تطرقت صحف عالمية وإسرائيلية وعربية إلى حرب غزة، مع الحديث عن عملية عسكرية برية قد ينفذها الجيش الإٍسرائيلي في رفح جنوبي القطاع. وعرضت صحف سبلاً لإنهاء الحرب، و حذرت أخرى من عواقب وخيمة حال تنفيذ اجتياح بري، بينما وضعت بعض الصحف تصوراً لمستقبل غزة ومرحلة ما بعد الحرب.
تحت عنوان "حرب إسرائيل في غزة تتوقف بالكامل على رأي يحيى السنوار"، يتطرق الكاتب الإسرائيلي ميكا هالبرن من صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى دور رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، في الحرب الدائرة الآن.
ويوضح هابرن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغطاً هائلاً في الداخل الإسرائيلي، فضلاً عن الضغوط الدولية من القوى الإقليمية.
لكنه يشير إلى الضغط الأكبر الذي يمارسه البيت الأبيض، بحسب تعبيره.
ويرى كاتب المقال أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لأسباب عسكرية فحسب، بل "يعتقد أن حرب إسرائيل ضد حماس في غزة قد تعرض فرص انتخابه (مجدداً) في نوفمبر/تشرين الثاني القادم للخطر، ولهذا السبب يريد البيت الأبيض من إسرائيل أن توقف الحرب الآن".
حرب غزة: الموت وبحث إسرائيل عن "النصر الكامل"
حرب غزة: ما الذي يحدث في مدينة رفح؟
ويستطرد الكاتب في مقاله قائلاً إن الحرب ستنتهي لا محالة، ليس بسبب الضغوط التي يتعرض لها نتنياهو، ولكن لأنها يجب أن تقضي على يحيى السنوار.
ويصف الكاتب الإسرائيلي السنوار بأنه "محور" الحرب الحالية.
#عاجل في هذا المساء، ننشر لقطات للقاتل الجماعي والعقل المدبر لمجزرة حماس في 7 أكتوبر الماضي - يحيى السنوار.
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) February 13, 2024
هذا الفيديو هو واحد من العديد من مقاطع الفيديو التي حصلنا عليها منذ 7 أكتوبر.
وفي الوقت الذي يعاني فيه سكان غزة فوق الأرض، يختبئ السنوار في الأنفاق تحتهم... يركض كالجبان،… pic.twitter.com/KN94gTXc48
ويقول الكاتب إنه لا يأبه بمصير السنوار سواء قُتل، أو أُلقي القبض عليه، أو انتحر، أو هرب إلى مصر ثم إلى أبعد من ذلك، أو ما إذا كان جزءاً من صفقة رهائن تسمح له بالذهاب إلى منفىً.
إذ يوضح أن اعتقال السنوار "ليس مجرد لفتة رمزية أو نصراً باهظ الثمن" .
فإن الأمر الأهم بالنسبة له هو "أن السنوار يجب ألا يكون موجوداً ولا يشكل تهديداً بعد الآن"، وأن لا يكون قادراً على تحدي إسرائيل، وتحفيز حماس، ولو من بعيد.
ويرى ميكا هالبرن أن السنوار هو "الرجل الذي يحدد مصير حرب إسرائيل وحماس"، إذ إن بقاءه يعطي دفعة لمقاتلي حماس إلى مواصلة قتالهم و"إذا تمكن قائدهم من البقاء على قيد الحياة، فسيمكنهم كذلك البقاء على قيد الحياة ومواصلة القتال".
ويوضح كاتب المقال الإسرائيلي أن الحصول على السنوار "لا يعني مجرد قطع رأس ثعبان حماس"، إذ أنه لا يمكن لأي شخص آخر داخل قطاع غزة أن يحل محله.
فأولئك الذين يقيمون خارج القطاع، لا يتمتعون بالمصداقية، لأنهم لا يملكون الجاذبية اللازمة لتحفيز حماس على مواصلة حربها.
لكن استمرار السنوار في البقاء هو ما يعدّ مصدراً لإلهام مقاتلي حركة حماس، كما يقول الكاتب.
لماذا لا تمنع الولايات المتحدة هجوماً برياً في رفح؟
وننتقل إلى مقال رأي آخر بعنوان "بإمكان الولايات المتحدة إيقاف الفظاعات التي تُرتكب، اليوم، في رفح. فلماذا لا تفعل؟" في صحيفة الغارديان البريطانية للكاتب بول روجرز، وهو أستاذ فخري لدراسات السلام في جامعة بريدفورد.
ويحذر الكاتب البريطاني من أن أي هجوم بري إسرائيلي على مدينة رفح ستكون له مخاطر، وسيؤثر مباشرة على المدينة ومحيطها الذي يأوي "حوالي 1.5 مليون شخص، كثير منهم في خيام واهية، في ظل شحّ الطعام والمياه النظيفة، فضلاً عن قلة الدعم الطبي".
ويرى بول روجرز أن الولايات المتحدة بمقدورها إيقاف اجتياح رفح البري، إذ إن "إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري الأمريكي ولا يمكنها مواصلة الحرب لفترة طويلة بدونها".
كما يقول روجرز إن إدارة بايدن وجهت رسائل قوية، على نحو متزايد، إلى نتنياهو، للحد من الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، لكنها لم تنجح كثيراً".
ويفسر كاتب المقال عدم نجاح هذه الرسائل بأن "الإسرائيليين يعرفون أنهم يستطيعون تجاهل بايدن دون عواقب".
