كانبيرا: أكدت الصين وأستراليا عودة الاستقرار إلى علاقاتهما المتوترة منذ مدة طويلة بعد محادثات استضافتها كانبيرا الأربعاء، رغم التوتر الواضح بشأن كاتب مسجون في الصين والتجارة وحملات بكين الأمنية في هونغ كونغ وغيرها.

وزار وزير الخارجية الصيني وانغ يي أستراليا للمرة الأولى منذ العام 2017، في مؤشر على تراجع حدة التوتر الدبلوماسي بين الشريكين التجاريين اللذين اختلفا حيال الكثير من الأمور، من منشأ وباء كوفيد إلى إلى نشر قوات عسكرية.

ولفت وانغ إلى أن الجهود الأخيرة الرامية لإصلاح العلاقات "كسرت الجليد" وأن "الثقة المتبادلة" و"الزخم الجيّد" يتجسّدان ببطء في العلاقة.

وقال إن "الأمر الأهم هو الاستمرار في السعي إلى أرضية مشتركة مع استمرار الخلاف في وجهات النظر".

تسعى الصين وأستراليا لإصلاح علاقاتهما بعد سجالات وتدابير تجارية انتقامية على مدى سنوات.

وشددت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ على ضرورة الاعتراف "بمدى التقدّم الذي حققناه خلال فترة زمنية قصيرة".

ورغم إشادتها بعودة "الاستقرار" بين بكين وكانبيرا، ألمحت وونغ أيضا إلى عدة قضايا خلافية قائمة بين الطرفين.

وقالت "ناقشنا حكم السجن الصادر في حق يانغ هينغجون. أبلغت وزير الخارجية بأن الأستراليين مصدومون بالحكم المفروض".

صدر في شباط (فبراير) حكم بالإعدام مع وقف التنفيذ في حق الكاتب الصيني الأسترالي يانغ هينغجون بعدما دانته محكمة في بكين بالتجسس. ونفى الاتهامات بشدّة.

قالت وونغ "أثرت مخاوف أستراليا المرتبطة بحقوق الإنسان، بما في ذلك في شينجيانغ والتيبت وهونغ كونغ".

أقرّت هونغ كونغ الثلاثاء قانونا جديدا للأمن القومي يفرض عقوبات مشددة على الجرائم المرتبطة بالخيانة والتمرّد.

وأفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأسترالية بأن وونغ حذّرت نظيرها الصيني من أن القانون يمكن أن يؤدي إلى "تآكل الحقوق والحريات بشكل إضافي" وبأنه سيشكل خرقا للالتزامات الدولية و"يحمل تداعيات واسعة النطاق، تؤثر أيضا على أفراد في أستراليا".

وصدرت بيانات قوية عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والأمم المتحدة تنتقد سلطات هونغ كونغ على خلفية القانون، معربة عن قلقها حيال تأثيره على الحقوق والحريات في المدينة.

ونددت الصين الأربعاء بالدول التي انتقدت القانون. وقال الناطق باسم خارجيتها لين جيان في مؤتمر صحافي "تعرب الصين عن عدم رضاها القوي ومعارضتها الحازمة لدول ومؤسسات معيّنة تشهّر بقواعد الأمن القومي في هونغ كونغ وتلطّخ سمعتها".

تجمّع متظاهرون أمام مبنى البرلمان الأسترالي أثناء انعقاد اجتماع وزيري الخارجية بداخله، في محاولة للفت الانتباه إلى الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان في الصين.

ووقعت مواجهة لاحقا بين مجموعة صغيرة من المتظاهرين والشرطة أمام مقر السفارة الصينية حيث رفع المحتجون أعلام التيبت وهتفوا "الحرية للتيبت" فيما سارعوا باتّجاه البوابات الأمامية للمبنى.

قيود تجارية
وفي ظل مباحثات التجارة والأمن، أمضى الوزيران بعض الوقت يناقشان حيوانات الباندا العملاقة التي تعد من أدوات الدبلوماسية الصينية المفضّلة.

بدأت العلاقة بين أستراليا والصين بالتدهور في 2018 عندما استبعدت كانبيرا مجموعة هواوي العملاقة من شبكة الجيل الخامس لخدمة الانترنت فائقة السرعة لمبررات أمنية.

وبعد ذلك في 2020، دعت أستراليا إلى تحقيق دولي في منشأ كوفيد-19، في خطوة اعتبرتها الصين مدفوعة سياسيا.

فرضت بكين ردّا على ذلك قيودا تجارية على مجموعة من الصادرات الأسترالية تشمل الشعير ولحم البقر والنبيذ، بينما أوقفت وارداتها من الفحم.

وتم تدريجا إلغاء هذه القيود مع إصلاح العلاقة، رغم أن القيود ما زالت قائمة على صادرات النبيذ الأسترالية.

وأكّد وانغ أنه سيتخذ قرار نهائي بشأن الرسوم الجمركية على النبيذ أواخر الشهر الحالي، في مؤشر على إمكانية رفع القيود قريبا.

وقبل فرض القيود التجارية، كانت الصين أكبر وجهة للنبيذ الأسترالي الذي شكل 33 في المئة من عائدات الصادرات في 2020، وفق بيانات الحكومة الأسترالية.

وأكد وونغ أن المحادثات ركّزت أيضا على أسواق النيكل.

وشهدت أسواق النيكل العالمية تغييرا جذريا نتيجة ازدياد الصادرات من إندونيسيا مدفوعة باستثمارات صينية هائلة وثورة في تقنيات التكرير.

وتراجعت الأسعار بحوالى 40 بالمئة في العام الأخير وحده، ما دفع الكثير من الشركات الأسترالية التي كانت مهيمنة في الماضي لإعادة النظر في المشاريع أو خفض قيمة أصولها.