إيلاف من نيودلهي: إنها ببساطة أكبر ديموقراطيات العالم، ومن ثم قد تكون الأرقام المتعلقة بالعملية الانتخابية مذهلة، ولكنها واقعية قياساً بحجم الهند سكاناً ومساحة، حيث تشير الأرقام القادمة من نيودلهي، إلى أن هناك مليار ناخب يحق لهم التصويت، و15 مليون موظف يقومون بتنظيم العملية الانتخابية التي تستمر على مدار 6 أسابيع، وتحديداً 44 يوماً.
اعتبارا من الجمعة 19 نيسان (أبريل)، يتوجه نحو مليار شخص إلى صناديق الاقتراع بالهند للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية، ويعد ذلك تحديا لوجستيا كبيرا للبلد الذي يعتبر "أكبر ديمقراطية في العالم".
الاقتراع يمتد على مدى 6 أسابيع بمليون مكتب تصويت مع اتخاذ التدابير اللوجستية المناسبة وطريقة التصويت الملائمة.
900 مليون في 2019
مليار شخص، هو عدد الهنود الذي بلغوا 18 سنة فأكثر والمدعوون للإدلاء بأصواتهم في الاقتراع. في كل موعد انتخابي، تكسر الهند رقمها السابق في عدد الناخبين. في 2019، تم تسجيل 900 مليون ناخب على القوائم الانتخابية. من بينهم، 615 مليون شخص توجهوا إلى مكاتب التصويت ما جعل نسبة الإقبال تصل إلى 67 % وفق اللجنة الانتخابية الهندية.
مع أكثر من 1.4 مليار ، وفق آخر التقديرات في 2021، وفي بلد تتجاوز مساحته 3 مليون كم مربع، أي أكبر 6 مرات من فرنسا وبعدد سكان يصل لعشرين ضعفا، من الصعب تنظيم اقتراع في يوم واحد.
بالتالي، سيمتد الاقتراع على مدى 44 يوما أي أكثر من ستة أسابيع. سيبدأ في 19 نيسان (أبريل) وسينتهي في 1 حزيران (يونيو)، وفق إعلان اللجنة الانتخابية الهندية.
7 مراحل للتصويت
وطيلة هذه الفترة، سيتم استدعاء الناخبين على مراحل حسب المحافظة التي يسكنونها. في المجمل، ستكون هناك 7 مراحل للتصويت، في 19 و26 نيسان (أبريل) و7 و13 و20 و25 أيار (مايو) و1 حزيران (يونيو)
ولإضافة مزيد من التعقيد، إذا ما كان الاقتراع سيجرى في يوم واحد في 29 محافظة و 7مناطق تشكل الفدرالية الهندية فإنها ستمتد على عدة أيام في محافظات ومناطق أخرى على غرار أوتار براديش.
ومن المفترض أن يتم الإعلان عن النتائج في 4 حزيران (يونيو) .
الهند فخورة بشبابها
"الهند فخورة بشبابها، المليء بالحماس والطاقة، كلما زادت مشاركة شبابنا في العملية الانتخابية، كلما كانت نتائجها أفضل للبلاد" وفق تصريح رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي دعا "المؤثرين في البلاد" على يوتيوب وإنستاغرام إلى "المشاركة بكثافة في الحملة وتشجيع الناخبين الذي يشاركون لأول مرة".
ينص القانون الانتخابي في الهند ألا يكون كل ناخب على مسافة تزيد عن كيلومترين على حد أقصى من أقرب مركز اقتراع.
وهو ما يجعل موظفي الانتخابات ينقلون بطاقات التصويت بشتى الطرق وفي بعض الأحيان على ظهور الجمال والحمير والجواميس حسب طبيعة المنطقة لضمان عملية التصويت، بحسب تقرير "24 فرانس".
