كشف وزراء في بريطانيا عن تعريف جديد للتطرف ستُحرم بموجبه هيئات معينة من التمويل الحكومي والاجتماع بالمسؤولين.
وينطبق القانون على الجماعات التي تروج لأيديولوجية تقوم على "العنف أو الكراهية أو التعصب"، دون تجريمها.
وقال وزير المجتمعات المحلية مايكل غوف إن تصاعد التطرف منذ الحرب بين إسرائيل وغزة يشكل "خطراً حقيقياً" على المملكة المتحدة.
وقد واجه الخطاب الحكومي الأخير حول التطرف، انتقادات من المدافعين عن الحريات المدنية والمنظمات المجتمعية وأعضاء في البرلمان.
وحذر جوناثان هول، المراجع الحكومي المستقل لتشريعات الإرهاب، من أن السياسة الجديدة "قد تقوض سمعة المملكة المتحدة؛ حيث سيُنظر إليها على أنها غير ديمقراطية".
ولم يُكشف النقاب بعد عن الجماعات أو المنظمات التي تنوي الحكومة تصنيفها بالتطرف، لكن الأخيرة وعدت بنشر قائمة في الأسابيع المقبلة، تستهدف الإسلاميين والنازيين الجدد.
وقالت زارا محمد، رئيسة المجلس الإسلامي في بريطانيا، لبي بي سي نيوز نايت، إن التعريف الجديد سيؤدي إلى "استهداف غير عادل للمجتمعات الإسلامية".
وقد قلصت الحكومة بالفعل تعاملاتها مع المجلس الإسلامي البريطاني، أكبر جماعة إسلامية في بريطانيا، وقيدت اتصالاتها مع مختلف الإدارات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وقف رئيس الوزراء ريشي سوناك خارج داونينج ستريت وقال إن هناك "قوى هنا في الداخل تحاول تمزيقنا".
وفي معرض مناقشة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين التي اندلعت منذ حرب غزة، قال: "في مناسبات عديدة في الآونة الأخيرة، اختطفت شوارعنا مجموعات صغيرة معادية لقيمنا، ولا تحترم تقاليدنا الديمقراطية".
ريشي سوناك يدين أعمال العنف في المظاهرات
كيف أشعلت حرب غزة مواجهة بين عمدة لندن وحكومة حزب المحافظين؟
بموجب التعريف الجديد، الذي يدخل حيز التنفيذ يوم الخميس، فإن التطرف هو "الترويج أو الدعم لأيديولوجية قائمة على العنف أو الكراهية أو عدم التسامح، تهدف إلى:
- إلغاء أو تدمير الحقوق والحريات الأساسية للآخرين
- تقويض أو قلب أو استبدال نظام المملكة المتحدة للديمقراطية البرلمانية الليبرالية والحقوق الديمقراطية
- تهيئة ظروف عن عمد تسمح للآخرين بتحقيق النتائج في (1) أو (2).
التعريف السالف للتطرف، الذي جرى تقديمه في عام 2011 في إطار استراتيجية الوقاية، وصف التطرف بأنه "معارضة صريحة أو نشطة للقيم البريطانية الأساسية، ومنها الديمقراطية وسيادة القانون والحرية الفردية والاحترام المتبادل والتسامح بين الأديان والمعتقدات المختلفة".
وتقول الحكومة إن القانون الجديد "أضيق نطاقاً وأدقّ" وسيساعد في "التعبير بوضوح" عن كيفية "إثبات" التطرف في السلوكيات.
ومع ذلك، تقول إن ثمة "عائق كبير" أمام تصنيفك على أنك متطرف، وأن السياسة لن تستهدف من لديهم "معتقدات خاصة وسلمية".
ولن توصف المنظمات أو الأفراد المُدرجون على القائمة الجديدة بالإجرام، على عكس الجماعات الإرهابية، لكنهم سيُمنعون من الاتصال بالحكومة ولن يتمكنوا من تلقي التمويل الحكومي.
وإلى جانب إعادة تعريف التطرف، أُنشئت وحدة جديدة وهي مركز التميّز لمكافحة التطرف، بهدف جمع المعلومات الاستخبارية وتحديد الجماعات المتطرفة.
ويحق للهيئات والأفراد المصنفة بأنها متطرفة، طلب إعادة التقييم وتقديم أدلة جديدة للمراجعة.
وإذا استمرت عدم الموافقة، يمكنهم الطعن في قرار الحكومة من خلال مراجعة قضائية قد تكون مكلفة.
وقال غوف، عند إعلانه عن هذا الإجراء الجديد، إن "قيمنا المتمثلة في الشمولية والتسامح تتعرض لتحدٍ من المتطرفين".
