وفقاً لوزارة الصحة في غزة، فإن حادثة شارع الرشيد التي وقعت الخميس 29 فبراير شباط، والتي سُميت بـ "مجزرة الطحين" أو "مجزرة لقمة العيش"، راح ضحيتها أكثر من 115 قتيلاً و760 جريحاً، في حادث دفع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى الإعراب عن شعوره بـ"الرعب" إزاء "مذبحة أخرى بين المدنيين في غزة الذين هم في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية".
يأتي هذا الحادث في وقت شديد الحساسية، إذ تسعى أطراف عدة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ووضع حد للحرب الدامية المستمرة منذ نحو خمسة أشهر.
ويرى ماجد الزير الرئيس التنفيذي للمجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية في بروكسل، أن "مجرزة الطحين"، ستكون "نقطة قوية" لصالح الطرف الفلسطيني، لاسيما بعد رد الفعل العالمي "العارم والغاضب".
وأضاف لبي بي سي أن "الضغط" من الولايات المتحدة ومن قادة أوروبا مع إدانة "هذه المجازر" سيكون له أثر لصالح الفلسطينيين و"سيضعف" موقف الطرف الإسرائيلي في المفاوضات حسب تعبيره.
كيف تفاعل مستخدمو مواقع التواصل مع "مجزرة الطحين"؟
واشنطن ترى أن الحادث يُعقّد المفاوضات
وبينما يقول البيت الأبيض إن مقتل أكثر من 100 فلسطيني في هذا الحادث في غزة، سيدفع بالمحادثات قدما، إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يرى أن الحادث "قد يُعقّد المفاوضات".
وقد صوتت الولايات المتحدة ضد قرار في مجلس الأمن يحمل إسرائيل مسؤولية الحادث.
من جانبه أكد القيادي في حماس، عزت الرشق، أن الحركة الفلسطينية أكدت للإدارة الأمريكية وللوسطاء أنّ المفاوضات "ليست عملية مفتوحة".
وأضاف الرشق في بيان نُشر على تلغرام أن حماس لن تسمح بأن يكون مسارها الذي تسعى من خلاله لإنهاء معاناة الفلسطينيين، "غطاء لاستمرار العدو في جرائمه بحق شعبنا في قطاع غزة".
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الحادث الذي وقع الخميس، "من الممكن أن تستفيد منه واشنطن لتكثيف الضغط على إسرائيل لتقييد نشاطها العسكري والموافقة على تسوية سريعة".
ومع ذلك، فإن السيناريو "الأكثر تشاؤماً" وفق عاموس هاريل، المحلل العسكري بالصحيفة الإسرائيلية، هو أن إسرائيل "قد تواجه مطلباً دوليا شاملا وأكثر إصراراً بوقف إطلاق النار دون التوصل إلى حل، ولو جزئيا، لرهائنها".
سقف توقعات حماس
يرى المحلل السياسي مكرم خوري أن مفاوضات وقف إطلاق النار ستكون أصعب؛ لأن حماس "سترفع من سقف مطالبها لتجنب تكرار ما حدث".
وأضاف لبي بي سي أن أهم بنود المفاوضات تتمحور حول ثلاث نقاط، أولها؛ المساعدات الإنسانية "بعدد كبير كي تكفي قطاع غزة الذي يموت ببطء ويتضور جوعاً"، مضيفاً أن هذه "مسألة حياة أو موت".
أما النقطة الثانية فتتمثل في الانسحاب العسكري الإسرائيلي إلى أبعد نقطة تكون قريبة من "الحدود" عند معبر إيريز، وإعادة الدعم المالي الدولي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وبالنسبة للنقطة الثالثة، فقد اتفقت الفصائل الفلسطينية المجتمعة في موسكو، الجمعة، على ضرورة "إجبار" الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من قطاع غزة، ومنع محاولات تكريس احتلاله أو سيطرته على أي جزء من قطاع غزة بحجة مناطق عازلة، بحسب البيان.
وأوضح الدكتور خوري أن حماس ستشدد وتزيد طلباتها بسبب "انعدام الثقة" تجاه الجيش الإسرائيلي، وستكون "مسألة إطلاق النار حاسمة لا تقدم بدونها".
أمل منتظر
نقلت قناة القاهرة الإخبارية شبه الرسمية عن مصادر رفيعة المستوي وكذلك وكالة رويترز، أنه من المنتظر استكمال مباحثات التوصل إلى هدنة في قطاع غزة الأحد 3 مارس آذار بالقاهرة، دون تفاصيل أخرى.
وأكدت المصادر أنه جرى الاتفاق على مدة الهدنة في غزة، وإطلاق سراح الرهائن، موضحة أن إتمام صفقة تبادل الرهائن والمعتقلين لا يزال يتطلب الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من شمال غزة وعودة سكانه.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد صرح على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا، أن بلاده تأمل أن تفلح المحادثات بشأن غزة في التوصل إلى اتفاق لوقف أعمال القتال في القطاع قبل بداية شهر رمضان.
وقال شكري: "نأمل أن نتمكن من التوصل إلى وقف للأعمال القتالية وتبادل الرهائن. يدرك الجميع أن لدينا فترة محدودة للنجاح قبل بداية شهر رمضان"، بحسب بيان للخارجية المصرية.
ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين، الجمعة، أن إسرائيل أبلغت الوسطاء في كل من مصر وقطر، أنها لن تشارك في جولة أخرى من المحادثات بشأن صفقة إطلاق سراح "المختطفين، حتى تقدم حماس قائمة المختطفين الذين ما زالوا على قيد الحياة".
وقال مسؤولون إسرائيليون كبار إنه بعد ثلاثة أيام من المحادثات في قطر، عاد الوفد الإسرائيلي إلى إسرائيل دون إجابات، وكشفت القناة 12 الإسرائيلية أن وفدا إسرائيلياً زار القاهرة الأسبوع الماضي لمناقشة تفاصيل صفقة رهائن محتملة مع مسؤولين مصريين.
وبحسب التقرير، قدم الوفد الإسرائيلي لمصر قائمة بأسماء "المعتقلين الأمنيين" الفلسطينيين الذين لا تريد إسرائيل الإفراج عنهم إذا جرى التوصل إلى اتفاق مع حماس.
وقال المحلل السياسي مكرم خوري إن "رفض إطلاق سراح بعض القيادات يؤكد أن إسرائيل تخشى الوقوع تحت ضغط الشارع الفلسطيني والمجتمع الدولي بالتوصل لإقامة دولة فلسطينية".
مروان البرغوثي: هل يكون الرئيس المقبل للفلسطينيين؟
أهمية التوقيت
أكد ماجد الزير، الرئيس التنفيذي للمجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية في بروكسل على أهمية مباحثات القاهرة من حيث "التوقيت والأجواء والبيئة".
وأوضح لبي بي سي أنه يعتقد أن "مصر تستطيع أن تلعب دورا مهما لأن معبر رفح، ومصر لها ثقلها"، مضيفاً أن رفض مصر المبكر للتهجير "غير المسار الدولي" بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأكد الزير أن الدور الضاغط الإقليمي يمكن أن يؤثر على وقف "العدوان والجرائم"، لاسيما وأنه يرى أن "العالم كله الآن مهيأ بشكل واضح لما يمكن أن يكون وقفاً فورياً للعدوان".
وقال إن "زحزحة الموقف الأوروبي والأمريكي باتجاه الاقتراب من لجم أو الضغط على صانعي القرار في إسرائيل سيكون له أثره في هذا المجال، إلى جانب المعادلة الداخلية الإسرائيلية".
التعليقات