إيلاف من مراكش: تسارع الصين في محاولاتها للتعافي من الأزمة الاقتصادية التي واجهتها لسنوات، وخاصة بعد تأثيرات جائحة كورونا، من خلال إعادة تنشيط قطاعها التصديري الضخم، وخصوصاً في المجال الصناعي. غير أن هذه الاستراتيجية، وفقاً لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، قد تفرض ضغوطاً كبيرة على الشركات العالمية، وقد تُشعل فتيل حرب تجارية جديدة.

تستند هذه السياسة إلى "حسابات جريئة، لكنها محفوفة بالمخاطر" من جانب بكين، التي ترى أن زيادة الاستثمار في التصنيع يمكن أن يعيد النشاط الاقتصادي للبلاد ويعزز من قدرتها الصناعية على الصمود، دون أن تثير ردود فعل قوية من المجتمع الدولي.

"أنشئوا الجديد قبل أن تتخلصوا من القديم"
ورأى بعض خبراء السياسات في بكين الذين قدموا المشورة للمسؤولين هناك، أن القيادة الصينية واجهت مفترق طرق حاد خلال العام الماضي، إذ أدى انهيار سوق العقارات إلى تراجع الاقتصاد لمستوى لم يشهده منذ عقود.

وأمر الرئيس الصيني شي جين بينج المسؤولين، بالتوسع في نموذج التصنيع الذي تقوده البلاد عبر ضخ مليارات الدولارات من الإعانات والاعتمادات الجديدة، ولضمان وصول الرسالة إلى مسؤوليه، استخدم شعار "أنشئوا الجديد قبل أن تتخلصوا من القديم"، أو xian li hou po باللغة الصينية.

وبحسب تقرير نشرته "وول ستريت جورنال"، الخميس، فإن "الجديد" في نموذج شي جين بينج لا يعني التحول إلى نموذج نمو جديد، وإنما "تنقيح فكرته بشأن نوع التصنيع الذي يتعين على الدولة دعمه".

ويدعو هذا الشعار في جوهره إلى بناء الصناعات التي تريد الصين الهيمنة عليها في المستقبل، على غرار السيارات الكهربائية وأشباه الموصلات والطاقة الخضراء، مع الحفاظ في الوقت نفسه على مساحات القوة التقليدية في القطاعات "القديمة"، مثل الحديد الصلب، وتأجيل أي مشاكل تتعلق بالقدرة الفائضة إلى المستقبل.

وقال مستشارو السياسات الصينية لـ"وول ستريت جورنال"، إن هناك مبدأين يحكمان تفكير الرئيس شي جين بينج، أولهما هو أن بكين يجب أن تبني سلسلة توريد صناعية شاملة يمكنها إبقاء الاقتصاد المحلي قيد العمل حال تعرضه لعقوبات من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، أما المبدأ الثاني فيتمثل في الاعتراض الفلسفي المتجذر على الاستهلاك الذي يُجسّده النمط الأميركي، والذي يعتبره شي جين بينج "ضرباً من التبذير".

حرب تجارية جديدة؟
إن حلول بكين لاقتصادها الضعيف، عن طريق وضع قطاع المصانع الصيني على المنشطات، يضغط على الشركات في جميع أنحاء العالم ويثير شبح حرب تجارية عالمية جديدة.

كما أن قرار الاتحاد الأوروبي الأخير بفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية المستوردة ليس سوى أحدث علامة على تفاقم التوترات.

من جانبها، رفعت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام الرسوم المفروضة على الصلب والحديد والألومنيوم والسيارات الكهربائية والخلايا الشمسية وغيرها من المنتجات الصينية.

إن حلول بكين لاقتصادها الضعيف - عن طريق وضع قطاع المصانع الصيني على المنشطات - يضغط على الشركات في جميع أنحاء العالم ويثير شبح حرب تجارية عالمية جديدة.

كما أن قرار الاتحاد الأوروبي الأخير بفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية المستوردة ليس سوى أحدث علامة على تفاقم التوترات.

من جانبها، رفعت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام الرسوم المفروضة على الصلب والحديد والألومنيوم والسيارات الكهربائية والخلايا الشمسية وغيرها من المنتجات الصينية.

من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة الخارجية جامعة حلوان صابر شاكر في حديث خاص لسكاي نيوز عربية، أن الصين سترد بقوة على أي رسوم جمركية أميركية، محذرا من أن عودة ترامب قد تشكل تهديدا للتجارة العالمية.

ورفعت تركيا الرسوم المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية، بينما رفعت باكستان التعريفات المفروضة على القرطاسية والمطاط الصيني.
كما أجرت دول أخرى تحقيقات مكافحة الإغراق لمعرفة ما إذا كانت البضائع الصينية تباع بأقل من قيمتها العادلة.

وراء كل ذلك، هناك حسابات جريئة لكنها محفوفة بالمخاطر من جانب بكين بأن الاستثمار أكثر في التصنيع يمكن أن يعيد الحيوية الاقتصادية للبلاد ويبني مرونة صناعية دون أن يتسبب في الكثير من الضغط الدولي الذي يهدد مستقبل الصين.