نبدأ جولتنا في عرض الصحف من الغارديان البريطانية، التي نشرت مقالاً للكاتب المتخصص في الشؤون الخارجية سيمون تيسدال حول التوتر القائم في منطقة الشرق الأوسط وتبعات مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، وجرح العشرات لدى استهداف قاعدة أمريكية في الأردن بطائرة مسيرة، وتوجيه الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى إيران.
تحت عنوان "هناك قنبلة هائلة تنتظر الانفجار في الشرق الأوسط، وعلى بايدن أن لا يُشعل الفتيل بمهاجماه إيران"، يقول الكاتب إن هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حماس على إسرائيل أشعل فتيلاً يحترق تحت الشرق الأوسط برمته، وإن قنبلة هائلة موصولة به، ويقصد بذلك حرباً مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، باتت على وشك الانفجار، بما لذلك من عواقب وخيمة.
ويقول الكاتب: "مع كل يوم يستمر فيه القصف الإسرائيلي غير المشروع لغزة، ومع كل تقدير جديد لعدد القتلى من الفلسطينيين بعشرات الآلاف، فإن الانفجار الكبير يقترب أكثر. كما أن العنف من البحر الأحمر إلى العراق وسوريا ولبنان، والذي يضم بشكل أساسي ميليشيات مدعومة من إيران ومؤيدة للفلسطينيين، يتعاظم بلا هوادة".
ويتساءل كاتب المقال حول أهمية الهجوم الذي وقع الأحد على قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن قائلاً: "هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟ هل هذه هي النهاية؟ وهل باتت القنبلة على وشك الانفجار؟"
ويقول الكاتب إن إيران تصر على عدم مسؤوليتها عن الهجوم، لكن قلة في واشنطن هي من تصدق هذه الادعاءات، بالنظر إلى التاريخ الطويل من الدعم الإيراني والتدريب والتسليح لوكلائها في المنطقة، في استمرار للسياسة التي كان قد أرساها الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني 2020.
ويرى الكاتب أيضاً أن إيران، التي لديها هدف استراتيجي يتعلق بطرد القوات الأمريكية من قواعدها في العراق وسوريا والخليج وإنهاء الوجود الأمريكي في نهاية المطاف في منطقة تسعى إيران للهيمنة عليها، قد وجدت في هجوم السابع من أكتوبر والرد الإسرائيلي "البغيض" المدعوم أمريكياً فرصة لا تعوض لتحقيق هدفها.
ويقول إنه "من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان الهجوم في الأردن تصعيداً متعمداً من جانب إيران وحليفها المحلي، ميليشيا المقاومة الإسلامية العراقية. فهو قد يكون مجرد هجوم عشوائي آخر بمسيرة انتهى بالنجاح، بخلاف العديد من العمليات المماثلة".
- هل تستطيع الهجمات الحوثية في البحر الأحمر إلحاق ضرر بالاقتصاد والأمن العالمي؟
- كيف نقرأ استهداف السفن في البحر الأحمر؟
- ما الذي نعرفه عن قصف مركز الأونروا في خان يونس؟
ويرى الكاتب أن هناك سيناريوهين اثنين للرد الأمريكي المرتقب: فإذا اقتنعت الولايات المتحدة أن من أطلقوا المسيرة ببساطة حالفهم الحظ بسبب عطل في منظومة الدفاع الصاروخي في القاعدة، فإنها في هذه الحالة قد تحصر هجماتها الانتقامية بقواعد الميليشيا التي انطلق منها الهجوم. ولكنها إذا خلصت إلى أن الهجوم كان تصعيدياً بصورة متعمدة، فإن الرد سيكون عقابياً وقد يشمل أصولاً وأراض إيرانية.
وفي كل الأحوال، يعتقد كاتب المقال أن هناك ضغطاً سياسياً هائلاً على الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سيواجه على الأرجح المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، الذي يزعم أن بايدن كان ضعيفاً في الرد على هجمات سابقة وحاول أن يسترضي إيران خلال المحادثات حول الملف النووي الإيراني وفي صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين إسرائيل وحماس. وهذا الضغط هو باتجاه الذهاب إلى الحرب مع إيران.
ويقول الكاتب إن رداً عسكرياً مباشراً من جانب الولايات المتحدة على إيران نفسها سيكون "كارثياً، حيث أنه سيطيل الحرب في غزة، وسيشعل بالتأكيد فتيل هجوم شامل من حزب الله على إسرائيل. وقد يحول المعارك المحلية المستعرة في العراق وسوريا إلى جحيم ويزعزع استقرار أنظمة صديقة في مصر والأردن والخليج"، وسيقسم الدول الديمقراطية الغربية بين مؤيد للولايات المتحدة ومعارض لها.
