نيودلهي: يدشّن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الإثنين معبدًا مكرّسا للإله رام، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية، وذلك خلال مراسم يُنظر إليها على أنها الانطلاقة الفعلية لحملته الانتخابية.
شُيّد المعبد الذي ينتصب على علو 50 مترًا في مدينة أيوديا في شمال الهند في موقع أقيم فيه طوال قرون مسجد هدمه متشدّدون هندوس بدفع من أعضاء في حزب بهاراتيا جاناتا.
ففي العام 1992، قام الهندوس بتدمير المسجد في إطار حملة مدعومة من حزب مودي أدّت إلى اندلاع اشتباكات في أنحاء البلد كافة أودت بحياة نحو ألفي شخص، أغلبهم من المسلمين.
وشكّل تدمير المسجد ضربة قاصمة لأسس النظام السياسي العلماني في الهند، فاسحًا المجال لتصاعد القومية الهندوسية وجعلها راية للقوّة السياسية المسيطرة على البلد.
وبالنسبة إلى حزب مودي الحاكم بهاراتيا جاناتا، يشكّل تدشين معبد رام ماندير تتويجا لجهود امتدّت على عقود لإعادة إسناد سياسة البلد على الديانة الغالبة.
وقال ناريندرا مودي الأسبوع الماضي "سيتسنّى لي أن أكون شاهدًا على هذا الحدث الذي يبشّر بالخير"، مشيرا إلى أنه سيصوم 11 يوما وفق الأعراف قبل تدشين المعبد.
وأردف "الإله جعل مني أداة لتمثيل شعب الهند برمته".
مشاهير ومليارديرات
يُنتظر حضور آلاف الأشخاص مراسم التدشين في أيوديا، من بينهم كوكبة من المشاهير وأصحاب المليارات، مثل القائد السابق لفريق الكريكت الوطني فيرات كوهلي وقطب بوليوود أميتاب باتشان.
ويعكف ناريندرا مودي مع حزبه على الترويج للهندوسية وإعلاء مقامها منذ وصوله إلى الحكم قبل 10 سنوات.
ورام من أهمّ الآلهة لدى الهندوس وهو ولد بحسب معتقداتهم في أيوديا قبل حوالى 7 آلاف عام في موقع شهد لاحقا تشييد المسجد البابري بمبادرة من إمبراطور مسلم في القرن السادس عشر.
واضطلع حزب بهاراتيا جاناتا الذي لم يكن وقتذاك في سدّة الحكم بدور حاسم في الحملة التي أفضت إلى تدمير المسجد، منظّما مسيرات في أنحاء البلد نشبت في أعقابها أعمال عنف طائفي.
القومية الثقافية
تولّت مجموعة كبيرة من النحّاتين التصاميم الخارجية للمعبد الذي كلّف تشييده حوالى 240 مليون دولار بتمويل من العامة، وفق القيّمين على المشروع.
ومن شأن تكريس مودي للمعبد إلى جانب كهنة هندوس أن يعزّز صورته باعتباره حامي العقيدة الهندوسية، قبل الانتخابات التشريعية المزمع انطلاقها في نيسان (أبريل).
ويعدّ حزب بهاراتيا جاناتا الأوفر حظّا بأشواط لتحقيق فوز ثالث متتالٍ، خصوصا بفضل سياسة رئيس الوزراء المحابية للهندوس.
وقرّرت أحزاب المعارضة مقاطعة مراسم التدشين، باعتبارها حدثا يكتسي ملامح حملة انتخابية.
وترى نيستولا هيبار رئيسة تحرير قسم السياسة في صحيفة "ذي هيندو" في هذه المراسم تجلّيا لـ "القومية الثقافية" التي ينتهجها الحزب الحاكم. وهي قالت في تصريحات لوكالة فرانس برس إن "التوقيت يتزامن مع استعداد حزب بهاراتيا جاناتا لخوض الانتخابات".
"قتل والتدمير"
يتحضّر الهندوس بحماس لهذه المناسبة. فبالنسبة إليهم، يتيح هذا المشروع إعادة الهيبة التي تتحلّى بها أيوديا في النصوص الهندوسية القديمة إلى مدينتهم.
ورُفعت أمام المنازل وواجهات المتاجر في البلد أعلام لونها أصفر زعفراني عليها صورة الإله رام ذي البشرة الزرقاء حاملاً قوسه ورمحه. وواكبت القنوات الإخبارية تطوّر أعمال تشييد المعبد.
ودُشّن مطار دولي جديد في مدينة أيوديا حيث فتحت أيضا فنادق جديدة لاستقبال ملايين الزوّار المرتقبين سنويا.
وينظر سكان أيوديا المسلمون الذين ما زالت أعمال العنف الدامية ماثلة في أذهانهم بعين الريبة إلى التطوّرات الأخيرة في مدينتهم.
وقال محمد شهيد (52 عاما) في تصريحات أدلى بها الشهر الماضي في أيوديا لوكالة فرانس برس "طارد جمعٌ والدي في الشارع. وضربوه بزجاج مكسور قبل أن يحرقوه حيّا".
وأردف "هذا المعبد بنظري لا يمثّل سوى القتل والتدمير".
التعليقات