موظفون يقطعون 500 كم
وخلال انتخابات 2019، سار موظفون انتخابيون نحو 500 كم عبر الطرق الجبلية الوعرية لإقامة مكتب اقتراع لناخب واحد في محافظة أروناشال براديش في شمال شرق البلاد على الحدود مع الصين، وفق رويترز.
كما قام موظفون انتخابيون بإقامة خلوة على ارتفاع 4650 متر في قرية هيماشال براديش في قلب جبال الهيمالايا ما جعله أعلى مكتب اقتراع في العالم.
15 مليون موظف
تمت تعبئة 15 مليون موظف انتخابي في هذا الاقتراع من بينهم موظفون جيء بهم من قطاعات عامة أخرى وتم تكلفيهم مؤقتا بمهام في مكاتب التصويت.
في المجمل، سيتم انتخاب 543 نائبا لمجلس "لوك سابها" الذي يمثل الغرفة السفلى في البرلمان الهندي لولاية بخمس سنوات. وينضاف إلى ذلك مقعدان مخصصان للجالية "الإنكليزية-الهندية التي يعين الرئيس الهندي ممثليها.
وفي بلد يهيمن عليه النظام الطبقي منذ وقت طويل، حجز 84 مقعدا من 543 لمرشحي الطبقات المحددة أي "داليت" بهدف ضمان تمثيلهم.
ثلث المقاعد للنساء ؟
في المقابل، تبنت الحكومة الهندية في أيلول (سبتمبر) الماضي مشروع قانون يهدف إلى تخصيص ثلث المقاعد للنساء، ويتطلب الأمر عدة سنوات لتطبيق هذا الإجراء. وفي الوقت الحاضر، تمثل النساء 15 في المئة فقط من أعضاء البرلمان.
تعد الهند ديمقراطية تعددية حزبية ويوجد بها نحو 2660 حزبا سياسيا مسجلا. وسيحاول 8 آلاف مرشح نيل ثقة الناخبين للحصول على ولاية برلمانية تحت يافطة عدة مجموعات سياسية. وفي 2019، نجح 36 حزبا في الحصول على مقعد على الأقل في مجلس "لوك سابها".
حزبان يسيطران على البلاد
ولكن الواقع، يهمين حزبان على الحياة السياسية الهندية، حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي بزعامة مودي وحزب المؤتمر الذي يمثل أهم قوة معارضة بالبلاد منذ وقت طويل وتسيطر عليه عائلة نهرو غاندي. ويتبنى هذا الحزب "العلمانية" أي تعامل الدولة على قدم المساواة مع كل الأديان. ولزيادة النفوذ بالبرلمان، يتزعم كل حزب تحالفا سياسيا. حيث يمثل حزب مودي أهم طرف في التحالف الديمقراطي الوطني وهو تكتل سياسي مصنف على اليمين ووسط اليمين فيما يتزعم حزب المؤتمر التحالف التقدمي الموحد المصنف في وسط اليسار.
في 2019، حصل حزب مودي على غالبية ساحقة بفوزه بـ303 مقعدا له و353 لتحالفه السياسي إجمالا. فيما اكتفى حزب المؤتمر بـ52 مقعدا له و91 في تحالفه السياسي.
إذا ما فاز ناريندرا مودي البالغ 73 عاما بالاقتراع مجددا، ذلك يعني أنه ضمن البقاء 15 عاما في زعامة الهند. فبعد عشر سنوات من قيادة البلاد، يتمتع مودي بتأييد يصل إلى 80 بالمئة وفق تحقيق نشرته "بيو" في العام الماضي.
وتعاني المعارضة من خلافات داخلية فيما يشير ناشطون حقوقيين أن تحقيقات قضائية ذات صبغة سياسية تهدف إلى تعطيل أي منافس لحزب بهاراتيا جاناتا.
وإذا ما كان فوز حزب مودي في حكم المؤكد، تختلف التقديرات بشأن حجم هذا الفوز. ويؤكد قادة الحزب سعيهم للحصول على 400 مقعد من أصل 543 متنافسا عليها في الغرفة البرلمانية السفلى.
التعليقات