ويختم المقال بالقول إن المسار الآمن والأكثر حكمة للأحداث هو أن يقوم بايدن بمعالجة جذور المشكلة بدون تأخير. ويقول إن على بايدن "أن يطالب بوقف القصف الإسرائيلي لغزة، وأن يفرض وقفاً لإطلاق النار يؤدي إلى الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وأن يقود تحركاً دولياً ذا مصداقية يؤدي في النهاية إلى إيجاد حل الدولتين في فلسطين".
أهمية القوة البحرية
ننتقل إلى صحيفة "معاريف" الإسرائيلية التي تنشر مقالاً لسفير إسرائيل السابق لدى الولايات المتحدة، زلمان شوفال، حول حاجة إسرائيل إلى تطوير سلاحها البحري في ضوء التهديدات لأمن التجارة العالمية التي يشهدها البحر الأحمر بعد الهجمات التي يشنها الحوثيون منذ نوفمبر/تشرين الثاني على سفن يقولون إنها إما إسرائيلية أو متهجة إلى إسرائيل.
يقول الكاتب إن الحوثيين يربطون هجماتهم، ومن بينها الهجوم الصاروخي الذي استهدف ناقلة نفط بريطانية مؤخراً، بما يجري من حرب في قطاع غزة، لكن الحقيقة، كما يراها الكاتب، هي أن الهجوم على الناقلة هو جزء من الهجوم الكلي الذي توجهه إيران ضد المصالح الغربية، وبخاصة الأمريكية والبريطانية، في الشرق الأوسط، والذي يشمل أيضاً هجمات تشنها منظمات إرهابية شيعية ضد الجنود الأمريكيين.
ويرى الكاتب أن "الرد الأمريكي على الهجمات كان حتى الآن معتدلاً، انطلاقاً من رغبة الولايات المتحدة في تجنب تصعيد إقليمي تعتقد أنه قد يقود إلى حرب ضد إيران نفسها. لكن مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة عند الحدود الأردنية-السورية من جانب مسيرة لميليشيا شيعية قد يغير ذلك".
ويقول الكاتب إن "الولايات المتحدة ليس لديها أوهام بشأن الدور الإيراني في الأحداث، لكن نيتها في هذه المرحلة هي الوصول إلى تفاهم معها، بما في ذلك حول المسألة النووية"، وهذا قد يتغير في ظل الضغط المتزايد من جانب الجمهوريين في الكونغرس وبفعل عوامل أخرى لاتخاذ تدابير أشد، بحسب الكاتب.
ويعتقد كاتب المقال أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر مثلت نقطة تحول، حيث إنها بالإضافة إلى الخطر الاستراتيجي الذي تمثله، عملت على مراكمة مشاكل إضافية بالنسبة للاقتصاد العالمي في مرحلة صعبة. ولهذا السبب أعلنت الولايات المتحدة عن تشكيل قوة بحرية دولية من أجل ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، ومنذ ذلك الحين تشن غارات جوية شبه يومية على أهداف للحوثيين في البحر والبر.
ويقول إن الأزمة في البحر الأحمر قادت إلى تقديرات جديدة في الغرب تتعلق بأهمية القوات البحرية، وبخاصة الغواصات، في ردع الجماعات الإرهابية مثل الحوثيين والأعداء الأشد خطورة.
ويضيف أن "الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، على سبيل المثال، خلصت بالفعل إلى استنتاجات عملية، حيث خصصت الأخيرة مليارات الدولارات في ميزانيتها للعقود القادمة من أجل استئجار غواصات من الولايات المتحدة وبناء غواصات في أحواض بناء السفن البريطانية".
ويختم بالقول إن "إسرائيل هي قوة عظمى 'مصغرة' برياً وجوياً، ولكن ليس قوة بحرية. وهذا يجب أن يتغير نتيجة لضرورة استراتيجية لتأمين سلاسل الإمداد منها وإليها، وآبار الغاز وشبكات الاتصالات وأنابيب الغاز المقررة تحت الماء. لذا فإن من الواضح أن من قرر أنه يجب على سلاح البحرية الإسرائيلي شراء عدد أكبر مما كان مقرراً من الغواصات كان محقاً في قراره".
