إيلاف من بيروت: تتبنى صحيفة "بوليتيكو" الشهيرة وجهة النظر الغربية في تحليلها لاحتفالية يوم النصر في روسيا، حيث أشارت إلى أن روسيا تتوحد خلف "الديكتاتور" بوتين، ولكن هناك أصوات معارضة خافتة وخائفة لا تجد من يعبر عنها.

وفي تقرير لها أقرب إلى مقال (الرأي) قالت الصحيفة :"بالنسبة لبعض الروس، يعد يوم انتصار بوتين هو أحلك أيام العام، فالزعيم المستبد في روسيا يقتل معارضيه ويطالب بالولاء المطلق، لكن لا يزال لديه منتقدون، ويشعرون أنه سرق تاريخهم".

لم يكن يوم النصر الذي أقيم الخميس بمثابة تكريم لانتصار الاتحاد السوفييتي الباهظ الثمن في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا النازية، والذي قُتل فيه حوالي 27 مليون مواطن سوفييتي، بقدر ما كان بمثابة بروفة لحلم الانتصار القادم على أوكرانيا ومؤيديها.

وفي خطاب ألقاه في الميدان الأحمر، اتهم بوتن الغرب بالتصعيد والرغبة في "نسيان دروس" الحرب العالمية الثانية.

وتابعت بوليتيكو :"بوتين لديه بعض الأسباب ليكون واثقا، وبينما تنتظر أوكرانيا الحصول على أسلحة أكثر وأفضل، استعادت روسيا الزخم في ساحة المعركة، وقبل عام بالضبط، أثار أمير الحرب يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة فاغنر ، ضجة كبيرة من خلال تسجيل مقطع فيديو تحدث فيه بسخرية عن "الجد" - وهو لقب يستخدم غالبا لبوتين بين خصومه"، أين هو الآن؟ لقد مات بريغوجين.

وكذلك الحال بالنسبة لعدو بوتين، زعيم المعارضة أليكسي نافالني. وتم إسكات منتقدين آخرين، أو إنفيهم، أو الزج بهم في السجن.

آلام الحرب في أوكرانيا
لكن الجبهة الموحدة التي أشاد بها بوتين وعززتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية ليست سوى جزء من القصة، بالنسبة لجزء من المجتمع الروسي، يعد يوم النصر بمثابة تذكير سنوي مؤلم بالحرب الحالية في أوكرانيا، التي يرون أنها تشوه سمعة بلادهم وتشوه تاريخها، فضلا عن تاريخ أسرهم.

وقالت فاليريا، 20 عاماً، التي تم ارسال والدها للحرب : "بالنسبة لي، هذا ليس احتفالاً بل يوم حداد، كان جوهر هذا اليوم هو أنه لا ينبغي أن تكون هناك حرب أخرى أبداً، وهذا ما ضحى أجدادنا بحياتهم من أجله، ولكن بطريقة ما يحدث العكس تماما."

وقالت امرأة شابة عرفت نفسها باسم آلا، وهي قريبة أخرى لشخص يقاتل على الجبهة، لصحيفة بوليتيكو: "لا يمكن أن يكون هناك أي تشابه بين الحربين، ولا أستطيع الانتظار حتى تنتهي حرب اليوم بالحوار والسلام".

وقالت روسية مناهضة للحرب تحدثت إلى بوليتيكو على أساس عدم الكشف عن هويتها إنها غادرت المدينة عمداً لتجنب مواجهة الاحتفالات.

تاريخ مسروق
وقال أندريه كوليسنيكوف، وهو من مركز كارنيجي للأبحاث، إنه بالنسبة للعديد من الروس، يرتبط يوم النصر ارتباطا وثيقا بهويتهم، منذ أن جعله الزعيم السوفييتي ليونيد بريجنيف عطلة رسمية في عام 1965.

ويتابع :"يشعر معظم الروس وكأن عليهم الاتحاد مع بوتين من أجل الاحتفال بهذا التاريخ المهم، ولكن بالنسبة للأقلية، يبدو الأمر كما لو أنه سرق انتصار أسلافنا".

فضح تصريحات بوتين
ركزت وسائل الإعلام الروسية المستقلة يوم الخميس إلى حد كبير على فضح تصريحات بوتين أو تسليط الضوء على تكلفة حربه، وفي رسالة نُشرت على تطبيق تيليغرام، شارك السياسي المعارض إيليا ياشين، الذي يقبع خلف القضبان لتحدثه علناً عن جرائم الحرب الروسية في مدينة بوتشا القريبة من كييف، صورة لجده المحارب القديم.

وكتب: "لو أخبروا جدي أن روسيا ستقصف كييف وخاركيف وأوديسا، وأن الروس والأوكرانيين سيقتلون بعضهم البعض على طول خط المواجهة عبر دونباس، ربما لم يكن ليصدق ذلك، وأنا الآن أجد صعوبة في تصديق ذلك."