إيلاف من زيوريخ: عبر صفحات "بوليتيكو" كتب الحاخام السويسري بنحاس جولدشميدت (رئيس حاخامات أوروبا) شاكياً من أن اليهود في القارة العجوز يعانون من مشكلات تتعلق بارتفاع موجة معاداة السامية، وأنهم يشعرون بالخوف على أوضاعهم ومستقبلهم في أوروبا.

وتابع :"كمواطن سويسري، لن أصوت في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، ولكن إلى حد ما، في هذه اللحظة، فإن كونك أوروبياً من دولة خارج الاتحاد الأوروبي، وبالتالي عدم المشاركة، يعد أمراً مريحاً، وذلك لأنني كيهودي وحاخام، مثل العديد من إخواني في الدين، أواجه معضلة متزايدة في ولائي السياسي".

معاداة السامية
وأضاف جولدشميدت :"في جميع أنحاء أوروبا، أصبحت الأحزاب السائدة وذات الميول اليسارية، التي كانت تقليديا مؤيدة قوية للديمقراطية وحقوق الأقليات، أكثر انتقادًا لإسرائيل وأكثر تعاطفاً مع معاداة السامية المتزايدة في القارة، وفي الوقت نفسه، أصبحت الأحزاب ذات الميول اليمينية، بما في ذلك بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة التي اعتنقت تاريخياً معاداة السامية، أكثر دعماً لإسرائيل وتتخذ موقفاً قوياً ضد التطرف الإسلامي، وإن كان ذلك غالباً ما يكون مشحوناً بالعنصرية وكراهية الأجانب".

يهود أميركا
وعن أوضاع يهود أميركا في الفترة الراهنة، قال جولدشميدت: "هذا لا يختلف عن الكيفية التي يظل بها اليهود الأميركيون ممزقين بين الرئيس جو بايدن الذي طالما حشد حزبه الديمقراطي من أجل الأقليات والمساواة ولكنه يتسامح الآن مع المتظاهرين في الحرم الجامعي الذين يطالبون بنهاية إسرائيل ، وبين دونالد ترامب، الذي يتبنى خطابا مناهضا للديمقراطية ولكنه ينتقد حماس علانية، لإرهابها والترويج لقمع المظاهرات في الحرم الجامعي".

مستقبل غامض لليهود في أوروبا


ويضيف :"في أوروبا، لا نستطيع أن نتجاهل هذه المعضلة، مستقبلنا ذاته أصبح على المحك، وكيف أن مكانتنا في أوروبا أصبحت محفوفة بالمخاطر على نحو متزايد، وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، انخفض عدد السكان اليهود في أوروبا بنحو 60% ، ومن المرجح أن يتقلص أكثر من ذلك، والآن يشكل اليهود أقلية صغيرة من سكان القارة، ويميلون إلى التركز في مدن معينة، لدرجة أنه في استطلاع حديث للرأي ، كشف 59% من البولنديين و41% من الألمان أنهم لم يلتقوا أبدا بشخص يهودي".

تأثيرات هجوم 7 أكتوبر
ولكن ماذا عن تأثيرات هجوم 7 تشرين الاول (أكتوبر)؟ عن ذلك كتب جولدشميدت :"لقد انفجرت معاداة السامية أيضا، مع تزايد الحوادث عدة مرات منذ أن شنت حماس هجماتها على إسرائيل مؤخراً، وهذا على الرغم من اعتماد استراتيجية على مستوى الاتحاد الأوروبي لمكافحة معاداة السامية في عام 2021".

حماية اليهود مكلفة أمنياً
وكشف رئيس حاخامات أوروبا عن بعد جديد، قائلاً :"في البيئة الحالية، أصبحت التكاليف الأمنية للمجتمعات اليهودية الآن فلكية، حيث أصبحت المعابد اليهودية والمدارس والمؤسسات الأخرى أكثر اعتمادا على المساهمات الحكومية لتغطية النفقات، على سبيل المثال، أعلنت الحكومة السويسرية مؤخراً أنها ستضاعف تمويلها لتأمين المجتمعات الدينية، وهناك 32 مجتمعاً ومؤسسة من أصل 34 مؤهلة للحصول على مثل هذا الدعم الحكومي هي يهودية".

تحول في الميول السياسية
وتابع :"ووسط هذه التغييرات، كان هناك أيضا تحولاً في الميول السياسية لهذه المجتمعات، لقد دعم اليهود في جميع أنحاء أوروبا تقليديا الأحزاب السائدة أو ذات الميول اليسارية، متجنبين الأحزاب اليمينية المتطرفة بسبب علاقاتهم بمعاداة السامية التاريخية، ولكن على مدى العقد الماضي، بدأت العديد من هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة في بذل جهود للتنديد بهذه الروابط، مستفيدة أيضا من المصلحة المشتركة المتصورة في مكافحة الإرهاب الإسلامي لتحقيق نجاحات مع الناخبين اليهود".

اسرائيل تضمن أمان يهود العالم
ويرى جولدشميدت أن مثل العديد من اليهود الأوروبيين أن وجود إسرائيل قوية، مدعومة بحلفائها في أوروبا وأماكن أخرى، أمر ضروري لضمان أمن اليهود في جميع أنحاء العالم.

تصويت اليهود
وعن الانتخابات الأوروبية كتب الحاخام السويسري :"على الرغم مما يقرره الناخبون اليهود - وهم أقلية صغيرة - عند الإدلاء بأصواتهم هذا الأسبوع في الانتخابات الأوروبية، يبدو أن اليمين المتطرف سوف يهيمن على البرلمان الأوروبي، ويتوقع المحللون أن يتمكنوا من تأمين ما يقرب من 30% من جميع الأصوات في جميع أنحاء الكتلة المكونة من 27 دولة، فهل يمكننا حقا التعايش مع ذلك"؟

مستقبل غامض
واختتم مقاله التحليلي قائلاً :"نحن كيهود، نشعر أننا لم يعد بوسعنا الاعتماد على التجسيد السائد المفترض للقيم المثلى للديموقراطية الأوروبية لدعم سلامتنا أو تقرير مصيرنا، لا شك أن هناك الكثير من عدم اليقين، ومع ذلك، هناك شيء واحد واضح: نحن نخشى على مستقبل أوروبا ومكانتنا فيها كأقلية، بغض النظر عن طريقة تصويتنا وبغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الأوروبية".