطع فيديو قالت إنّه لرهينتين على قيد الحياة تحتجزهما في غزة.
وفي الفيديو يظهر رجلان يحضّان الواحد تلو الآخر على زيادة الضغوط على السلطات الإسرائيلية من أجل التوصّل إلى اتفاق للإفراج عنهما.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه أوفد مؤخرا "مرّتين مدير الموساد إلى أوروبا لتنشيط مسار الإفراج عن الرهائن" الذين لا يزالون محتجزين في غزة منذ اختطافهم في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على أيدي حماس وفصائل فلسطينية مسلّحة أخرى.
وفي نيويورك حيث مقر الأمم المتحدة، لا تزال مسألة "تعليق" القتال -- وليس وقف إطلاق النار الذي ترفضه إسرائيل معتبرة أنّ من شأن ذلك أن يعزّز سيطرة حماس على القطاع -- في صلب المفاوضات الشاقة حول مشروع قرار كان من المقرر طرحه على التصويت في مجلس الأمن الدولي الإثنين.
وأرجئ مرارا التصويت في الهيئة، والثلاثاء أرجئ مجددا إلى الأربعاء لإتاحة مواصلة التفاوض، بحسب مصادر دبلوماسية.
وانطلقت شرارة الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر بهجوم غير مسبوق شنّته حماس داخل إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، أوقع نحو 1140 قتيلا، غالبيتهم من المدنيين، كما اقتيد نحو 250 رهينة إلى القطاع، وفقا للسلطات الإسرائيلية، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة.
"القضاء" على حماس
وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل "القضاء" على حماس وبدأت هجوما واسع النطاق تسبب بدمار هائل في قطاع غزة. وأوقع القصف 19667 قتيلا على الأقل، نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لحكومة حماس الثلاثاء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 132 جنديا منذ بدء عملياته البرية في 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وكانت هدنة دخلت مفاعيلها حيّز التنفيذ في 24 تشرين الثاني/نوفمبر واستمرت حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر قد أتاحت الإفراج عن 80 رهينة كانت محتجزة في قطاع غزة في مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وليل الإثنين-الثلاثاء، استهدف قصف إسرائيلي مدينتَي رفح وخان يونس (جنوب) ووسط غزة، بحسب مراسلين لوكالة فرانس برس.
وقُتل الثلاثاء 20 فلسطينياً في قصف لمدينة رفح، بحسب حركة حماس، من بينهم أربعة أطفال والصحافي عادل زعرب.
من جهة أخرى أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء العثور على متفجرات في مركز طبي في الشجاعية، في ضواحي مدينة غزة، وتدمير أنفاق لحماس وقتل كوادر في الحركة في عمليات نفّذها مؤخراً.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري أنّ القوات الإسرائيلية في خان يونس "توسّع نطاق عملياتها وتعمّقها".
وفي القطاع الذي تخضعه إسرائيل لحصار مطبق منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، نزح نحو 1,9 مليون نسمة، أي 85 في المئة من السكان، بسبب الحرب، وفق الأمم المتحدة.
واضطر كثير من السكان للفرار مرات عدة وأقاموا في مخيمات محرومين من الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأعلن فضل نعيم، مدير المستشفى الأهلي وهو من آخر المؤسسات الاستشفائية التي لا تزال في الخدمة في شمال قطاع غزة، توقف المرفق عن العمل الثلاثاء بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي له.
وأضاف نعيم "استشهد 4 مواطنين متأثرين بجروحهم التي أصيبوا بها أمس" الإثنين.
وقال المسعف محمد عراج في تصريح لفرانس برس بعدما تم نقله مع مصابين إلى دير البلح في وسط قطاع غزة "عصبوا أعيننا وقيّدونا... تم تقييدنا لأكثر من تسع ساعات في البرد".
ولم يشأ الجيش الإسرائيلي الإدلاء بأي رد فوري على هذه التصريحات.
وفي رفح، المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر والتي تؤوي عشرات آلاف النازحين الذين فروا من القتال في الشمال، كان ناجون يبحثون بين أنقاض مبنى منهار في الصباح وينتشلون جثثا.
وقال جهاد زعرب لوكالة فرانس برس "ما من مكان آمن. نحن نازحون من مدينة غزة. جئنا إلى هنا، دمرت منازلنا. هناك قصف في كل غزة".
من جهته، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك "اليوم، يضطر الفلسطينيون للجوء إلى مناطق تزداد صغرا (...) فيما تقترب العمليات العسكرية شيئا فشيئا" منهم.
وأضاف "إنهم محاصرون في جحيم. لم يعد هناك مكان يذهبون إليه في غزة".
وتتزايد الدعوات للتهدئة مع تواصل ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين.
وحضّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون إسرائيل الثلاثاء على اتباع "نهج أكثر استهدافا" في حربها ضد حماس والحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وخلال زيارة لتل أبيب الإثنين، حضّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على إيصال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدا في المقابل أن بلاده "ستواصل تزويد" إسرائيل بالأسلحة والذخائر الحيوية والمركبات التكتيكية وأنظمة الدفاع الجوي التي تحتاج اليها في حربها ضد حركة حماس في قطاع غزة.
وعلى الرغم من دخول مزيد من الشاحنات المحملة بضائع تجارية إلى القطاع الثلاثاء من معبري رفح، الحدودي مع مصر، وكرم أبو سالم، الحدودي مع إسرائيل، لا يزال ما يتم إدخاله إلى غزة بعيداً جدا من تلبية أبسط احتياجات السكان.
وفي شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان، أصيب عنصران من جنود الاحتياط بجروح طفيفة في إطلاق نار من جنوب لبنان، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي الذي أكّد أنّه قصف مواقع لحزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّ دفاعاته الجوية "اعترضت ستّ قذائف صاروخية أطلقت من داخل لبنان" وقد ردّ على الإثر بقصف "منصّة الإطلاق وخليّة المخرّبين التي نفذّت عملية الإطلاق".
وأوضح أنّه "بالإضافة إلى ذلك، أغارت طائرة لسلاح الجو على مبنى يستخدمه حزب الله".
وقال موفد الامم المتحدة الى الشرق الاوسط تور وينسلاند الثلاثاء أمام مجلس الأمن الدولي إن "الاجراءات المحدودة لاسرائيل، وخصوصا السماح بإدخال مزيد من الوقود والغذاء وغاز الطهو، وفتح معبر كرم ابو سالم لدخول المساعدة الانسانية، هي ايجابية، لكنها غير كافية الى حد بعيد في ضوء ما هو ضروري لمواجهة الكارثة الانسانية على الارض".
التعليقات