ووفقاً للكاتب البريطاني، لن تكون هناك عواقب لتجاهل بايدن "لأنه من المؤكد أن اللوبي الإسرائيلي قوي للغاية في واشنطن، وأن علاقات البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) مع إسرائيل عميقة".
ويستطرد الكاتب موضحاً أن هذه العلاقة القوية بين البنتاغون وإسرائيل وُطدت بشكل كبير، عندما طُلبت مشورة إسرائيل إبان حرب العراق عام 2003، وحتى الآن تتمركز القوات الأمريكية بشكل دائم في إسرائيل، وتُدير منشأة رئيسية للإنذار المبكر بالرادار.
ويرى الكاتب أن هناك سبباً آخر لبسط نفوذ إسرائيل داخل الولايات المتحدة، وهو وجود مجموعة الضغط الإسرائيلية الرئيسية، أو "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" المعروفة اختصاراً باسم "ايباك"، ذات الدور الفعال.
بيد أن هناك أيضاً منظمات يهودية أمريكية في واشنطن غير راضية عن الحرب، مثل مجموعة "جيه ستريت (J Street)، بحسب الكاتب.
ويضيف كاتب المقال أن هناك جزءاً مفقوداً من موقف بايدن، وهو الفائدة التي تكتسبها إسرائيل من دعم المسيحيين لها داخل الولايات المتحدة.
إذ أنه من بين حوالي 100 مليون مسيحي إنجيلي في الولايات المتحدة "هناك أقلية كبيرة تتمسك بالاعتقاد بأن إسرائيل جزء أساسي من خطة الرب المسيحي ليوم القيامة"، وفقا لتعبير الكاتب البريطاني بول روجرز.
كما يعتقد كثير منهم، حسب ما يقول الكاتب "أن المعركة النهائية ستكون على أرض إسرائيل بين الخير والشر، وأن ذلك جزء من خطة الله لأن تصبح إسرائيل دولة يهودية".
ويختتم الكاتب البريطاني بول روجرز مقاله، مستشهداً بتصريحات كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ومنسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عندما قالا إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في المساعدات العسكرية لإسرائيل.
ويضيف الكاتب أن "هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود على وجه السرعة، إن كنا نريد منع وقوع كارثة أعظم".
"صراع لا يمكن التخلص منه أو إدارته"
نختتم جولة عرض الصحف بمقال رأي في صحفية القدس الفلسطينية، بعنوان "اليوم التالي خطوة خطوة" للكاتب الإسرائيلي غيرشون باسكن، مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة "المجتمعات الدولية".
ويري كاتب المقال "أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يعرض للخطر أمن المنطقة والتجارة العالمية وربما يولّد صراعات أوسع نطاقا. وهذا صراع لا يمكن التخلص منه أو إدارته".
ويحاول غيرشون باسكن من خلال هذا المقال وضع تصور لمرحلة ما بعد حرب غزة.
ويستهل الكاتب مقاله باقتراح اعتراف الولايات المتحدة ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى "بدولة فلسطين"، خلال مدة لا تتجاوز عامين.
فبالنسبة له، "لا يوجد حل الدولتين دون الاعتراف الكامل بدولة فلسطين".
ويرى الكاتب أنه بعد الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كحكومة لدولة فلسطين، يجب إعداد قوانين دستورية جديدة يتم التصديق عليها خلال برلمان ديمقراطي منتخب.
وفي هذا الصدد، يقترح كاتب المقال أن تتضمن القوانين التي سيُشرعها البرلمان المنتخب حينها، استقلال السلطة القضائية و"نقل السلطة من الرئاسة إلى البرلمان والحكومة المنتخبين اللذين سيتعين عليهما الفوز بتصويت على الثقة".
ومن ثم سُيحول منصب الرئاسة إلى منصب شرفي، بحسب الكاتب.
ويوصى كاتب المقال "بأن تدخل إسرائيل في حوار جدي مع مروان البرغوثي بهدف إطلاق سراحه وتمكينه من المشاركة في الانتخابات الفلسطينية، بشرط موافقته على التخلي عن الكفاح المسلح".
كما يقترح كذلك أن يحظر قانون الانتخابات الجديد، حال إقراره، "مشاركة الأحزاب السياسية التي تدعم الكفاح المسلح".
وبعدها تؤسس "سلطة إدارة فلسطينية مؤقتة تحت إشراف السلطة الفلسطينية" المنتخبة حديثاً، لمدة لا تزيد عن عامين، ويرأس تلك السلطة أشخاص "تكنوقراط"، أغلبيتهم من سكان غزة.
كما يرى كاتب المقال أنه يتعين أن تضم السلطة المنتخبة بعضاً من سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة الذين لا ينتمون إلى أي فصيل سياسي.
ووفقاً لرؤية الكاتب، ستنتهي الحرب بعد ذلك في غزة، "وستنسحب إسرائيل إلى الحدود الدولية".
لكن الكاتب يرى أنه بعد هذا الانسحاب، يجب أن تدعو السلطة الإدارية الفلسطينية المنتخبة حديثاً، قوة عربية متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة لنزع الأسلحة "التي لا تقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية"، وتفكيك الأنفاق وضمان الهدوء، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي .
ويتطرق المقال إلى مصير قادة حركة حماس، ويقترح منحهم "فرصة الخروج من قطاع غزة" إلى أي دولة أو البقاء في القطاع، من دون شغل أي منصب قيادي.
التعليقات