تصفية "الأونروا"
ونختم الجولة من صحيفة الأيام الفلسطينية بمقال للدكتورة سنية الحسيني، وهي ابنة القيادي الفلسطيني الراحل فيصل الحسيني، حول ما تراه من حملة إسرائيلية "ممنهجة" على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التابعة للأمم المتحدة، بزعم مشاركة 12 من موظفيها في هجوم السابع من أكتوبر، المعروف فلسطينياً باسم "عملية طوفان الأقصى".
وتحت عنوان "عن تصفية الأونروا ومؤامرة التهجير"، تقول كاتبة المقال إنه "ورغم أن العلاقة بين الاحتلال ووكالة الغوث لم تكن ودية طوال السنوات الماضية، وواجهت العديد من التحديات في الماضي، إلا أن حيثيات الصدام وتوقيته هذه المرة يحمل أبعاداً جديدة، ترتبط بمهمة ودور الأونروا الضروري في غزة خلال هذه الحرب المدمرة، كما يتعلق أيضاً بأهداف ومخططات الاحتلال من الحرب التي تسببت حتى الآن في تهجير معظم سكان القطاع عن منازلهم، ودعوات الاحتلال لتهجيرهم إلى خارج القطاع أيضاً".
وعلى الرغم من أن إنشاء وكالة غوث وتشكيل اللاجئين جاء في بداية عهدها بمبادرة غربية، بعد نكبة الفلسطينيين عام 1948، فإن الكاتبة ترى أن "بقاءها بات بعد ذلك ضرورة لحماية مستقبل هذه القضية".
وتقول كاتبة المقال إنه بعد إنشاء منظمة التحرير وفرض القضية الفلسطينية في المحافل الدولية كقضية احتلال، ومنظمة التحرير كحركة تحرر وطني، بدأ الدور الذي تلعبه وكالة الغوث الأممية يتخذ بعداً مختلفاً، تمثل في صمود اللاجئين خارج وطنهم، وحماية حقوقهم. وتضيف أن "ذلك يفسر السبب في موقف إسرائيل المعادي لهذه الوكالة الدولية، التي تتهمها بتخليد قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يتعارض مع أهداف الاحتلال.
وبحسب الكاتبة، فإن إسرائيل خلال الحرب على غزة "لم تخف موقفها من الأونروا، فقد صرح يسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي، أن حكومة الاحتلال ستعمل على منع الوكالة من العمل بعد الحرب، وجاء ادعاء الاحتلال الأخير بمشاركة 12 موظفاً من موظفيها في عملية طوفان الأقصى، من بين أكثر من 30 ألف موظف آخرين يعملون لخدمة الفلسطينيين، والذين استُشهد من بينهم 142موظفاً في هذه الحرب الجارية حالياً في غزة، في خضم كل تلك التطورات، ليعكس النوايا المبيّتة للاحتلال".
وترى كاتبة المقال أن الإدعاء الإسرائيلي الأخير بحق "الأونروا" جاء بعد ساعات فقط من رفض محكمة العدل الدولية مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى جنوب أفريقيا، ومطالبتها باتخاذ تدابير فورية لوقف استهداف المدنيين، في إحراج كبير لدولة الاحتلال.
وكانت الوكالة قد قدمت تقريراً حول هجوم إسرائيل الحالي على غزة واستخدمت المحكمة ذلك التقرير للوكالة، في القضية التي تنظرها ضد إسرائيل، بشأن ارتكابها جرائم إبادة جماعية في غزة.
تقول سنية الحسيني إن "سياسة التشكيك الإسرائيلية بمصداقية الوكالة ليست بالجديدة، فقد شككت فيها أكثر من مرة من قبل، كما أنها اتهمت منظمة الصحة العالمية بدعم 'الارهاب'، في إشارة لحركة حماس، ومحكمة العدل الدولية بمعاداة السامية، كما شككت بمصداقية المحكمة الجنائية الدولية، بعد قرارها بوجود اختصاص للمحكمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتختم بالقول إن "سكان غزة اليوم بحاجة لوجود الأونروا، في ظل الظروف المعقدة التي يعيشونها، رغم صعوبة عملها وممارسة مهامها، وهي الجهة الأهم التي يمكن أن تعمل كوسيط بين خارج غزة وداخلها، لإدخال المساعدات وتنظيم توصيلها والحد من الاضطرابات المصاحبة. ويبدو أن نية إسرائيل استغلال الظروف القائمة للتخلص من دور الوكالة في غزة، يرتبط بنيتها في المضي قدماً بتحقيق مخططاتها بالتهجير، وإبعاد الوكالة الدولية من الطريق، في ظل اشتداد وطيس الحرب".
التعليقات