وأضاف: "في سبيل حماية قيمنا الديمقراطية، من المهم أن نعمل على تعزيز ما هو مشترك بيننا، وأن نتحرى الدقة والوضوح في تحديد المخاطر التي يشكّلها التطرف".
"تقويض لمبادئ الديمقراطية"
حذر منتقدون من أن التعريف الجديد قد يؤدي إلى تفاقم التوترات المجتمعية، ويعرّض الوزراء لتحديات قانونية إذا بقي تفسيره فضفاضاً للغاية.
وقال هول، المراجع الحكومي المستقل لتشريعات الإرهاب إن "كل محاولة لتحديث تعريف التطرف باءت بالفشل؛ لأنه من غير الواضح على الإطلاق ما الذي تحاول منعه من خلال تعريف التطرف".
وأضاف لبي بي سي "ما نراه [في التعريف الجديد] هو أنه يبتعد عمن يرتكب أموراً سيئة، ويستهدف من يفكر في السوء أو لديه أيديولوجية سيئة".
وقال أزهر قيوم، الرئيس التنفيذي لمنظمة المشاركة الإسلامية والتنمية (Mend)، إن "نزع الشرعية عن المعارَضة القانونية بهذه الطريقة، هو في حد ذاته تقويض لمبادئ الديمقراطية الليبرالية" وأنه "وضع الحكومة تحت الإشعار القانوني".
وتصف حركة "ميند" نفسها بأنها جماعة مناهضة للإسلاموفوبيا. وفي أوائل هذا العام، انتقدت قرار الحكومة بحظر حزب التحريرالإسلامي كمنظمة إرهابية، ووصفت القرار بالخطوة "المناهضة للديمقراطية".
صنداي تايمز: الجماعات المتطرفة تستخدم الإسلاموفوبيا كسلاح
"ليس كافياً"
عند الإعلان عن التعريف الجديد، واجه غوف أسئلة حول التعليقات المزعومة لأحد كبار المانحين من حزب المحافظين بشأن النائبة العمالية "ديان أبوت" كمثال على نوع القضية التي ستنظر فيها وحدة التطرف الجديدة.
وبحسب ما ورد، فقد صرح فرانك هيستر بأن النائبة جعلته يرغب في "كراهية جميع النساء السود" وأنه "ينبغي إطلاق النار عليها".
واعترف هيستر بأنه أدلى بتعليقات "وقحة" واعتذر عنها، لكنه أصر على أن تصريحاته "لا علاقة لها بجنسها أو لون بشرتها".
وقال غوف لراديو بي بي سي 4 إن التصريحات كانت "عنصرية" و"مروعة"، لكنه أضاف أن دور الفريق الجديد هو مراجعة "أيديولوجية" المنظمات وليس تقييم التعليقات الفردية.
وقالت نائبة زعيم حزب العمال أنجيلا راينر، التي تشغل أيضاً منصب وزيرة المجتمعات المحلية في حكومة الظل، إن التطرف "مشكلة خطيرة تحتاج إلى تحرك جدي" وإن "التعديل بتعريف جديد ليس كافياً".
وأضافت: "إن استراتيجية الحكومة لمكافحة التطرف تقادمت منذ تسع سنوات، وقد فشلت مراراً وتكراراً في تعريف الإسلاموفوبيا".
وفي رسالة مفتوحة نشرتها صحيفة الغارديان يوم الأحد، حث وزراء الداخلية السابقون في بريطانيا، بريتي باتيل وساجد جاويد وأمبر رود، المحافظين والعمال على "العمل معاً لوضع مفهوم مشترك للتطرف واستراتيجية لمنعه يمكن أن تصمد أمام اختبار الزمن، بصرف النظر عن الحزب الذي سيفوز في الانتخابات".
وقالوا: "في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة، من الأهمية بمكان الحفاظ على هذا الإجماع وألا يستخدم أي حزب سياسي هذه القضية للحصول على ميزة تكتيكية قصيرة المدى".
وقال بريندان كوكس، زوج النائبة المقتولة جو كوكس ومؤسس منظمة "ناجون ضد الإرهاب"، والذي وقع أيضاً على الرسالة، إن التعريف الجديد "ليس سياسة الأرض المحروقة التي كنا نخشاها قبل بضعة أسابيع".
بريطانيا "في حالة صدمة" جراء مقتل النائبة العمالية جو كوكس
وأضاف أن هناك "بعض العناصر البناءة" فيها لكن نهج الحكومة "أُسيئَت إدارته وأسيء التعامل معه".
التعليقات