تلقى زوجان يعيشان في مدينة كانو، المعروفة بلقب "عاصمة الطلاق" في نيجيريا، الثناء على زواجهما الطويل بعد أن احتفلا مؤخراً بالذكرى 50 لزواجهما.

تحدث محمود كبير يوسف ورابياتو طاهر لبي بي سي، عن أسرار سعادتهما، وعن أسباب فشل الكثير من الزيجات في مدينة كانو الشمالية، في مقطع فيديو أثار الكثير من التعليقات.

ويعزو يوسف البالغ من العمر 76 عاماً، ذلك إلى طبيعة زوجته السخية والكريمة، قائلا لبي بي سي: "إنها شخص غير أناني على الإطلاق وتتغاضى عن الكثير مما ساهم في نجاح زواجنا".

رسم كلام يوسف البسمة على وجه زوجته طاهر، وهي في أواخر الستينيات من عمرها، مشيدة بقدرة زوجها على التزام الهدوء في مواجهة الصعوبات التي تواجهها جميع العائلات، حيث أنجب الزوجان 13 طفلاً.

وقالت: "إنه رجل صبور للغاية وأشعر أن هذا مفتاح آخر لنجاحنا".

وخلال المقابلة التي تخللها ضحك الزوجان عدة مرات، يقول الثنائي إنهما يحبان ويحترمان بعضهما البعض، ومن الواضح أنهما يستمتعان بصحبتهما.

كيف تبدو الحياة في "عاصمة التوائم في العالم"؟

ما حقيقة وقوع جرائم اغتصاب وتعذيب على يد زعيم كنيسة "كل الأمم" الراحل في نيجيريا؟

بالنسبة لحسنة محمود المطلقة البالغة من العمر 39 عاماً والتي تزوجت خمس مرات، فهذه مفاجأة، فهي معجبة بالزوجين ورضاهما الواضح.

وقالت: "في جميع زيجاتي، أمضيت أربع سنوات فقط مع زوجي، لذا فإن رؤيتهم على وسائل التواصل الاجتماعي يحتفلون بهذا الإنجاز كان أمراً رائعاً".

أضافت، وهي أم لأربعة أطفال: "كان أزواجي جميعهم لطفاء ويهتمون بي أثناء فترة الخطوبة ولكنهم تغيروا بعد الزفاف".

"أشعر بالسوء عندما أسمع الناس يطلقون على كانو لقب "عاصمة الطلاق في نيجيريا"، وآمل أن تتغير الأمور"، وفق حسنة.

اكتسبت كانو هذا اللقب بعد أن بدأت معدلات الطلاق في الارتفاع في التسعينيات من القرن الماضي، ولم تتمكن من التخلص من هذا التصنيف غير المرغوب فيه.

وتنهار مئات حالات الزواج كل شهر في الولاية الأكثر اكتظاظاً بالسكان في نيجيريا، والتي تعد عاصمتها مدينة كانو المركز التجاري في الشمال.

وفي عام 2022، كشف بحث أجرته بي بي سي، بالتعاون مع الحكومة المحلية النيجيرية، أن 32% من حالات الزواج في ولاية كانو لا تستمر إلا لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.

وكشف البحث أيضاً أن بعض الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عامًا قد تزوجوا ثلاث مرات.

وصول العرائس لحضور حفل زفاف جماعي في مسجد كانو المركزي عام 2023
Getty Images

ويشكل حجم حالات الانفصال مصدر قلق، خاصة بالنسبة لـ "الحسبة"، وهي وكالة إسلامية تمولها ولاية كانو وتتعامل مع القضايا الأخلاقية وتفرض الشريعة الإسلامية في الولاية.

وتضم الوكالة وحدة شرطة تفرض أموراً مثل الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة وحظر الكحول على المسلمين، الذين يشكلون غالبية السكان، كما توفر خدمة استشارية تهدف إلى مساعدة الأزواج المتعثرين.

وكثيراً ما يمكن رؤية طوابير طويلة من النساء يصطفن خارج مكاتبها للشكوى من أن أزواجهن السابقين لا يساعدونهن في إعالة أطفالهن.

يميل الناس في كانو إلى الزواج في سن مبكرة، غالباً قبل السن القانونية البالغة 18 عاماً.

ويشعر البعض أن طريقة الطلاق السهلة في الإسلام قد تكون عاملاً، حيث يمكن للأزواج ببساطة أن يقولوا لزوجاتهم: "أنت طالق" أو يكتب ذلك على قطعة من الورق وينتهي الأمر، وفي الوقت الحاضر تكفي رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي لإنهاء الزواج.

أمينو دوراوا يعمل في الحسبة لمعالجة معدلات الطلاق المرتفعة، ومن بين الحلول التي يقدمها هي إعطاء فرصة ثانية للأزواج وإعدادهم بشكل أفضل للحياة الزوجية.

تنظم الوكالة زيجات جماعية، تُعرف باسم "أورين زواراوا"، وهي للمطلقات بشكل أساسي، حيث تعمل كوسيط للزواج على نطاق واسع.

كما تقدم للأزواج الجدد، الذين يحظون بحفل زفاف كبير، مبلغاً صغيراً لمساعدتهم في إنشاء مشروع تجاري وشراء الأثاث المنزلي الأساسي.

وبدأت هذه المبادرة في عام 2012، وعلى الرغم من ذلك، يعترف دوراوا بأن معدلات الطلاق لا تزال مرتفعة.

وقال: "نحن نعلم بهذه المشكلة، ولهذا أسسنا لجنة لمتابعة كل زوج بعد الزواج لكي لا نحصل على نفس النتائج السابقة".

