إيلاف من تل أبيب: حينما يقال أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي "مجلس الحرب" سوف يجتمع في "الحفرة" كما أفادت وسائل إعلامية إسرائيلية بأنه من المقرر أن يجتمع في تل أبيب عند الساعة 9 مساء، فإن "الحفرة" مقصود بها غرفة القيادة تحت الأرض في المقر العسكري في كيريا.

وهي التي كانت تسمى قبل ذلك بـ"الحفرة"، ولاتزال لدى البعض تسمى بنفس الإسم، ولكنها على أي حال تم تطويرها على مدار سنوات (10 سنوات من العمل) تحت مسمى "قلعة صهيون"، وهو مكان تحت الأرض ومخصص لمناقشة تفاصيل وخطط الحروب.

وفي الوقت الذي يعيش السنوار ورفاقه في أنفاق غزة كما يقال، فإن نتانياهو وفريقه يلجأون في كثير من الأحيان لـ"الحفرة".

وكما نشرت نيويورك تايمز من قبل بواسطة الصحفي الاسرائيلي رونن برغمان"وهو من القلائل الذين تم السماح لهم بزيادة الحفرة"، فإن هذا المكان يقع تحت الأرض بالطبع، وفي قلب تل أبيب، وهو مقر القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، وقد تمت منه إدارة الحملة العسكرية الأخيرة على قطاع غزة.

حروب عالية التقنية
ويقول الإسرائيليون إنه صمم خصيصا لقيادة الحروب الجوية عالية التقنية التي حلت محل العمليات البرية التي تخوضها الدبابات وقوات المشاة.

هذا المكان هو "مركز العصب" لمجمع مترامي الأطراف يعرف بـ"قلعة صهيون"، وهو مقر عسكري جديد "يعد الأكثر سرية وتحصينا في إسرائيل".

ويرى برغمان أن السماح له بزيارة المركز، تأتي على الأرجح في إطار "مساعي إسرائيل لإظهار قوتها العسكرية والتكنولوجية.

صمت مطبق تحت الأرض
أول ما يلفت الانتباه عند دخول هذا المكان القابع تحت الأرض -يقول برغمان- هو الصمت المطبق "فلا تبدو هنا أي من مظاهر ومآسي الحرب والجميع مركزون وفي يقظة تامة".

ويختص هذا المركز بوجه أساسي -يضيف برغمان- بتنفيذ العمليات التي تعتمد بدرجة كبيرة على المعلومات الاستخبارية والتي تنفذ من الجو أو على يد مجموعات صغيرة من القوات الخاصة، إذ يقوم بتجميع المعلومات من وكالات الاستخبارات المختلفة في قاعدة بيانات واحدة ويحولها إلى خطط وتوجيهات عملياتية.

تنسيق مخابراتي
ويقول الكاتب إنه في الظروف العادية، يعمل هنا ما بين 300 و400 جندي على مدار الساعة لكن حينما قررت إسرائيل شن هجوم جوي على غزة انضم آلاف من مقار عسكرية فوق الأرض إلى المخبأ، كذلك حضر إلى المكان أعضاء من وكالات المخابرات المختلفة مثل الموساد والشين بيت ووكالة الأمن الداخلي (الشاباك) وممثلون عن وزارة الخارجية وأجهزة الشرطة، قادوا جميعهم على مدى 11 يوما الحملة العسكرية على القطاع.

وداخل هذه الغرفة السرية تم توزيع نحو 70 شخصا على مستويات مختلفة حتى يتمكن الجميع من رؤية الشاشات الموجودة على الحائط، معظمهم شباب تحت سن الـ25 يرتدون زيا عسكريا أما الأكبر سنا فيرتدون ملابس مدنية.

يجلس الجميع -يضيف برغمان- إلى طاولات مجهزة بحواسيب وهواتف أرضية وأجهزة اتصال أخرى "أكثر غموضا"، وبعض لوحات المفاتيح أمامهم تخولهم إدخال بيانات آنية على الشاشات المعلقة على الحائط، وهي شاشات يظهر بعض منها توزيعا مفصلا لخريطة الأهداف والهجمات التي نفذت أو الأضرار التي لحقت بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

كذلك يمتلك المركز خريطة أخرى لمواقع القوات البرية والطائرات العسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفق الكاتب.

ضد النووي وبها طاقة وغذاء لفترات طويلة
ويؤكد برغمان أن تصميم "قلعة صهيون" وبناءها استغرقا 10 سنوات إذ حُفرت في أعماق الأرض وهي محمية من تهديدات عدة بما في ذلك الهجمات النووية، كذلك تحتوي على ما يكفي من مصادر الطاقة والغذاء والماء للعمل في ظروف استثنائية مددا طويلة.

والمقرّ في الواقع امتداد لمركز قيادة قديم كان يسمى بـ"الحفرة"، تم توسيعه مرات عدة لكنه عُدّ صغيرا جدا وكئيبا وكان يعاني مشكلات في الكهرباء والصرف الصحي.

ويتصل المركز الجديد عبر وسائط تكنولوجية بمركز قيادة آخر تحت الأرض خاص بالقادة السياسيين يوجد بالقرب من القدس، وبمقرين سريين آخرين لقيادة القوات الجوية والشاباك.

وتقوم -يضيف الكاتب- الوكالات العسكرية والاستخباراتية المختلفة بتزويد المركز بالمعلومات ولكل منها ممثل فعلي هناك، حيث يتيح هذا الدمج العملياتي توجيه عدد كبير من الضربات للخصم بنسق شبه دائم.

جيم وكنيس ومطبخ
ويضم المجمع أيضا صالة رياضية وكنيسا ومطبخا وغرفا لتناول الطعام وغرف نوم للضيوف مع صف من الساعات معلقة على الحائط تشير إلى توقيت دول عدة عبر العالم منها إيران، وتوجد داخله صالة بها طعام ومشروبات غير كحولية وهو المكان الوحيد الذي يسمح فيه للجنود باستخدام هواتفهم المحمولة.

وقد اختصت بأحد الطوابق -يضيف برغمان- القيادة العليا للجيش، حيث غرفة نوم خاصة برئيس الأركان مع أثاث بسيط كما هو حال باقي أنحاء المخبأ، كذلك بذلت جهود لإضفاء أجواء لطيفة على المجمع ككل فزيّنت غرفه وممراته بصور لمناظر طبيعة خلابة، وعلق على أحد جدرانه اقتباس مأثور لمؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن غوريون قال فيه "في أيدي هذا الجيش.. أمن الشعب والوطن".