لاهاي: ترد اسرائيل الجمعة أمام محكمة العدل الدولية على ما اعتبرته ادعاءات "فظيعة" بارتكابها "أعمال إبادة" في قطاع غزة في إطار قضية غير مسبوقة رفعتها جنوب إفريقيا ضدها.
ورفعت جنوب إفريقيا الشهر الماضي شكوى إلى محكمة العدل الدولية ومقرها في لاهاي، وقالت فيها إن أسرائيل تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الموقعة العام 1948 إثر محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
وتتمنى جنوب إفريقيا أن تفرض محكمة العدل "إجراءات موقتة"، وهي أوامر قضائية عاجلة تطبّق فيما تنظر في جوهر القضية الأمر الذي قد يستغرق سنوات.
وتريد بريتوريا أن يأمر قضاة المحكمة إسرائيل بالوقف "الفوري" لحملتها العسكرية على قطاع غزة التي باشرتها بعد هجوم حركة حماس غير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الذي خلف نحو 1140 قتيلا غالبيتهم من المدنيين بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس بعد الهجوم الذي خطف خلاله أيضا قرابة 250 شخصًا، لا يزال 132 منهم محتجزين رهائن في قطاع غزة، وفق الجيش الإسرائيلي.
وردت إسرائيل بحملة قصف على قطاع غزة وباشرت لاحقاً هجوماً برياً، ما أدى إلى سقوط 23469 قتيلًا وإصابة 59604 بجروح، معظمهم من النساء والأطفال وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وأكدت إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة أن القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية لا أساس لها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قبل الجلسات "لا يا جنوب إفريقيا ليس نحن من بادر إلى ارتكاب إبادة بل حماس".
وأضاف "سنواصل حربنا الدفاعية التي لا غبار على عدالتها واخلاقيتها".
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر "في الواقع يستمر الذين يهاجمون إسرائيل بعنف في الدعوة صراحة إلى القضاء على إسرائيل وقتل اليهود".
لكن واشنطن نأت بنفسها عن بعض الانتقادات الإسرائيلية الموجهة إلى جنوب إفريقيا.
فردا على سؤال حول اتهام اسرائيل لجنوب إفريقيا بأنها "الذراع القانونية" لحركة حماس، أكد فديانت باتيل الناطق الآخر باسم وزارة الخارجية الأميركية لصحافيين "هذه ليست عبارة استخدمها للكلام عن شركائنا الجنوب إفريقيين".
وأضاف باتيل "لكن مرة جديدة نستمر في اعتبار الادعاءات التي تفيد أن إسرائيل ترتكب إبادة، لا أساس لها".
وعلى صعيد التدابير العاجلة التي تطلبها جنوب إفريقيا، قد تتخذ المحكمة قرارا في غضون أسابيع قليلة. وقرارات المحكمة مبرمة وملزمة قانونا لكنها لا تملك سلطة تطبيقها. وسبق أن أمرت روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا من دون أي مفعول.
في المقابل، لن تبت في جوهر القضية على الفور بل ستكتفي في درس ما إذا كانت حقوق سكان غزة الأساسية مهددة أم لا.
وتملك جنوب إفريقيا حق ملاحقة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية إذ أن البلدين وقعا اتفاقية منع الإبادة.
وقال وزير العدل الجنوب إفريقي رونالد لامولا الخميس أمام القضاة أن إسرائيل "تجاوزت الخطوط" وانتهكت الاتفاقية مؤكدا "لا يمكن لأي هجوم مسلّح على أراضي دولة مهما كانت خطورته (...) أن يقدّم أي تبرير لانتهاكات الاتفاقية".
وقالت عادلة هاشم المحامية من وفد جنوب إفريقيا إلى المحكمة "لا يتم الإعلان مسبقًا عن الإبادات، لكن أمام هذه المحكمة أدلّة تم جمعها خلال الأسابيع الـ13 الماضية تُظهر من دون أدنى شك نمطًا من السلوك والنوايا التي تبرر الادعاء المعقول بارتكاب أعمال إبادة".
ويدعم المؤتمر الوطني الإفريقي الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا القضية الفلسطينية منذ فترة طويلة، إذ غالبا ما يربط هذه القضية بنضاله ضد نظام الفصل العنصري. وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين بريتوريا والدولة العبرية بسبب ذلك.
ورأت المحامية الجنوب إفريقية بلين ني غراليه أمام المحكمة الخميس أيضا ان القضاء الدولي على المحك أيضا في إطار هذه القضية.
وأكدت "يعتبر البعض أن سمعة القانون الدولي وقدرته وإرادته على حماية كل الشعوب بالتساوي هي على المحك أيضا".
لكن إسرائيل اعتبرت شكوى بريتوريا "إحدى أكثر الأفعال التي تنم عن نفاق في التاريخ".
التعليقات