كوتوبالونغ (بنغلادش): في مخيمات بنغلادش، يعاني اللاجئون الروهينغا يوميا من تفاقم الجوع والعنف، ما يدفع عددا متزايدا منهم إلى الانطلاق بحرا في رحلات محفوفة بالمخاطر سعيا للوصول إلى إندونيسيا أو ماليزيا.
وتقول نور قيس التي تعتمد بشكل كامل على مساعدات إنسانية تقدّمها الأمم المتحدة منذ أن أوقف زوجها لمحاولته العمل خارج مخيم كوتوبالونغ في جنوب شرق البلاد، إن لديها "حصة واحدة" فقط في اليوم لإبقائها على قيد الحياة مع طفليها.
وتتابع هذه الشابة البالغة 27 عاما واللاجئة منذ العام 2017 "عندما يرى أطفالي أن الجيران يتناولون شيئا ما، يجهشون بالبكاء. لا أقوى على تحمّل دموع أطفالي"، مضيفة "أمضي أيامي وليالي بالبكاء".
مثلها، فرّ نحو مليون من أبناء هذه الأقلية، وغالبيتهم من المسلمين، من عمليات اضطهاد في بورما فُتح تحقيق دولي فيها للاشتباه بأنها ترقى إلى "إبادة جماعية".
وشهدت ظروف العيش المتردية أصلا في مخيمات اللاجئين، مزيدا من التدهور في الأشهر الأخيرة، إذ تفاقم شح المواد الغذائية وتضاعفت أعمال العنف.
وباتت شائعة في المخيمات حروب العصابات والإتجار بالمخدرات وعمليات الخطف للحصول على فدية، بإقرار الشرطة التي تقول إن أكثر من 60 من أبناء الروهينغا قتلوا هذا العام، وهذه حصيلة قياسية.
ويقول سيف الأركاني وهو ناشط من أبناء هذه الأقلية يبلغ 27 عاما "لقد سئم الروهينغا من العيش في المخيمات ومن العيش تحت رحمة قطاع الطرق".
خطف خلال نومه
تقول نور قيس إن أحد جيرانها خُطف "خلال نومه" وإن عائلته اضطرت للاستدانة لجمع 1350 دولارا طلبها الخاطفون فدية للإفراج عنه.
وتخشى هذه الشابة من أن تجد نفسها في وضعية مماثلة وهي لا تملك أي وسائل لدفع أي فدية في حال تعرّضت للخطف أو اختُطف أحد أطفالها.
ويستحيل عليها إلى الآن جمع ما يكفي من أموال لزيارة زوجها فاروق، وهو بحّار أودع السجن قبل ستة أشهر بسبب انتهاكه الحظر المفروض على عمل اللاجئين خارج المخيمات.
وتقول نور قيس إنها لا تملك أي مبلغ من المال لتوكيل محام قد يكون قادرا على انتزاع قرار بإطلاق سراح مشروط لزوجها. وتتساءل "أين يمكن أن أجد بين أربعة وخمسة آلاف تاكا (35-45 دولارا) في حين لا أملك شيئا لعائلتي؟".
وتعمل نور قيس لدى عائلة ميسورة نسبيا في المخيم، لكنّها تنفق راتبها الضئيل وأكثر من نصف ما تتلقاه من مساعدات غذائية لسداد ديون تكبدتها لبناء كوخ من الخيزران والقماش المشمع تعيش فيه مع أطفالها.
وأجبر الفقر عشرات الآلاف من الروهينغا على العمل خارج المخيمات، بحسب عضوين في لجنة اللاجئين في بنغلادش طلبا عدم كشف هويتهما.
ويقول أحد هذه العضوين إن هؤلاء اللاجئين ينافسون اليد العاملة المحلية، لافتا إلى أن هذا الأمر "يستفز السكان وهو أمر مفهوم".
رحلة مكلفة
بالنسبة لكثر من الروهينغا، خصوصا الشبان، يكمن الحل الوحيد في محاولة العبور بحرا إلى إندونيسيا أو ماليزيا.
ويشدد سيف الأركاني على أن هؤلاء "يغادرون المخيمات لأنهم يائسون ويريدون أن يعيشوا حياة أفضل بعيدا عن العنف، لا يهم إذا ماتوا في البحر، هم يريدون المغادرة".
اعتبارا من تشرين الثاني/نوفمبر ازدادت هذه الرحلات بشكل غير مسبوق منذ بدء أعمال الاضطهاد في بورما في العام 2017، وقد وصل أكثر من 1500 من الروهينغا إلى إقليم أتشيه الإندونيسي الواقع على بعد 1800 كلم من كوتوبالونغ، بحسب الأمم المتحدة.
ولم يتردد محمد إسلام في إرسال ابنه الوحيد إلى ماليزيا العام الماضي، على الرغم من أنه يملك متجرا صغيرا في المخيم. ويقول "الناس لا يكترثون بحياتهم، هم يكترثون ببطونهم".
إضافة إلى المخاطر التي تتهدد هذه الرحلات يتقاضى المهربون ما بين 900 و1800 دولار عن كل راكب.
وهذا المبلغ ليس إطلاقا بمتناول نور قيس التي تقول "لو كان قد توفر لدي ما يكفي من المال لكنت غادرت مع عائلتي إلى إندونيسيا أو ماليزيا".
التعليقات