إسلام أباد: يحظى نجم الكريكت الباكستاني السابق عمران خان والذي شغل منصب رئيس الوزراء بشعبية كبيرة في دائرته الانتخابية وموطن أجداده في ميانوالي، لكنه يغيب اليوم عن الملصقات السياسية في الشوارع.

والسبب حملة قمع تنسب إلى الجيش الباكستاني القوي لمحو عمران خان وحزبه "حركة إنصاف" تقريبا من الحملة الانتخابية قبل التصويت.

أكد جمال إحسان خان (61 عاما) المرشح عن "حركة إنصاف" في ميانوالي "يواجه العاملون في حزبنا مضايقات، وأنا شخصياً تلقيت تهديدات بالقتل".

وتابع "طوال حياتي، لم أشهد قط انتخابات بهذا القدر من الشدة والتهديد".

وتنظّم الدولة الواقعة في جنوب آسيا والتي يتخطى عدد سكانها 240 مليون نسمة انتخابات عامة في الثامن من شباط (فبراير)، لكن منظمات حقوقية تشكك في مصداقيتها على خلفية الحملة ضد حزب خان.

ورُفض ترشيح خان ومعظم قادة حزبه للانتخابات.

ومنع الحزب من تنظيم مسيرات، وقيدت وسائل الاعلام الخاضعة لرقابة شديدة في تغطيتها للمعارضة، ما دفع حملة الحزب الانتخابية بأكملها إلى الانترنت تقريبا.

ورفضت مفوضية الانتخابات أوراق عشرات من مرشحي الحزب على مستوى البلاد.

وكغيره من مرشحي الحزب، توارى إحسان خان عن الانظار تقريبا كل الفترة التي تسبق الانتخابات. ولم يكن قادرا على عقد اجتماعات أو توزيع منشورات.

وقال لفرانس برس "من المؤسف أنني كمرشح للحزب السياسي الرئيسي في باكستان، لا أستطيع إدارة حملتي بطريقة مجدية".

وبقي اسبوعان على الانتخابات، لكن تغيب الحماسة التي تميز الحملات الانتخابية في هذه البلاد.

"بطل"
انطلقت مسيرة خان السياسية من ميانوالي، المنطقة الريفية في مقاطعة البنجاب الوسطى، وانتخب ثلاث مرات نائبا في البرلمان.

ويلقى عمران خان الذي وصل إلى السلطة العام 2018 وأطيح بموجب مذكرة حجب ثقة في نيسان (أبريل) 2022، دعما شعبيا واسعا في باكستان.

وخان، نجم الكريكت السابق، ملاحق في إطار أكثر من 200 قضية منذ إطاحته ويعتبر أن هذه الملاحقات مدفوعة باعتبارات سياسية.

واتهم الجيش الذي سانده للوصول إلى الحكم في 2018 لكنه فقد دعمه لاحقا بحسب محللين، بالسعي إلى منعه من العودة إلى السلطة.

وفي المنطقة التي بنى فيها خان مستشفى وجامعة، فإنه "ليس مجرد شخصية سياسية، بل بطل"، على قول رنا أمجد إقبال، رئيسة تحرير صحيفة نوى شرار المحلية.

واوضحت الصحافية أن "السبب الرئيسي والأكثر أهمية لمكانته السياسية الدائمة يكمن في موقفه المناهض للمؤسسة" العسكرية.

ويؤكد خان من جهته أن الجيش متواطئ منذ سنوات مع الأسر التي حكمت باكستان لسحق حركته الشعبية ومنعه من الترشّح للانتخابات المزمع إجراؤها في شباط (فبراير).

واعتقل آلاف من مؤيدي عمران خان- وهناك نحو مئة منهم- نصفهم من ميانوالي بانتظار محاكمتهم أمام محاكم عسكرية. واعتقل كبار قادة الحزب واجبروا على العمل بسرية قبل انشقاق عشرات منهم.

ورأى المدرس المتقاعد اعجاز خان أن عمران "لا يزال يحظى بشعبية لدى الجمهور، لكنه غير مقبول" بالنسبة للجيش.

تغييب
خسر الحزب في وقت سابق هذا الشهر معركة أساسية في المحكمة العليا في البلاد للاحتفاظ برمزه الانتخابي وهو مضرب الكريكت، في انتخابات الشهر المقبل.

ولطالما استخدم حزب "حركة إنصاف" المنتمي إليه نجم الكريكت الدولي السابق مضرب الكريكت رمزا انتخابيا لتمكين الناخبين من الاقتراع له في بلد يبلغ فيه معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين 58 بالمئة فقط، وفق بيانات البنك الدولي.

وبات يتعين على مرشحي حركة إنصاف اختيار رموز فردية.

في مينوالي، أمرت لجنة الانتخابات مرشح "حركة إنصاف" احسان خان باستخدام زجاجة كرمزه الانتخابي، وهو رمز ينظر إليه بازدراء في المناطق الريفية لارتباطه بالكحول.

أما منافسه، المرشح عن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية الذي يتزعمه رئيس الوزراء نواز شريف، فيعقد اجتماعات علنية مع القرويين الذين يؤكد زعماؤهم دعمهم الكامل له، أملا بخدمات مستقبلية.

وكان شريف الذي شغل منصب رئيس وزراء باكستان ثلاث مرات، أقيل من منصبه كرئيس للحكومة في العام 2017 بأمر من المحكمة العليا بسبب قضية فساد.

وأودع نواز شريف السجن لعشرة أشهر قبل الافراج عنه لأسباب طبية وذهابه إلى لندن لتلقي العلاج في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، حيث بقي حتى عودته إلى باكستان في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي.

ويرى محللون سياسيون أن شريف توصل إلى اتفاق مع قادة الجيش للتمكن من العودة، وأنه قد يعيد حزبه الرابطة الإسلامية الباكستانية، إلى السلطة.

وعلى الرغم من تغييبه، يبدو أن شعبية عمران خان ما زالت قوية لدى الناخبين.

وسيشارك حنظلة بن شكيل (23 عاما) الطالب في علوم الحاسوب في الانتخابات للمرة الأولى في حياته، مؤكدا "سأصوت لصالح (عمران خان) لأنه الوحيد الذي يهتم حقا بهذه البلاد. الآخرون يقدمون مصالحهم الشخصية".