توزيع بعض الأدوات على الأزواج في حفلات الزفاف الجماعية في كانو لمساعدتهم
AFP

لكن هاديزا أدو، مؤسسة منظمة مبادرة النساء والأطفال غير الحكومية، تقول إن عدد حالات الطلاق مستمر في الارتفاع.

وقالت لبي بي سي: "في الوقت الحالي نستقبل ما يصل إلى 30 طلب زواج يومياً في مكاتبنا المختلفة".

وأشارت إلى أن الاقتصاد النيجيري المضطرب هو السبب الرئيسي بالطلاق في الوقت الحالي، إذ "يذهب الأزواج لكسب لقمة العيش وفي بعض الأحيان يعودون إلى المنزل بلا شيء، مما يسبب خلافات".

تُعتبر الاستعانة بوسطاء للزواج أمراً شائعاً في كانو لأنه مجتمع إسلامي لا يختلط الأشخاص العزاب من الجنسين فيه، لذلك من الصعب مقابلة شركاء محتملين ومناسبين.

المكان الوحيد الذي يختلط فيه الجنسين هو الجامعة أو مؤسسات التعليم العالي الأخرى، والتي لا يرتادها معظم الناس.

وغالباً ما يتزوج الأشخاص دون أن يعرفوا بعضهم البعض تقريباً، في الواقع، تم تعريف محمود كبير يوسف وتقديمه إلى ورابياتو طاهر عندما كانا صغيرين من قبل امرأة كبيرة في السن في الحي الذي يعيشان فيه.

لقد كانت هي التي شعرت أنهما سيكونان زوجين مناسبين، لكنهما لم يعقدا قرانهما لمدة 12 عاماً أخرى، مما أتاح لهما متسعاً من الوقت للتعرف على بعضهما البعض.

رابيو أدو، الذي يتمتع بسمعة طيبة في التوسط لزيجات ناجحة
BBC

وقال رابيو أدو، الذي يتمتع بسمعة طيبة في التوسط لزيجات ناجحة، لبي بي سي، إن هذا هو المفتاح، "يجب إجراء الكثير من التحقيقات قبل الزواج لمعرفة الأشخاص المعنيين".

لقد تم تعيينه كوسيط منذ 10 سنوات، فيما لم يكن الرجل البالغ من العمر 46 عاماٍ ينوي أن يصبح وسيط زواج، رغم أن ذلك كان عمل والدته.

كان يعمل سائق شاحنة عندما شكى له أصدقاؤه صعوبة العثور على شريك، وبعد أن قدم بعض النصائح الناجحة، أدرك أن لديه موهبة في ذلك.

ولدى أدو الآن، لوحات إعلانية تسوق لخدماته، ويستقبل ما بين واحد إلى خمسة عملاء يومياً.

يجري مقابلات مع العملاء ويتعرف على مواقفهم وتوقعاتهم، ويوضح أنه في كثير من الأحيان، يريد الرجال امرأة يمكنها كسب المال، وتريد النساء رجالاً أثرياء.

"يتزوج الكثير من الناس بعقلية خاطئة، ولهذا السبب يصابون بخيبة أمل بعد مرور بعض الوقت"، وفق أدو الذي يقول إنه نظم حوالي 500 زيجة خلال العقد الماضي، بنسبة نجاح تزيد عن 90%، وينصح الأزواج بأن يأخذوا وقتاً للتعرف على بعضهم البعض جيداً قبل الزواج.

ويقول آدو، الذي يحمل لقب "ماي دليلي" ويعني "الذي يجعل الأمر يمكن تحقيقه"، إن ارتفاع عدد حالات الطلاق يعني أن بعض الناس لا يأخذون الزواج على محمل الجد.

ويضيف: "أشعر أن سبب ارتفاع معدلات الطلاق في كانو هو أن الناس يشعرون بأنه يمكنهم دائماً الحصول على شخص آخر بعد الطلاق."

محمود كبير يوسف وربياتو طاهر يعرفان بعضهما لمدة 12 عامًا قبل زواجهما
Mahmud Kabir Yusuf

يدافع رجل الدين الإسلامي عبد الله إسحاق قرنغاماوا عن سهولة الطلاق في الإسلام، وقال لبي بي سي: "الإسلام رحيم وجعل الزواج والطلاق ليسا صعبين حتى لا يشعر الناس أنهم مقيدين عندما لا تسير الأمور على ما يرام".

ويقول: "في الماضي، لم نكن نشهد هذا العدد الكبير من حالات الطلاق، حيث كان آباؤنا متزوجين لعقود، وفي الآونة الأخيرة، بدأ الناس في إساءة استخدام هذه العملية لتحقيق مصالح أنانية".

"ولكن في جوهر الأمر، وعلى عكس بعض الديانات التي تعتبر الزواج إلى الممات بغض النظر عن الوضع، شرّع الإسلام الطلاق عندما تخرج الأمور عن السيطرة".

من جهته، أوضح يوسف، الذي كان يعمل في الخطوط الجوية النيجيرية، أن تقاسم صعوبات الحياة ومساعدة بعضنا البعض كان أمراً بالغ الأهمية لشراكته الدائمة والمتينة مع طاهر.

"الحب هو المفتاح أيضًا لأنه عندما تحبون بعضكم بعضاً بإخلاص، فإنكم تميلون إلى البقاء معاً... نصيحتي للأشخاص الذين يقبلون على الزواج هي ألا يدخلوا فيه لأسباب أنانية وشخصية، بل بنية صادقة".

وتوافق زوجته على ذلك، مضيفة: "نصيحتي الخاصة هي أنه يجب على الأشخاص الراغبين في الزواج أن يتحلوا بالصبر مع بعضهم البعض، إذا كان أحد الشريكين غاضباً، فيجب على الآخر أن يكون هادئاً".